الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الفساد والإرشاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منظومة الفساد السياسي والمالي والاقتصادي والإداري في أي دولة بالعالم لا تدار بواسطة أشخاص معروفين أو لهم مناصب في النظام الحاكم بل تدار بواسطة أشخاص غير معروفين لضمان نجاح هذه المنظومة وعدم ضربها أو إسقاط أعضائها الذين يظلون دائمًا بعيدًا عن العيون والملاحقات الأمنية ولكن تتجمع لديهم جميع الخيوط وأوراق اللعبة.
ومن يدير أي منظومة للفساد دائمًا لا يمكن محاسبته دستوريًا أو سياسيًا ويملك من الوسائل والآليات التي تمكنه من إدارة هذه المنظومة على أكمل وجه دون المساس به.
وجماعة الإخوان المسلمين ليست مجرد جماعة من الملائكة وتستفيد من كل التجارب في العالم لتحقيق أهدافها وأغراضها بما في ذلك استخدام منظومة الفساد وظهر ذلك بوضوح في انتخابات رئاسة الجمهورية والقضية محل التحقيق الجنائي حاليًا الخاص بالمطابع الأميرية وتزوير انتخابات الرئاسة لصالح الدكتور محمد مرسي، حيث تولى الإشراف على هذا العمل المسئولون عن مكتب الإرشاد داخل الجماعة.
فمكتب الإرشاد داخل جماعة الإخوان هو صاحب كل القرارات بل هو سيد قراره داخل الجماعة ولا يملك أحد مهما عظم أمره أو شأنه أو منصبه حتى لو كان رئيسًا لمصر أن يعصى أمرًا للمكتب أو يخالف قرارًا له خاصة أن أغلب إن لم يكن جميع قراراته شفوية وغير مكتوبة ومحاضر اجتماعاته غير مسجلة.
فمكتب الإرشاد يعمل وفقًا لقاعدة “,”الغاية تبرر الوسيلة“,” واللجوء لمنظومة الفساد من أجل مصلحة عامة للجماعة مباح وليس محظورا أو محرما.. وعلى رأي مقولة الممثل الراحل توفيق الدقن “,”أحلى م الشرف مفيش“,”، فمقولة مكتب الإرشاد “,”أحلى من الفساد مفيش“,”.
فمكتب الإرشاد الذي يدير مصر الآن قولاً وفعلاً لا أحد في مصر يعلم عنه شيئا أو ماذا يدور داخل اجتماعاته التي تحاط بسرية تامة تفوق السرية التي تحاط بها اجتماعات الرئيس أو اجتماعات مجلس الوزراء، حيث يتلقى مكتب الإرشاد صورة من محاضر هذه الاجتماعات للاطلاع عليها.
فالفساد الحقيقي الذي تعاني منه مصر الآن ومنذ تولي الدكتور محمد مرسي الرئاسة، انتشار قيادات وأعضاء الجماعة في مفاصل الدولة.. الأجهزة السيادية والحكومية يديرها “,”مكتب الإرشاد“,”.. الصفقات التي يعقدها رجال أعمال مكتب الإرشاد في الداخل والخارج تخضع لمكتب الإرشاد.. أبرز ما يمارسه مكتب “,”الفساد الإخواني“,” هو ممارسة الضغوط على رجال الأعمال بعدم الانتماء لأحزاب المعارضة أو المشاركة في تمويلها ودعمها وإلا تعرضت مشروعاتهم للملاحقات الحكومية والإدارية.
فعدد كبير من قيادات رجال الأعمال المنتمين للحزب الوطني المنحل قرروا الابتعاد عن الساحة السياسية وعدم الانضمام للمعارضة رغم عدم رضائهم عم سياسات الرئاسة والحكومة خوفًا من تهديدات مكتب الفساد الإخواني.
ولعل القرار الذي أصدره منذ فترة، وزير الصناعة، بفرض رسوم إغراق على الحديد المستورد جاء استجابة لأحد رجال الأعمال المحسوبين على الإخوان والمقربين من مكتب الإرشاد بعد أن تعهد بتحمل مبالغ مالية كبيرة لدعم الحملة الانتخابية لمرشحي الإخوان في انتخابات مجلس النواب.
ففساد النظام السابق كما يحلو للبعض الحديث عنه يمثل قطرة في بحر فساد الإخوان ومكتب الإرشاد الذي يمارسه الآن على نطاق واسع في أرض مصر المحروسة وبعد أن دخلت الأجهزة الرقابية “,”الحظيرة الإخوانية“,” ولا تملك التصدي لفساد مكتب الإرشاد.. فمصر في حكم الإخوان ليست فوق الجميع بل إن “,”مكتب الإرشاد“,” فوق الجميع.