السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

كامل التلمساني.. معاناة "السوق السوداء"

كامل التلمساني
كامل التلمساني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عُرف المخرج والكاتب والفنان كامل التلمساني بثقافته الواسعة وذاكرته الحادة واطلاعه الواسع، تنوعت مجالات فنونه، فقد كتب للصحافة والسينما، رسم اللوحات الفنية وشارك في إقامة المعارض، وأخرج للسينما كثيرا من الأفلام.
التلمساني، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الثلاثاء، ولد في 15 مايو من العام 1915، بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، لأسرة فقيرة، وارتبط منذ بدايته بالأرض والفلاحين، فبدأت ملامح موهبة الرسم تتشكل لديه.
انتقل مع أسرته إلى القاهرة وسكن في عدة أحياء شعبية، والتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية، وفيها يتم تنمية موهبة الرسم لديه، وفي عام 1930 يحصل كامل على البكالوريا ويلتحق بكلية الطب البيطري، لكن كان الفن قد استولى على تفكيره كلية فلم يستطع استكمال تعليمه بالكلية، وقرر إنهاء تعليمه بالكلية بعد أن قضي بها خمس سنوات رسب خلالها أكثر من مرة وكان ذلك عام 1941. 
قبل أن يترك كامل الكلية كان قد التحم بالحركة التشكيلية في مصر خاصة بالسريالية، والتي بدأت في مصر على يد جورج حنين ورمسيس يونان.
استطاع كامل أن يكون أحد أبرز روادها سواء بلوحاته التشكيلية التي ارتبطت بالفلاحين والبسطاء، كذلك مقالاته التي نشرها في هذه الفترة بمجلة "مجلتي" التي كان يصدرها أحمد الصاوي محمد، وكانت في ذلك الوقت بمثابة المنبر الثقافي للفن الحديث. 
تعرف على سلامة موسى أحد أبرز رواد التنوير، ونشر معه في "المجلة الجديدة" مجموعة من الصور الأدبية تحت عنوان "من الحياة والفن"، وشارك في هذا الوقت في تأسيس جماعة "الفن والحرية".
استمر كامل التلمساني قرابة العشرة أعوام وهو يـسـاهم في إقامة معارض فنية، ويدعم اتجاهات الفن الحديث في الرسم والتصوير مثـل التـعبـيرية والسريالية والتجريدية.. ولكن المعظم الغالب من أعماله الفنية كانت تنتمي للسيريالية والتعبيرية، فقد كان متأثرًا جدًا بما تعانيه الطبقات الكادحة.
توجّه إلى السينما، باعتبارها أداة مهمة للاتصال بالجماهير العريضة، وكان فيلم "السوق السوداء" من أشهر الأفلام التي ارتبطت باسم التلمساني رغم الفشل الذي تعرض له الفيلم، وهو فيلم يناقش أخطر المشاكل والتي تتولد أكثر في ظروف الحروب وهي مشكلة التجار والسوق السوداء وأغنياء الحروب، وتناول خلاله الأسباب الاجتماعية والسياسية المؤدية لذلك، ودور الجهل في طمس الحقائق، واهتم خلال الفيلم بالبناء الداخلي ووضوح مشاعر الشخصيات وجانبها الأخلاقي ورغباتها وأحلامها، فقد استطاع رسم لوحة جديدة بعنوان "السوق السوداء" بالغة الصدق والثراء الفني، واستخدمت كلمات "بيرم التونسي" لأغاني الفيلم.
لم يحقق الفيلم نجاحا جماهيريا، مما جعل التلمساني يصاب بصدمة كبيرة زلزلت كيانه وأفقدته الثقة بنفسه، وهو الذي كان يعوِّل على تجاوب الجماهير لفنه، لذلك ابتعد عن السينما مدة طويلة. 
انتهى به الأمر بالعمل كمستشار درامي لمنتجي السينما بلبنان، وعمل مع الفنانة فيروز وعائلة الرحبانية، كمعد للنصوص ومنسق لأعمالهم ومشروعاتهم المسرحية والسينمائية، وعاش في لبنان حتى رحيله عن عالمنا، في الثالث من مارس عام 1972، عن عمر ناهز الـ57 عاما.