رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معارك السيسي.. شهادة نمساوية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"تخيل 90 مليون مصرى يقفزون في البحر المتوسط باتجاه قارتنا، يا له من كابوس، السيسي يحاول إنقاذ أوروبا" تلك هي شهادة "فولفجانج بوستاي" الملحق العسكري لسفارة النمسا في كل من تونس وليبيا في الفترة من 2007 إلى 2012 "، والمنشورة على موقع "كوريير المغرب العربي والشرق الأوسط" المعني بالقضايا العربية وقضايا الإرهاب والجماعات المتشددة، منتقدا الضغوط التي يتعرض لها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دائما من الإعلام الغربي التي تنتقد الإجراءات التي يتخذها ضد المتشددين والجماعات الأصولية بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، كاشفا عن تعرض مصر- منذ بداية العام- إلى 320 هجوما إرهابيا أودت بحياة ما لا يقل عن 251 من غير العسكريين.
تلك الشهادة التي ظهرت على هيئة دراسة لم تثر اهتمام الصحف المصرية، رغم ما تحتويه من آراء تنصف الرئيس في مواجهة المخاطر المحيطة بالدولة المصرية ولأهميتها الفائقة سأعرض أبرز ما جاء فيها.
فولفجانج طالب القارئ الغربي أن يضع في تفكيره هذه الإحصائيات وهو يسأل كيف يمكن مواجهة الإرهاب في مصر ما لم تكن يد السيسي متشددة ضد هذه الجماعات لافتا إلى أهمية مصر بالنسبة لأوروبا فهى موطن جامعة الدول العربية– قناة السويس– أهم دولة عربية شريكة لأوروبا وصاحبة التاريخ الحضاري.
سار فولفجانج في شهادته للسيسى عكس التيار، محاولا شرح حقيقة ما يحدث في مصر، فهي بالنسبة لأوروبا صمام أمان استقرار الشرق الأوسط، وأعرب عن مخاوفة من غلق قناة السويس أمام التجارة الدولية نتيجة الأنشطة الإرهابية أو عدم استقرار مصر سيقود إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الأوروبي يصعب تحملها.
وأشار إلى السياق العام، فإن السياسة المصرية المتوازنة والمعتدله كانت سببا في اعتدال السياسة الخارجية للدول العربية على مدى العقود الماضية، فمصر دولة محورية في حل "الخلافات العربية- العربية"، وتحقيق التوازن بين المكونات المتناقضة في المنطقة، ومنها "الخلافات السنية الشيعية" والتي يمكن دائما لمصر أن تحسن من العلاقات بين مجموعاتها المتصارعة.
وتنتشر العشرات من الجماعات الجهادية المتشددة دينيا في كل من ليبيا وسيناء بمصر، إلا أن أخطر هذه الجماعات على الأمن المصري هي جماعة أنصار بيت المقدس، والتي أعلنت عن نفسها بوضوح في 24 يوليو 2012 مفتخرة بأنها هي المسئول عن 13 تفجيرا لخط الغاز المصري بسيناء.
لقد زاد نشاط هذه الجماعات عقب إزاحة محمد مرسي عن الحكم في يوليو 2013 وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس دعمها للإخوان المسلمين في حربها ضد النظام/ الدولة المصرية، وأبرز قادة هذه الجماعة هم أحمد سالم مبروك، وهو معروف بعلاقاته بالقاعدة، وأبوأسامة المصري الذي أعلن مبايعته لأبوبكر البغدادي، خليفة ما يعرف بالدولة الإسلامية.
وتتخذ أنصار بيت المقدس من السلفية الجهادية مرجعا فكريا لها وتستهدف من وجودها إنشاء دولة إسلامية متشددة على الأراضي المصرية وتعلن أن هدفها بعيد المدي هو تحرير القدس بعد أن تسيطر على مصر أولا، ولا تؤمن هذه الجماعة مثلها مثل الجماعات الجهادية بالانخراط السياسي في الحياة العامة حيث أن كل قانون وكل فعل ما لم يتم إرجاعه أو ربطة بالشريعة الإسلامية فسيكون غير مقبول منهم ويجب محاربته، وترتبط جماعة أنصار بيت المقدس بروابط عضوية بالجماعات الإرهابية الفلسطينية مثل لجنة المقاومة الشعبية التي تتخذ من غزة منطلقا لها ومجلس شوري المجاهدين في مدينة القدس إضافة إلى الجماعات الجهادية السلفية في ليبيا.
وتركز الجماعات الجهادية والمتطرفة في مصر على مناطق شمال سيناء وعلي طول الحدود مع غزة وإسرائيل ومن وقت لأخر تنفذ الجماعات الإرهابية عمليات بمناطق أخرى منها منطقة قناة السويس والدلتا والقاهرة والحدود الغربية لمصر باتجاه ليبيا.وأغلب أعضاء هذه الجماعات من القبائل البدوية التي تعيش في سيناء، ومع توسع أنشطتها أنضم لها عدد من المؤمنين بالفكر التكفيري والجهادي من شرائح سكانية أخرى غير القبائل البدوية، ويقدر عدد التكفيريين حاليا نحو 1000 عنصر إرهابي.
الأهداف الرئيسية لهذه الجماعات الإرهابية هي قوات الأمن المصرية وتخريب الاقتصاد المصري من خلال إستهداف خطوط إمداد الغاز والبترول ومصادر الطاقة والبنية التحتية للمشروعات الاقتصادية المصرية وتخريب السياحة والإضرار بسمعة مصر في هذا المجال.
وتغلب على عملياتهم الإرهابية في مصر أستخدام المتفجرات عن بعد والإنتحاريين، ومهاجمة الكمائن الأمنية للشرطة والجيش وعمليات الاغتيال والاختطاف، وتمتلك هذه الجماعات أنظمة التوجيه الراداري المحمولة MANPADS ويعتقد أن هذه الأنظمة تم تهريبها من ليبيا بعد سقوط نظام القذافي.
في نوفمبر من عام 2014 أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس أنضمامها للدولة الإسلامية على أمل أن ذلك سيجذب الكثير من المتطرفين للانضمام إليها والقيام بعمليات إرهابية تصب في صالحها، والمتابع لأنشطة هذه الجماعات يتقن من أن أهدافها المستقبلية ستكون الأصول والمشروعات والمصالح الغربية في المنطقة، ويعتقد المؤلف من أن أنشطة الجماعات المتطرفة في مصر سوف تتمحور حول نشاطين رئيسيين خلال الفترة المقبلة وهو مزيد من الهجمات على الأمن ومزيد من التخريب للاقتصاد المصري.
تستخدم الجماعات الجهادية المتطرفة المناطق الفضاء في ليبيا والتي تخلو من أي شكل من أشكال الحكم والرقابة بعد سقوط القذافي، وتنطلق من هناك لتنفيذ هجماعات على المصريين في الصحراء الغربية وفي وادي النيل، إنه من المحبط لقوات الأمن المصرية أن تتعامل مع عدو يستخدم دول الجوار كقواعد إنطلاق وتدريب له ويصعب عليها الوصول له بسبب موقف بعض الدول التي تعارض هذا الحق.
ومنذ يوليو 2013 ركزت الجماعات المتطرفة على إضعاف القوى الأمنية المصرية وإشاعة الخوف وعدم الاستقرار الأمني في مصر، ثم استهدفت ثلاثة مصادر رئيسية للعملة الصعبة، وهي "قناة السويس، وقطاع البترول والطاقة، والسياحة"، وتعتقد هذه الجماعات أن إضعاف الوضع الأمني وتأزيم الاقتصاد المصري سيقود السكان للقيام باحتجاجات ضخمة ضد النظام المصري.
..المؤامرة لم تنتهِ