السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحق التائه!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت جريدة الأهرام خبرا عن قرار وزارة الصحة والسكان، بإغلاق مستشفى السلام الدولي، لمدة شهر غلقا إداريًا (تأديبيا) لخيانة الأمانة، وذلك بعد أن تقدم أحد المرضى بشكوى اتهم فيها المستشفى بمساومته وإجباره على تحرير إيصال أمانة بقيمة نصف مليون جنيه، وأوضح مسئول الوزارة، أن المستشفى لم تقم بتطبيق قرار مجلس الوزراء باستقبال المرضى بالطوارئ خلال الـ٤٨ ساعة الأولى مجانًا، موضحًا أن المريض جاء إلى المستشفى فى حادث سيارة، وكان يعانى من بتر بالساعد الأيسر، وكسور متعددة بالساعدين والحوض، حيث قامت المستشفى باستقباله، وإجراء جراحة ناجحة، ثم قامت بتحرير إيصال الأمانة.. وقال إنه حرصًا على سلامة المرضى المحتجزين بالمستشفى فقد جاءت حيثيات تنفيذ القرار، بإغلاق المستشفى وتشميع ٥ غرف عمليات باستثناء غرفة للعمليات وأخرى للإفاقة، وغلق جناح الحضانات بالكامل، وغلق مبنى العيادات الخارجية، فيما عدا عيادة الفسيولوجى العصبية، وأشعة الدوبليكس، والكيماوي، والتى قد يحتاجها المرضى المحتجزون بالمستشفى.. بالإضافة إلى إغلاق قسم الطوارئ بالكامل باستثناء الحالات الخطرة، التى لا يمكن نقلها إلى مستشفى آخر.. ورغم عدم الإنسانية والتجبر فى فكرة مساومة مريض حتى يتم إسعافه، إلا أننى تعجبت من قرار الإغلاق، خاصة فى ظل ما نعانيه من تدنى الخدمات الطبية فى العديد من المستشفيات، وأزمة الحضانات فى المستشفيات الحكومية والخاصة، والتى يقل عددها كثيرا عن الاحتياج.. خاصة أن هناك إجراءات عقابية أخرى يمكن أن تفرضها الوزارة- كالغرامات المالية- دون أن تؤثر على الخدمات الطبية للمرضى.. ولكن لأن للحقيقية وجوها كثيرة، فقد فوجئت بما نشره أحد كبار أساتذة الطب بجامعة القاهرة على فيسبوك، وهو طبيب النساء الشهير والمفكر أ. د/أسامة شوقى، والذى كتب ما يلى: «كلمة حق.. والساكت عن الحق شيطان أحمق وأخرس وجبان.. إذا كانت القصة فعلا كما نمت إلى علمي.. مريض اتقطعت ذراعه فى حادث فى الكريمات وحطوها فى جردل تلج.. وصل مستشفى حلوان، قالوا مفيش إمكانيات.. حولوه للقصر العينى..خاف أنه يلجأ لمستشفى حكومى وهرب من احتمالات الخدمة فى القصر العينى للسلام الدولى.. ولم يرفضوا استقباله، بل أجروا الإسعافات والإجراءات اللازمة.. أخبر أهل المريض المستشفى بأنهم ليس معهم تكاليف الجراحة، ولكنهم يلتزمون بتسديدها لاحقا.. محاسب المستشفى وثق بهم وطلب إمضاءهم على تكلفة العملية ٤٠٠ ألف جنيه.. وتمت العملية الدقيقة بفريق كبير متعدد الاختصاصات.. جراحة عامة، جراحة عظام، جراحة أوعية دموية.. استغرقت الجراحة حوالى ١٢ ساعة، فريق متكامل بيشتغل بالميكروسكوبات علشان يوصلوا الشرايين والأوردة والأعصاب والعضلات والعظام».. وبعد انتهاء العملية كما كتب د/أسامة لجأ المريض لأحد أقربائه بمجلس الشعب، حتى يهرب من التزامه بتسديد المصاريف، والذى بدوره أوعز لمسئولين فى وزارة الصحة بتلفيق تهمة عدم قبول حالة طوارئ للمستشفى، وتم استصدار قرار متعسف عاجلا بمعاقبة المستشفى وإغلاقه لمده شهر!.. وقد أنهى د/أسامة كلامه قائلا: «قرار استعراضى سخيف لتحقيق شعبية زائفة.. والمؤلم أكثر.. هو عرض الموضوع فى وسائل الإعلام، وكأن المستشفى والأطباء وحوش بلا قلب.. بلا شفقة أو رحمة..يا عالم عيب عليكم.. وعيب على كل اللى يسكت عالظلم ده.. هذا النوع من الجراحة تفوق تكلفته ملايين لو فى أى بلد أجنبي.. ولعلمكم بقي..معظم تكاليف الجراحة تعود للمستهلكات والأجهزة ذات التقنية الفائقة..طبعا الجراح له أتعاب.. لو المريض مش قادر عليها.. تبقى الدولة ووزارتها الصحية مطالبة تسددها.. يا سيادة الوزير.. إذا فشلت تنقذ حياة محتاج وغيرك أنقذه.. تقوم تعاقبه وتقفل له المكان اللى بيسعف المحتاج.. حسبى الله ونعم الوكيل.. أنا المواطن المصرى أسامة أحمد شوقي.. أطالب الدولة ورئيسها بالتحقيق الفورى فى هذه الفضيحة البشرية.. وإذا اتضح صحة الواقعة كما ذكرتها، يتم تعويض المستشفى والأطباء.. وتقديم الاعتذار..وإقالة المسئول عن هذا القرار الجائر.. وكل الشكر لطاقم الجراحين البارعين.. يا مصريين.. بلاش تحرقوا الحاجات الحلوة اللى عندكم»
وقد أقام المستشفى السبت الماضى دعوى قضائية تطالب بوقف تنفيذ القرار، والمطالبة بتعويض عشرة ملايين جنيه للأضرار التى لحقتهم..والغريب أنه فى نفس اليوم- مساء السبت- أعلنت وزارة الصحة إعادة فتح المستشفى!!.. ربما كان تراجع الوزارة خوفا من التعويض.. أو ربما يكون انتشار الرواية على مواقع التواصل الاجتماعى- كما ذكرها الدكتور أسامة- قد مثل ضغطا على الوزارة.. ولكن ما حدث يثير عدة تساؤلات..لماذا صدر القرار دون دراسة كافية؟! ودون التأكد من النتائج التى سوف تترتب عليه؟! وهل سوف تتم محاسبة المسئولين عن ذلك أم ستستمر القرارات العشوائية التى تصدر وتلغى فى ساعات؟! وإذا كان مستشفى السلام الدولى قد استطاع توصيل صوته بما له من اسم كبير، ورأس مال ضخم، إلى جانب من فيه من عاملين وأطباء كبار لهم علاقات متشعبة مع علية القوم الذين يعالجونهم فيه أو فى غيره.. فما هو حال من يقع عليه الظلم ولا يجد من يقوم بتوصيل صوته؟!.. بعد أن أصبحنا فى زمن الحق فيه حكر على أصحاب النفوذ وأصحاب الصوت العالى فقط!!.. وبالطبع فالصوت الأعلى هو الرابح، حتى وإن لم يكن على الحق!!..أما من لا يملك هذا أو ذاك فسيظل حقه تائها حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.. لك الله يا مصر.