الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

إكرام لمعي يكتب: الكتاب المقدس والعلم

إكرام لمعي
إكرام لمعي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بادئ ذي بدء تعريفات:
الكتاب المقدس يحكي رحلة الله مع الإنسان منذ خلقه وإعلان ذاته له ورد فعل الإنسان لهذا الإعلان على مدى الزمان كفرد وجماعة، لذلك فالكتاب المقدس ليس كتاب علوم ولا تكنولوجيا ولا كيمياء.....إلخ، وأيضًا ليس كتاب أدب وشعر وفن... إلخ.
الفارق بين الكتاب والعلوم أن الكتاب المقدس يبنى على الإيمان والعلوم تبنى على الشك، فنحن نقبل الكتاب كما هو ونثق في كل كلماته، أما العلوم فهي افتراضات وباكتمال أي نظرية يبدأ الشك فيها، بهدف تطويرها.
إذن أين المشكلة؟ المشكلة في الخلط بين الاثنين، لنعود معًا لعام ١٥٤٣ عندما أتم عالم الفلك البولوني كوبرنيكوس الكاثوليكي وهو على فراش الموت كتابه "في دوران الأجرام السماوية" والذي قدم له صديقه أوسياندر بمقدمة تخفف من وقع الكتاب الذي يدافع عن دوران الأرض ومركزية الشمس والذي كان متوقعًا أن ترفضه الكنيسة، فكتب "إن الفلك لا يبحث في الأسباب الحقيقية للطبيعة، فهذا من اختصاص الفيزياء بل هو علم يهتم فقط بتاريخ الأجرام السماوية وهو يقدم فرضيات لمكان الأجرام في السماء، لهذا ليس المهم أن تكون هذه الفرضية أو تلك صحيحة أي فرضية مركزية الكون أو فرضية مركزية الشمس"، وهكذا أنقذت هذه المقدمة كوبرنيكوس من الحرق حيًا أو التمثيل بجسده ميتًا، وانتشر الكتاب بهدوء ولكن بثقة وسط الكاثوليك، لكن الذي وقف بشدة ضد هذا الفكر زعيم الإصلاح مارتن لوثر، حيث صرخ قائلًا: "هذا الأحمق يريد قلب الفن الفلكي" وأخذ لوثر يدين ويسخر من كوبرنيكوس لأنه ينزع الثقة عن الحس المشترك لصالح بهلوانياته العقلية، ناهيك عن أن هناك كثيرًا من النصوص المقدسة تؤكد ثبات الأرض وحركة السماء ومن ثم يعد كوبرنيكوس مارقًا يريد القول بعكس المقدس.
جاء جاليليو وآمن بما قاله كوبرنيكوس وأعلن لبعض أصدقائه المقربين عام ١٥٩٧ ذلك لكنه بقي عشر سنوات كي يعلن ما لديه فقد كان يعمل على تطوير التلسكوب ووجهه نحو السماء فاكتشف أقمارًا تدور حول كوكب المشترى وهو ما يعني أن الدوران ليس فقط حول الأرض...... من هنا راجت أفكاره، ومن هنا بدأ رجال الدين يتخوفون من الأمر لأن النصوص الدينية تقول بعكس كلام جاليليو وهو إحراج سيضرب هيبة الكنيسة المهددة أصلًا، مما جعل البعض يتجند ضد جاليليو في عام ١٦١٣ تمت دعوة الآب كاستيلي صديق جاليليو إلى حفل أقامه البلاط برعاية الدوقة كريستين دى لورين التى طرحت عليه أثناء العشاء حول تلاؤم الكوبيرنيكية مع تعاليم الكتاب المقدس خصوصًا ما يتعلق بمعجزة يشوع ١٠ الذي أوقف الشمس حتى انتصر شعب الرب وهو ما يخالف نظرية كوبرنيكوس.. عندما سمع جاليليو بما دار قام بالرد في خطاب إلى كاستيلي بتاريخ ٢١ ديسمبر١٦١٣يقول: اطلعت على الحوار الذي دار بينكم والدوقة في حضور مجموعة من الشخصيات والفلاسفة البارزين حول الكتابات المقدسة والفلسفة الطبيعية، إني أعرف أنك أكدت إن الكتابات المقدسة لا تكذب أو يشوبها الزلل فهي تجسد الحقيقة المطلقة إلا إنني أريد أن أضيف من جانبي أن الكتابات المقدسة لا يمكن أن تكون موضع زلل إلا إذا تجنب بعض الشارحين أو المفسرين الأخطاء التي يعد أخطرها والأكثر شيوعًا تلك التفسيرات الداعية إلى الوقوف على المعنى الحرفي والخالص للكلمات، فهذا لا يجرنا فقط إلى التناقضات بل يجرنا نحو الهرطقة والتجديف.إذ سيُصبِح لله بحسب التفسير الحرفي أرجل وأيادي وعيون وأحاسيس جسدية كما الإنسان كالغضب والندم والحقد ونسيان أحداث الماضي والجهل بالمستقبل، وكل هذا مجانب للصواب وقد يحصل بسهولة في حالة التعامل مع ظاهر النص والاكتفاء بالمعاني العارية للكلمات، وإذا ما تساءلنا لماذا وجدت الكتابات على هذه الشاكلة يقول جاليليو في رسالته: لكي تتلاءم والقدرات الضعيفة لعموم الناس، ومن جهة أخرى على علماء التفسير قراءة المعاني مجازيًا والبحث عما وراء اللفظ.
ما أشبه الليلة بالبارحة وما يعزينا فارق الزمان والمكان.
عزيزي القارئ ترى هل أصبت باختياري تعبير (يعزينا) أم أخطأت؟ وإذا كنت أخطأت فما هي الكلمة البديلة لمثل هذا الموقف؟