الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

30 طريقة صوفية و1600 زاوية تنافس الأحزاب السياسية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبلغ عدد الطرق الصوفية فى الجزائر ٣٠ طريقة، يتفرع منها ما يقرب من ١٦٠٠ زاوية، حسب إحصائية وزارة الشئون الدينية والأوقاف هناك، ومن أشهر تلك الزوايا، الزاوية التيجانية المتواجدة فى الأغواط جنوبى الجزائر، والزاوية البلقايدية فى مدينة بوهران غربى البلاد، والطريقة القادرية المنسوبة للشيخ عبدالقادر الجيلاني، والتيجانية، والبلقايدية، والمصطفاوية، والرحمانية، والهبرية، والشاذلية، ولكل طريقة مقر رئيسي، ومجموعة كبيرة من الفروع.
وبسبب العدد الضخم للزوايا الصوفية فى الجزائر، لجأت إليها السلطة لمحاربة الإرهاب، وبالفعل استطاعت أن تحارب التطرف والفكر المتشدد، خاصة أن أغلب أبناء الجزائر يتعلمون ويترعرعون فى هذه الزوايا..
وتعتبر الصوفية الجزائرية أيضا من أكثر التيارات فعالية فى مواجهة الأفكار المتطرفة للتيار السلفى المتشدد، إذ ينتمى ما يقرب ٣٥٠ ألف جزائرى إلى الجماعات السلفية المتشددة، التى تواجهها الدولة الجزائرية بحزم.
وبسبب دورهم فى محاربة الإرهاب، استطاع التيار الصوفى أن يُثبت أركانه فى المجتمع الجزائري، وأن تعتمد عليهم السلطة التنفيذية بشكل كبير، لدرجة أنهم أصبحوا أهم من الأحزاب السياسية هناك.
وتُعرف الزوايا فى الجزائر بأنها مدرسة لتعليم القرآن، وكل مدرسة تتبع طريقة صوفية معينة وتكون لها شيخ يرأسها، ويسمى هذا الشيخ «المقدم»، ويحظى هذا المقدم باحترام كبير من قبل السلطة والمجتمع.
والزاوية الصوفية أسهمت أيضا بشكل كبير فى تعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن، منذ الاستعمار الفرنسى للجزائر، الذى سعى للقضاء على هوية البلاد.
وتسمى الزوايا فى الجزائر أيضا باسم زوايا «الإصلاح والصلاح»، وذلك لأنها كانت من مصادر الصحوة الدينية والثقافية والسياسية فى البلاد.
ويقول محمد أرزقي، الباحث الجزائرى فى التاريخ والتراث، إن الزوايا الصوفية فى الجزائر استطاعت أن تلعب دورا مهما فى الحفاظ على الدين الإسلامى ومواجهة التطرف فى البلاد، وذلك لأن أغلب مدارس تعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم تكون صوفية، لذلك يسهل عليها أن تتحكم فى عقول المواطنين لديها، وأن تزرع فى عقولهم الإسلام الصحيح البعيد عن التطرف.
وانتشرت الزوايا الصوفية بشكل كبير فى غرب الجزائر، وكذلك انتشرت فى منطقة القبائل الكبرى والصغرى هناك، خاصة فى مدينة بجاية.
وفى كل الأحوال، تختلف الزوايا الصوفية من منطقة لأخرى، فالزوايا فى الغرب الجزائرى مختلفة عن الزوايا فى الجنوب، إذ تؤدى الزوايا المتواجدة فى الغرب، دورا اجتماعيا وعلميا كبيرا؛ لأنها تُدرس القرآن الكريم، ومختلف العلوم الدينية الشرعية، وتساهم فى تكوين الأئمة.
ولم تقف الصوفية عند الدور الدينى والاجتماعي؛ لأنها تلعب أيضا دورا سياسيا بارزا، مستغلة المكانة الاجتماعية والمرموقة، التى تتمتع بها فى المجتمع، وتمثل الصوفية فى الجنوب الجزائرى ثقلا سياسيا كبيرا، ففى وقت من الأوقات، أقيل والى مدينة أدرار، فقامت مجموعة من مشايخ الزوايا بإعادته إلى منصبه، ولكن فى ولاية أخرى.
وتُساهم الزوايا الصوفية فى الجزائر أيضا بشكل فعال فى الحملات الانتخابية الحزبية والرئاسية، خاصة أن الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة اعتاد فى حملاته الانتخابية الرئاسية السابقة اصطحاب عدد من مشايخ الزوايا فى أماكن التجمعات الشعبية، التى يذهب إليها أثناء فترة الانتخابات، إذ تعتبر السلطات مشايخ الزوايا الصوفية من الأعيان والشخصيات الواجب التقرب إليها للحفاظ على توازن واستقرار البلاد.
٩٠٪ من أئمة الجزائر من الصوفية
حسب تقديرات وزارة الأوقاف الجزائرية، تبلغ نسبة الأئمة التابعين للطرق الصوفية والموزعين على جميع المساجد فى الجزائر ٩٠٪، وهؤلاء الأئمة الذين تخرجوا فى المدارس الصوفية المختلفة، ويستطيعون من خلال دروسهم الدينية تجديد الخطاب الدينى كما يستطيعون أن يمنعوا أى شخص من التيار السلفى المتشدد من نشر أفكارهم المتطرفة داخل المساجد بصفة عامة، والحياة بصفة خاصة، ولهذا السبب تعطى السلطة التنفيذية الدعم الكامل للمساجد والأئمة الصوفية.
وتتمتع الزاوية الصوفية فى جنوب الجزائر بنفوذ اجتماعى وسياسى كبير، وتعتبر مدينة « أدرار»، من أكثر مدن الجنوب، التى تتواجد فيها زوايا صوفية تحارب التيار السلفى المتشدد، ففى تلك المدينة، يوجد مسجد كبير يسمى باسمها، ويعتبر مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية فى آن واحد، إذ يتخرج فيه كل عام ما يقرب من ١٠٠٠ طالب، وتلك المدرسة وطلابها يشكلون حصنا منيعا ضد التيار السلفي، أى أنها تخلق جوا من التوازن الفكري، كما أن مشايخ مدرسة تلك المدينة يضعون مجموعة من الاختبارات للأئمة، ومن خلال تلك الاختبارات يتعرفون على أفكارهم، وفى حال وجدوا أن أفكارهم تميل إلى التطرف أو العنف يمنعونهم من الخطابة ويوقعون عليهم أشد أنواع العقاب المعنوي.
كما أن مشايخ الصوفية فى الجزائر ليسوا ممنوعين من التدريس فى أى مكان، والمدرسة الصوفية تؤهل الطالب لدخول الجامعة مباشرة.