رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الفرنسيون ضد "اليمين المتطرف"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أشد التداعيات السلبية للهجمات الإرهابية على فرنسا فى ١٤ نوفمبر ٢٠١٥ محاولة اليمين المتطرف إسقاط المجتمع الفرنسى فى مستنقع التطرف اليمينى، خاصة ضد الأقليات المسلمة والمهاجرين.
وقد استطاع حزب اليمين المتطرف فى فرنسا «الجبهة الوطنية» تحقيق نجاح كبير فى الجولة الأولى للانتخابات البلدية الفرنسية الجهوية التى جرت يوم الأحد ٦ ديسمبر ٢٠١٥.
حيث جاءت النتائج كرد فعل سريع من الفرنسيين على الهجمات التى ضربت باريس، وراح ضحيتها ١٣٠ قتيلًا وقد حقق اليمين المتطرف تقدمًا غير مسبوق على الأحزاب التقليدية بأكثر من ٢٨ ٪ حسب تقديرات وزارة الداخلية الفرنسية، فى حين أعلن الحزب الاشتراكى الحاكم فى فرنسا الانسحاب من منطقتين رئيسيتين على الأقل فى الجولة الثانية، بهدف تشكيل سد جمهوري لليمين المتطرف وحرمانه من الفوز بها.
وفاز حزب «الجبهة الوطنية» اليمينى المتطرف بالأغلبية فى ٦ مناطق على الأقل من ١٣ منطقة فى الجولة الأولى من الانتخابات مستحوذا على أصوات تتراوح ما بين ٢٧.٢٪ إلى ٣٠.٨ ٪ وقد وصفت زعيمة الحزب «مارين لوبان» هذه النتائج بأنها رائعة، مضيفة أن حزبها أثبت أنه الأول فى البلاد حيث قالت «إن الجبهة الوطنية هو الحزب الوحيد القادر على إعادة السيطرة على المناطق التى فقدتها الجمهورية، سواء كان ذلك فى كاليه أو فى الضواحى» حيث تعتبر لوبان أن مدينة كاليه التى تقع على القناة الإنجليزية، وتفصل فرنسا عن بريطانيا، هى من الأراضى المفقودة حيث تشهد الآن حوالى ٤٠٠٠ لاجئ فى انتظار السماح لهم بالوصول إلى بريطانيا، وكذلك ضواحى المدن الفرنسية التى يعيش فيها عدد كبير من المسلمين، وأكدت مارين لوبان «ما زلنا فى الدورة الأولى، ولكن يحدونا الأمل أن نحقق أكبر تقدم ممكن حتى تكون قوة الدفع قوية قدر المستطاع»، وتؤكد أن الناخبين يثقون بحزبها، وكانت لوبان وقادة حزبها قد أطلقوا تصريحات شديدة التطرف تجاه المسلمين واللاجئين عقب هجمات باريس «إن الحكومة هى المسئولة عن ذلك بسبب بطئها فى التحرك والكذب وسياستها المجنونة تجاه اللاجئين»، إن الخطاب العنصرى لحزب «الجبهة الوطنية»، يرجع إلى عام ١٩٧٢ على يد السيد جان مارى لوبان الذى عرف بسياسته العنصرية التى تعتمد على خطاب شعبى موجه للطبقة الوسطى الفرنسية، ورغم أن مارين لوبان ابنة الزعيم المؤسس، والتى ترأس الحزب حاليا، قد قامت بالتخفيف من حدة الخطاب العنصرى الذى تبناه الحزب إلا أن موقف الحزب ومؤيديه من الإسلام والهجرة يظل ثابتا وقد دافعت لوبان عن مجموعة من الإجراءات الأمنية التى يجب اتباعها، وعن غلق الحدود ونشر قوات شرطة أكبر حتى الوصول إلي نزع الجنسية عن الإرهابيين الذين ولدوا فى فرنسا، وقد أثارت تصريحات لوبان غضب الفرنسيين والأوروبيين بشكل عام، ويرى المراقبون أن صعود حزب الجبهة يعد مفاجأة خاصة بعد أن أحرز أكثر من ٢٥٪ من الأصوات فى انتخابات فرنسا للبرلمان الأوروبى، ما أهله للحصول على ٣٣ مقعدًا فى برلمان بروكسل.
ومع تخوف الأحزاب الفرنسية التقليدية من نتائج الجولة الأولى عكفت هذه الأحزاب على التعاون لقطع الطريق على حزب الجبهة فى الجولة الثانية من الانتخابات المحلية، وعلى عكس نتائج الدور الأول، عاد الفرنسيون للاعتدال مرة أخرى، حيث فشل حزب الجبهة فى الفوز بأى منطقة، وتبدلت أحلامه التى كان يصبو إليها وتراجع الحزب إلى المركز الثالث، فيما جاء الحزب الجمهورى «يمين الوسط»، الذى يتزعمه الرئيس السابق نيقولاى ساركوزى متقدما على الحزب الاشتراكى الحاكم، وقد رحب رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس بتراجع حزب الجبهة الوطنية، ولكنه حذر من أن الخطر الذى يمثله أقصى اليمين لم ينته بعد، وأكد أن تقدم حزب الجبهة الوطنية فى المرحلة الأولى من الانتخابات يفرض على الحكومة الاستماع للآخرين، وأضاف «علينا الآن أن نبذل الوقت والجهد للخوض فى حوارات معمقة حول الأمور التى تقلق الناخب الفرنسى الذى يتوقع إجابات قوية ومحددة، وقد جاءت النتائج النهائية للانتخابات تعبيرا عن التعبئة المشتركة التى انتهجها اليمين واليسار فى وجه اليمين المتطرف والعمل بسيناريو الجبهة الجمهورية فى وجه الجبهة الوطنية، ونجح ساركوزى الذى حل فى المرتبة الأولى فى خطته، بينما حافظ هولاند على ماء وجهه، والذى حل فى المرتبة الثانية والمفروض على هولاند والأحزاب اليسارية أن تعيد النظر فى السياسات المتبعة، خاصة أن نتائج هذه الانتخابات ستمتد حوالى ١٦ شهرا فى حين عقد الانتخابات الرئاسية، ونتائج الانتخابات فى المناطق ستترك أثرا كبيرا عليها فى صفوف اليمين واليسار اللذين حققا فى الجولة الأولى نتائج مخيبة، وأن مارين لوبان ستصل حتما إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، كما انتقل والدها من قبل إلى الانتخابات الرئاسية فى عام ٢٠٠٠ مما اضطر مختلف القوى السياسية إلى الاصطفاف خلف شيراك، تجنبا لكأس جان مارين لوبان، ومن هذا المنطلق فقد أكدت مارين لوبان عقب النتائج أنه لا شيء سيتمكن من إيقافنا، هل يستطيع هولاند خلال ١٦ شهرا تحقيق ما لم يحققه فى السنوات الثلاث السابقة خاصة فى الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالبلاد أو مواجهة البطالة أو القدرة على استعادة الملف الأمنى داخليًا، وحسن إدارة الملفات الخارجية فى مناطق الصراع العربى والإفريقى.