الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ما هو مستقبل العمل المشترك بين الاحزاب الديموقراطية في المرحلة المقبلة ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المعروف أن القوى الثورية التي تشارك في أي عملية تغيير ثوري قد لا تبدأ منظمة، ولكنها حتما ينبغي أن تنتهى إلى تنظيم قواها، وتعتبر قدرة القوى الثورية على الانتقال من الفعل العفوي إلى العمل الجماعي المنظم ، أو العمل المؤسسي ، هو واحد من أهم المعايير التي قد تشى بنجاح الثورة او فشلها ، فإذا نجحت قوى الثورة في تنظيم قواها او القوى التي شاركت فيها ، او نسبة كبيرة على الاقل من هذه القوى ، فمعنى ذلك ببساطة ان الثورة قد نجحت، و في المقابل فإن عدم نجاح قوى الثورة في تنظيم قواها قد يشى بفشلها ، ذلك أن قدرة قوى الثورة على تنظيم قواها معناه ببساطة انه قد أصبح لها مؤسسات تحمى المكتسبات التي تحققت على الأرض بل وتسعى لنيل المزيد من المكتسبات عبر البناء على هذه المكتسبات نفسها.
هذا وتؤكد تجربة ثورة 25 يناير أن مجموعات كثيرة منظمة وشبه منظمة قد شاركت بدرجة أو أخرى في إعداد المسرح السياسي لهذه الثورة، وكذا في إشعال شرارتها الأولى، ولكن الأكيد أن الذين انخرطوا في أحداث الثورة وفعالياتها كانوا أكثر بكثير جداً من الذين شاركوا في الإعداد لها أو تفجيرها ، او بصياغة أخرى كانوا اكثر بكثير جداً من هؤلاء الذين كانوا موجودين في المجالين العام والسياسي قبل 25 يناير، فمع انطلاق احداث الثورة ، وبين عشية وضحاها كما يقولون ، تضاعف عدد المشاركين والنشطاء في المجال السياسي آلاف الأضعاف بعد 25 يناير عما كان عليه الحال قبل ذلك ، وهذه الأعداد الهائلة التي انخرطت في العملية الثورية حصلت من الخبرات والمهارات والمعارف في أيام قليلة أكثر مما حصله آخرون في شهور وربما سنوات في فترات الركود السياسي، ومع ذلك يمكننا القول أن هذه الدماء الجديدة التي تم ضخها في لحظات الثورة في شرايين العمل السياسي لم يتم حتى الآن استيعاب اغلبهم إذ يظل السواد الأعظم من الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير وما أعقبها من فعاليات ثورية عازفون عن المشاركة في الاطار التنظيمي الوحيد القادر على الحفاظ على مكتسبات الثورة والبناء عليها ، ونعنى بذلك أنهم عازفون عن المشاركة في الأحزاب السياسية، التي تظل، أي الأحزاب، المؤسسات الوحيدة المؤهلة والقادرة ، بحكم وظيفتها ، على السياسي، والأحزاب التي ولدت من رحم الثورة ، بكل أسف ، ليست قليلة فحسب، إذ لا تزيد عن بضعة أحزاب ، ولكنها أيضاً لم تنجح ، بكل اسف ايضا ، في استيعاب طاقة الشباب وحركتهم .
الأحزاب الديمقراطية التي ولدت من رحم الثورة هي بالتحديد : المصري الديمقراطي الاجتماعي، والمصريين الأحرار، والتحالف الشعبي الديمقراطي، والدستور. وإذا أضفنا إلى هذه الأحزاب أحزاب المعارضة الرئيسية القديمة ، وهى بالتحديد : حزب الوفد، وحزب التجمع، وحزب الكرامة، والحزب العربي الناصري، وحزب العدل، أدركنا أن كل ما يُشاع حول كثرة الأحزاب فى مصر ، و كل ما يمكن ان يترتب على ذلك من نتائج و تداعيات ، هو تقدير غير دقيق وغير صحيح ، بالذات وأن هذه الأحزاب ، على قلتها ، كانت قد نجحت في الانتخابات البرلمانية السابقة ، و لم يمضى على تأسيسها سوى بضعة شهور ، في بناء تحالفين انتخابيين هما : الكتلة المصرية، والثورة مستمر، وكان هذا الانجاز الكبير ، في حقيقة الأمر ، يؤكد ان قوى الثورة ، التي لم تكن مبعثرة اصلا بين عشرات الاحزاب مثلما يوحي البعض بذلك ، كانت على وعي كامل بضرورة حشد و تعبئة قواها في المعارك السياسية ، بصفة عامة ، و في المعارك الانتخابية ، بصفة خاصة ، مثلما يوحي البعض بذلك أيضاً ،و المفارقة اللافتة بحق ان بعضا من هذا البعض الذي كان يحلو له ان يتهم القوى الديموقراطية بانها غير منظمة ومفتتة و غير حريصة على مصلحة الوطن لم يعرف عنهم أبدا الانخراط في اي عمل جماعي منظم ، بل و قام الكثير منهم ببذل جهود جبارة لتشويه وهدم العديد والعديد من الاحزاب و المؤسسات السياسية مرة لأنهم ، مثلا، يعتبرون ان عدم التحالف مع الاخوان خيانة و مرة ثانية لأنهم يعتبرون ان عدم المطالبة بإعدام الاخوان خيانة !! البعض الآخر من هذا البعض الذي يجتهد في كيل الاتهامات للقوى الديموقراطية يكاد يقتصر نشاطهم داخل احزابهم على اثارة المشاكل و هدم العمل المؤسسي من خلال استخدام “,” اتخن “,” كلام ممكن حول العمل المؤسسي !!
لم يقتصر تاريخ العمل المشترك بين الاحزاب والقوى الديموقراطية على تجربة التحالف الانتخابي في الانتخابات البرلمانية السابقة لكنه امتد بعد ذلك من خلال جبهة الإنقاذ التي نجحت في إدارة عدة معارك سياسية مهمة كان ابرزها ابتداء من معركة تشكيل الجمعية التأسيسية و انتهاء بمعركة ٣٠/٦ مرورا بمعركة كتابة الدستور و الاعلان الدستوري المكمل و الاستفتاء على الدستور .
و الآن ، وبعد أن نجحت القوى الديمقراطية في بناء تحالفات قوية لعبت دور مهم مع جماهير شعبنا العظيم في إزاحة الإخوان عن سدة الحكم ، علينا أن نتساءل ما هو مستقبل العمل المشترك بين القوى والأحزاب الديمقراطية في المرحلة المقبلة ؟
بالأمس القريب كان الشغل الشاغل لهذه القوى الديمقراطية هو نقد الإخوان وكشف وفضح ممارستهم الخاطئة أمام الرأي العام، و من ثم كانت التحالفات بين القوى الديموقراطية تبنى في مواجهة الاخوان و تقوى و تتعزز في مواجهة مواقفهم و ممارستهم ، وبعد إزاحة الإخوان عن سدة الحكم ترى ما هي الدوافع و الاسباب التي يمكن ان تدفع القوى الديموقراطية للتحالف او الاندماج ؟ و السؤال الاكثر اهمية هو : ما هي الاسس التي يمكن ان يبنى عليها مثل هذه التحالفات او الاندماجات المحتملة ؟ و هل صحيح ان هناك محاولات للاندماج بين أحزاب الدستور والمصري الديموقراطي الاجتماعي والمصريين الاحرار والعدل والجبهة الديموقراطية ؟ و ما هي احتمالات نجاح او فشل هذه المحاولات ؟ او بصياغة اخرى : هل تتوفر لهذه المحاولات مقومات النجاح الضرورية اللازمة ؟ و دعونا نتساءل قبل ذلك : ما هي هذ المقومات المطلوبة ؟
سنحاول في المقال القادم ان نجيب على هذه الأسئلة وغيرها بإذن الله.