الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الواقع الأسود.. أدوية مغشوشة لعلاج السرطان والربو والسكر.. 4 مليارات جنيه سنويًا استثمارات «مصانع بير السلم».. واتهامات لمسئولي الصحة ببيع «ماكينات تصنيع» دون علم الوزارة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعادة تدوير أدوية منتهية الصلاحية بتواريخ إنتاج جديدة الإبلاغ عن 200 صنف «مضروب» في 4 أشهر.. و«الصيادلة»: 1700 نوع «مهرب» داخل مصر
3 مليارات جنيه سنويًا استثمارات «مصانع بير السلم» المستحضرات المغشوشة تباع علنًا في وسط القاهرة.. والتفتيش الصيدلي «غائب»
اتهامات لمسئولي الصحة بـ«التواطؤ» وبيع «ماكينات تصنيع» دون علم الوزارة بالمخالفة للقانون
أكثر من عشرين مليون مريض في مصر، تتنوع أمراضهم ما بين السكر والربو والسرطان، بحسب الإحصاءات العالمية، يتم التلاعب بهم في سوق الدواء المصرية، الأدوية بلا فاعلية أو مغشوشة، مدون عليها بيانات غير صحيحة تباع في صيدليات غير آمنة أو أمينة على صحة المريض الذي يتعامل معها، بحسب ما ورد إلينا من صور لبلاغات تم تقديمها للجهات المختصة، للوقوف أمام تلك الظاهرة التي جعلت من المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة مرمى للراغبين في الحصول على المكسب السريع، دون النظر لإنسانية أو حرمة.. المهم فقط هو جمع المال الحرام، كل ذلك والأجهزة المسئولة نائمة في عسل أسود، لا تظهر منه إلا حين تحدث الكارثة، لتكون ردا لفعل لا يد لها فيه، بينما المهمة الأصلية لها أن تمنع وقوع الكارثة، وأن تكون فاعلا لفعل تملكه وتقدر عليه.
البداية كانت مع حصول «البوابة» على نحو ٢٠٠ بلاغ مقدم من شركات أدوية إلى إدارة التفتيش الصيدلى التابعة لوزارة الصحة، تكشف عن وجود «أصناف مغشوشة» من الأدوية في الأسواق والصيدليات تنتجها هذه الشركات، وذلك في الفترة من أكتوبر ٢٠١٤ إلى يناير ٢٠١٥.
حددت البلاغات هذه الأصناف، وذكرت أسماءها وهى: «كلاسيد»، مضاد حيوى للأطفال وشراب جاف تركيزه ٢٥٠ مجم، في عبوة ٣٠ مللى، يفترض إنتاجه من قبل شركة «القاهرة للأدوية» التابعة للقابضة للأدوية، أي شركة عامة، فيما يكشف البلاغ المقدم في هذا الشأن أن الفارق بين العبوة الأصلية والمغشوشة يتمثل في احتواء الأولى على كلمة «كلاسيد» باللون الأزرق، أما العبوة المغشوشة فتحتوى على الكلمة باللون الأسود.
فيما ذكر البلاغ الثانى أن الإدارة العامة للتفتيش على مصانع الأدوية اكتشفت وجود مستحضر مغشوش لدواء الـ«نيوبلمولار»، الخاص بعلاج «الكحة»، من إنتاج شركة «ممفيس»، رقم تشغيله «٥١٤٠٥٢/٢١٤٠٥١/٥١٤٠٥٠»، ولا يطابق المواصفات من حيث الخواص الطبيعية.
وتقدمت شركة «سيجما للصناعات الدوائية» ببلاغ حول مستحضر «كالمنال»، شراب لعلاج مغص الأطفال، حيث اكتشفت وجود مستحضر مقلد لا يطابق المواصفات، فيما تقدمت شركة «نوف أرتس» ببلاغ حول مستحضر «exjade٥٠٠ mg.tab»، علاج لتسمم الحديد، حيث تم ضبط علب مغشوشة منه غير مطابقه للمواصفات، وغير مدون بها تاريج الإنتاج، ومدون عليها عبارات باللغه التركية، ولا يوجد عليها السعر بالجنيه المصرى، بينما المستحضر الأصلى يحتوى على تاريخ الإنتاج، والسعر بالجنيه المصرى، ورقم تسجيله من وزارة الصحة.
وتكرر نفس الأمر بالنسبة لمستحضرات: «سيكلور بودرة»، شراب جاف مضاد حيوى تركيزه ٢٥٠ مجم، و«x olair ١٥٠ mg»، لعلاج أزمات «الربو»، و«afinitor ١٠ mg tab»، لعلاج السرطان، واكتشف وجود منتجات مغشوشة منها.
وحصلت «البوابة»، على منشور يفيد بغش مستحضرات وأدوية مطهرة منها: «b-sept»، المدون بترخيص رقم ٩٩/٢٠٧٢٢ من إنتاج شركة «sagapharma»، حيث تبين أن المنتج تم تداوله في الأسوق رغم أنه غير مسجل بوزارة الصحة، إضافة مستحضر «سيتافلون» وهو مطهر، تبين أنه مغشوش، وغير مسجل بإدارة المبيدات، ومستحضر «spmonol hospita multipurpose disinfectant»، مطهر مخصص للمستشفيات، غير مسجل في قاعدة البيانات الخاصة بالمطهرات المسجلة.
كما كشفت المستندات، عن وجود مستحضر «ميتفورمين هيدروكلوريد»، ٨٥٠ مجم، من إنتاج شركة «سيد»، واسمه التجارى «سيدوفاج»، ويستخدم لتنظيم السكر في الدم، وقد يوصف كدواء مدعم لتنظيم السكر في الدم، إلى جانب «الأنسولين» في حالة الإصابة بـ«السكرى» من النوع الأول، وتبين أنه غير متطابق للمواصفات الطبيعية، وكذلك أقراص «مينوفيللين أس آر»، لعلاج الشعب الهوائية، حيث تبين أنها توزع بالأسواق وهو غير مطابقة للمواصفات، ومستحضر «Clarithromycin»، مضاد حيوى يحتوى على مجموعة الماكروليد، ومستحضر «Haemophilus influenza»، وهو غير متطابق للمواصفات الطبيعية.
كما تكشف البلاغات عن وجود أصناف مغشوشة لمستحضر «non homogeneity susp.after» reconstitution» و«رولاب»، حيث تبين أنهما مغشوشان.
«البوابة» حاولت استطلاع آراء المسئولين عن الدواء في مصر، لاستيضاح ما ورد في المستندات وبيان مدى ما وصلت إليه حالة السوق، حيث يقول الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية: «إن ظاهرة الدواء المغشوش انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة»، مشيرًا إلى أن حجم تجارة الدواء المغشوش تبلغ ٣ مليارات جنيه سنويًا، ويضيف عوف، لـ«البوابة»، أن هناك مصانع غير مرخصة وأدوية مغشوشة يتم اكتشافها بالصدفة، متهمًا مسئولين في وزارة الصحة بالتعاون مع «مافيا الدواء المغشوش لتحقيق مكاسب طائلة».
ويحمل وزارة الصحة المسئولية، حيث إنها لا تقوم بالكشف على ماكينات وآلات تصنيع الأدوية في المصانع والشركات الكبرى، لأن أصحاب المصانع يبيعون الماكينات بعد «تكهينها» دون علم الوزارة بالمخالفة للقانون، فيما يشتريها أصحاب «مصانع بير السلم»، لاستخدامها في تصنيع «الأدوية المغشوشة» للمواطنين.
وفى هذا الشأن حصلت «البوابة» على مستندات خاصة بشروط مزاد علنى لـ«تكهين» ماكينات تصنيع وتغليف أدوية من دون علم وزارة الصحة، بالمخالفة للقانون.
المزاد لصالح شركة «فايزر مصر لتصنيع وبيع الأدوية»، وعقد في ٢٠ يناير ٢٠١٥، واحتوت الكراسة على أنواع الماكينات، وهى: ماكينة كبس الأقراص، وماكينة تعبئة الشرائط، وماكينة تعبئة الكرتون، وماكينة تعبئة البودرة، ووحدة تحكم، و٢ صينية، وقطع غيار، و٢ مضخة، وسير نقل، و٤ خلاط إمبراطور خردة، وكمبروسور أطلس كويكو، و١٠ بار، وموازين خط إنتاج خردة، فيما تحتوى الكراسة على عنوان المعاينة بمخازن الشركة بمنطقة العبور.
وحددت الكراسة الشروط في دفع اشتراك في المزاد، مع إقرار منه بالقيام بتلك المعاينة وقبوله شراءها، بحيث لا يحق له الرجوع من الجهة البائعة، والشرط الثانى هو التأمين المؤقت على كل من يرغب في الاشتراك في المزاد بمبلغ قدره عشرون ألف جنيه، كتأمين مؤقت للدخول.
واعتبر الدكتور محمد عبدالجواد، نقيب الصيادلة، أن ظاهرة غش الدواء منتشرة عالميا، مشيرًا إلى أن حجم الأدوية المهربة يصل إلى ١٧٠٠ صنف، فيما يبلغ حجم الدواء المسجل ٧٠٠٠، مرجعًا انتشار ظاهرة الأدوية المغشوشة إلى عدم وجود قواعد صارمة لبيع ماكينات الأدوية من قبل وزارة الصحة، حيث إنه من المفترض وضع أكواد لكل ماكينة، ورقمها يسجل مثلما يسجل الدواء، ولا يقوم أي صاحب مصنع بالتصرف أو بيع المكن من دون علم وزارة الصحة، مشددًا على ضرورة إعدام الماكينات المستهلكة ومنتهية الصلاحية.
من جانبه، ذكر الدكتور مروان إمام، صاحب صيدلية بمنطقة الزمالك، أن معظم هذه الأدوية المغشوشة تصنع في مصر، وأن هذه التجارة مكاسبها «خيالية»، وخاصة أدوية القلب، والتجميل، والتخسيس، والمنشطات، مشيرًا إلى أن شركات توزيع الدواء المغشوش منتشرة في منطقة وسط القاهرة، وسوق غزة، والموسكي.
ويكشف الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، أن منظمة الصحة العالمية يقدر الأدوية المغشوشة في مصر بنسب بين ١٠٪ إلى ٢٠٪، مشيرًا إلى أن خطورة العلاج المغشوش تزيد أكثر عن طريق الحقن، بشكل قد يؤدى إلى الوفاة.
أما على عز العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، المستشار الطبى للمركز المصرى للحق في الدواء، فيقول: «إن أي دواء إذا لم يمر عبر القنوات الشرعية الخاصة بوزارة الصحة، وهى الإدارة المركزية للتسجيل يسمى بالفعل دواءً مغشوشًا حتى لو كانت الشركة من خارج مصر، وقامت بإدخاله إلى مصر دون المرور بـ«القنوات الشرعية».
ويشير إلى هناك بعض الأدوية تكون منتهية الصلاحية، ويتم إعادة تدويرها بإلغاء تاريخ الإنتاج القديم، ووضع تواريخ جديدة من قبل شركات غير معروفة، لافتًا إلى أنه «من المفترض وجود شيء يسمى إدارة التفتيش الصيدلى تمر على الصيدليات، وإذا وجدت أي أدوية غير مسجلة، تتم مصادرتها، وتحرير محاضر بذلك، إلا أن الخطر في عدم وجود تفتيش كاف لجميع الصيدليات، وبالتالى العلاج المغشوش في زيادة، حيث إن عدد المفتشين لا يتعدى ١٥٠٠ صيدلى مسئول».
ويقول: «إن هناك مشكلات تواجه المفتشين تتمثل في عدم وجود بدل انتقال، أو حماية أثناء العمل»، داعيًا لإعادة النظر في المنظومة الصحية، وإعطاء سلطة أكبر للمفتشين، وتوفير «بدلات انتقال»، وتأمين من قبل وزارة الداخلية.
من النسخة الورقية