رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحُسن والقُبح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأشاعرة ذهبوا إلى أن العدل الإلهى مطلق، وعلى هذا فالله تعالى هو الذى يحدد طبيعة الحسن والقبح، وأن العقل الإنسانى لا دخل له فى التمييز بين هذين الأمرين، فلو أمر الله بالكذب لانقلبت طبيعته فيصبح حسنًا، ولو نهى عن الصدق لأصبح قبيحًا وشرًا، «ولا يجب على الله تعالى شىء ما بالعقل: لا الصلاح، ولا الأصلح، ولا اللطف. وكل ما يقتضيه العقل من جهة الحكمة الموجبة، فيقتضى نقيضه من وجه آخر». والفعل الإلهى- عند الأشاعرة- يجب أن يُنظر إليه من منطق أن الله قادر على كل شىء، وأنه فعَّال لما يريد. فكل ما يقدره ممكنًا لا فرق فى ذلك بين الخير والشر، أى أن كل شىء منه عدل وحكمة لأنه «هو المالك فى خلقه: يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد؛ فلو أدخل الخلائق بأجمعها الجنة لم يكن حيفًا، ولو أدخلها النار لم يكن جورًا؛ إذ الظلم هو: التصرف بما لا يملكه المتصرف، أو وضع الشىء فى غير موضعه؛ وهو المالك المطلق، فلا يتصور منه ظلم، ولا يُنْسَب إليه جور».
ومن المنطلق السابق، يمكننا بيان خيرية الأفعال الإلهية عند المعتزلة من خلال قضيتين مهمتين: الأولى، أن أفعال الله كلها حسنة محمودة العواقب، إذ يستحيل عليه تعالى فعل القبح. 
الثانية، أن الله تعالى حكيم، أى أن أفعال الله تهدف إلى غاية مقصودة، وأنه تعالى منزه عن فعل الشر.
ولإبراز القضية الأولى فقد بيَّنا- من قبل- أن أفعاله تعالى كلها حسنة، ذلك لأنه «عالمٌ بقبح القبيح، ومستغن عنه، وعالمٌ باستغنائه عنه، لذلك لا يختار القبيح بوجه من الوجوه». كما أن الله لا يفعل إلا الحسن، و«يتنزه عن كل قبيح على اختلافه، لذلك فإن كل أفعاله لا تكون إلا حكمة وصوابًا». والمقصود أن نبين- كما ذهب «القاضى عبدالجبار»- «أنه تعالى لا يفعل إلا الحسن، ولا بد من أن يفعل الواجب، ولا يتعبد بما يُتعبد به إلا على وجه يحسن. ولا يصح أن نبين تنزيهه عن القبيح إلا بعد الدلالة على أنه قادر على ما إذا فعله كان قبيحًا؛ وبعد الدلالة على أن القبيح لا يستحيل منه لأمر يرجع إلى أحواله، نحو كونه: ربًا، مالكًا، ناهيًا، حادًا». إذن، فأفعال الله تعالى كلها خيرة، لأنها تصدر وفق حكمته.