رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فيتو شعبي مصري ضد النظام السياسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مازال الشعب المصرى يدهش العالم بإصراره وعزيمته على صنع مستقبله، لقد احترمت شعوب العالم بأسره الشعب المصرى إبان ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، فقد ثار الشعب على قوى الاستغلال والاحتكار السياسى والاقتصادى وواجه سلطة تتسم بالرجعية الشديدة، معتمدة على جهاز أمنى قمعى تعامل الشعب على أنه قطيع من الأغنام.
وأجمل المعانى فى ثورة الشعب المصرى فى ٢٥ يناير هى وحدته وتماسكه والتفافه حول هدف واحد، هو إسقاط النظام. وبمجرد سقوط رأس النظام عن الحكم عندما تنحى مبارك، وأسند السلطة للمجلس العسكرى.
تعاونت القوى الظلامية ووضعت يدها فى يد المجلس العسكرى وخططا سويًا للالتفاف حول مطالب ثورة الشعب المصرى (عيش- حرية-عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية).
إن القوى الظلامية المتمثلة فى جماعات الإسلام السياسى تحت قيادة الإخوان المسلمين، قد أحكمت خطتها بالتعاون مع المجلس العسكرى، وقامت بالترويج لخارطة طريق تخالف المسار الثورى لقوى الشباب الصاعدة والشعب المصرى بأسره.
وقد كان لهم ما أرادوا بالإعلان عن الاستفتاء الطائفى فى مارس ٢٠١١ وهو ما عرف فيما بعد بغزوة الصناديق، وهو أول مسمار دق فى نعش الثورة، حيث عجل بانتخابات برلمانية أولًا وما تلاها من تشكيل لجنة المائة وصياغة الدستور الرجعى فى ٢٠١٢ وأخيرا انتخابات الرئاسة فى ٢٠١٣.
إن المسار الرجعى الذى سلكه الإخوان المسلمون وحلفاؤهم السلفيون والجماعات الإسلامية والتنظيمات المسلحة....إلخ قد أفضى إلى شكل من أشكال الحكم والثقافة والتوجه العام مغايرة لإرادة وطبيعة الشعب المصرى، وقد دخلت مصر فى متاهة الانشقاق الداخلى الذى لم نعرفه طوال التاريخ، وسادت حالة من الفوضى والفساد والمحسوبية واستبيحت الوظائف العامة من حق أهل العشيرة.
وعمد نظام الإخوان وحلفاؤه إلى العبث بأجهزة الدولة خاصة الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، ولاحت فى الأفق مشاريع بيع الوطن علنيًا. 
سيناء ستصبح وطنا للفلسطينيين لتخفيف الضغط عن غزة، وهو حلم إسرائيلى قديم، وحلايب وشلاتين ستكون من نصيب السودان وفتحت الحدود من جميع الجهات الغرب والشرق والجنوب، ودخلت الجماعات المسلحة واستوطنت فى سيناء، وعلى الحدود الليبية. 
وفى الداخل مطاردة وملاحقة شباب الثورة سواء بالقتل العلنى أو الاختفاء القسرى. لقد عاش الشعب المصرى فترة حكم الإخوان حالة من الرعب فى كل مشاريع بيع الوطن علنا، وتنفيذ المخطط الأمريكى فى المنطقة الذى يعرف بالفوضى الخلاقة.
لقد استجمع الشعب المصرى قوته، وقرر أن يواجه هذه العصابة التى تعبث بمقدرات الوطن وأمنه القومى ومؤسساته خاصة الشرطة والجيش. 
وكالعادة كانت هناك قيادة لثورة الشعب المصرى وهى (حركة تمرد) ولكن سريعًا ما أصبح الشعب المصرى كله متمردًا ضد مشروع الإخوان وحلفائهم بالداخل والخارج واصطف الجميع وانحازت مؤسسات الجيش والشرطة إلى جانب الشعب المصرى حتى جاء يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وأذهل الشعب المصرى العالم بأسره فى أكبر تظاهرة فى التاريخ (٣٥ مليونًا) ونجح شعبنا العظيم بثورته الثانية خلال عامين وهز مشروع الإخوان الأمريكانى، ومع انحياز القوات المسلحة والشرطة بجانب الشعب المصرى، فقد دخلت فى معارك عنيفة وطويلة مع إرهاب الجماعة وحلفائها خاصة فى سيناء. 
وبدأت خارطة طريق جديدة (دستور ـ انتخابات رئاسية ـ انتخابات برلمانية) وتعهد القائمون على الحكم بإنجاز الاستحقاقات الثلاثة مع الوعد بتنفيذ شعارات الثورة (عيش- حرية-عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية) وتعهد الشعب المصرى بمساندة قياداته السياسية على أمل تحسين الأوضاع المعيشية والسياسية وجاء دستور ٢٠١٣ ليؤكد حقوق الشعب المصرى وشرعية ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وعلى تطبيق العدالة الانتقالية، أما عن الاستحقاق الثانى، فقد التف المصريون بأغلبية ساحقة حول اختيار السيسى رئيسًا للبلاد ومن جانبه أكد رئيس الجمهورية على تلبية مطالب الشعب المصرى، وطالت الفترة الانتقالية وحملت الكثير من الصعوبات فى حياة الشعب المصرى، وتحت دعاوى مكافحة الإرهاب ضاعت أحلام المصريين خوفا من أن يؤول شأنهم كشعوب سوريا والعراق واليمن، وعمد النظام على ترويج فكرة أن الحرب على الإرهاب تضمن لهم الأمن والأمان، وكم دفع الشعب المصرى من أبنائه سواء فى الشرطة أو فى الجيش شهداء، فأبناء هذا الشعب من رجال الشرطة والجيش، قد ضحوا بأرواحهم ورسموا أجمل صور التضحيات، وواكب ذلك ارتفاع معدل البطالة وسوء الأحوال المعيشية وسوء الخدمات وارتفاع معدل الفساد فى كل مؤسسات الدولة، وكلما زاد طول الفترة الانتقالية تراجعت أحوال الشعب المصرى وتراجع الحراك السياسى واختفى من المشهد شباب الثورة والتيارات الوطنية التى تحلم بإقامة دولة مدنية حديثة. 
على الجانب الآخر مع تبرئة جميع رجال نظام حسنى مبارك وعودة أعضاء الحزب الوطنى للمشهد الإعلامى، وسيطرة كبار رجال الأعمال على الاقتصاد والإعلام وصاحبه سن قوانين مقيدة للحريات مثل قانون التظاهر الذى لو طبق فى الماضى القريب ما كانت هناك ثورة ٢٥ يناير أو ثورة ٣٠ يونيو، ثم جاءت قوانين معيبة مثل قانون الخدمة العامة الذى لم تتوافق عليه القوى الاجتماعية، ولم يحظ بمناقشة جادة وترفضه طوائف كثيرة وأخيرا جاء قانون الانتخابات، وبنفس الأسلوب لم يحظ بمناقشة جادة أو بتوافق من القوى السياسية، وقد يكون من أسباب حل البرلمان القادم.
وفى هذه الأجواء يحاول النظام الانتهاء من الاستحقاق الأخير لخارطة الطريق بالانتخابات البرلمانية، ولكن الشعب المصرى الذى لم يجد من يحنو عليه، بل إنه تجاوز مرحلة الطفولة وقرر أن يوجه رسالة قوية للنظام الحاكم بإعادة النظر فى مطالب الشعب، وكان أسلوب الشعب المصرى هو مقاطعة الانتخابات البرلمانية، فبينما حظى الاستحقاق الأول (الدستور) بنسبة حضور تزيد علي ٥٠٪ وبنفس النسبة كان حضور الشعب المصرى فى انتخابات الرئاسة بينما فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية لم تزد النسبة علي ٢٠٪ من الحضور.
انتبهوا أيها السادة، إن أسباب عزوف الشعب المصرى كثيرة ومعقدة، وعليكم أن تعودوا للخلف خطوات كثيرة للاصطفاف والانحياز إلى الشعب المصرى، وكفاكم انحيازا لطبقة رجال الأعمال وكبار رجال الدولة وهم يملكون قدرتهم وإرادتهم ولا يحتاجون إلى من يرعاهم بينما الشعب المصرى يستحق حياة أفضل من ذلك بكثير.
دائرة الدقة والعجوزة.... والدكتور عبد الرحيم على
وتأكيدا لما كتبته سابقًا، فهناك شخصيات لها كل الاحترام والتقدير من قبل الشعب المصرى، وليس أدل على ذلك هذه الثقة التى منحها الناخبون فى دائرة الدقى والعجوزة للدكتور عبد الرحيم على، وبأغلبية ساحقة ما يقرب من ٤٨ ألف صوت والكل يعرف من هو عبد الرحيم على، ويثق فى خطاب عبد الرحيم على فى مواجهة قوى الظلام منذ منتصف الثمانينيات وكيف كان يحارب مشاريع الإخوان المسلمين وهو أعزل إلا من كلمة الحق والحقيقة والبيان والقلم. إن حرص عبد الرحيم على، علي قضايا الأمن القومى لمصر دفع الآلاف لمساندته فى معركته الانتخابية. 
وهذا ما تؤكده رسالتى بأن الشعب المصرى يمتلك وعيًا حقيقيًا وقادرًا على التمييز بين القادة والعملاء، ولمعرفتى الشخصية بالدكتور عبد الرحيم على أنه سيكون نموذجا مختلفا كنائب بالبرلمان وسيؤدى أداءً مميزًا، وقد يكون أيقونة هذا المجلس القادم. وفقكم الله للخير والصلاح.