الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من أجل مجتمع مدني حقيقي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خرج علينا بعض رموز وأباطرة التمويل الأجنبي بتصاريح ناريه تفيد بأن هناك هجمة شرسة على المجتمع المدني، وذلك بمناسبة مناقشة قانون الجمعيات الجديد، وذهب البعض منهم إلى أن من حق منظماتهم الحصول على التمويل الأجنبي أسوة بالدولة، ومؤسساتهم المختلفة التي تحصل على إعانات، وتمويل اجنبي.
ولا ندري على اي اساس تتم هذه المقارنة؟!
فالدولة عندما تحصل على تمويل او إعانات اجنبية . فهذه المبالغ تدخل الموازنة العامة للدولة، ويتم معرفة ومراقبة أوجه صرفها من خلال الاجهزة الرقابية سواء مجلس النواب او الجهاز المركزي للمحاسبات او الرقابة الادارية، بينما منظمات التمويل الاجنبي تحصل على هذه الاموال لتدخل جيب صاحب المنظمة ، ولا يوجد اي جهاز رقابي على صرف تلك الاموال، وللأمانة يستعين بعضهم بمحاسبين ملاكي . يقومون بإعداد الفواتير، والمستندات المصطنعة للإفلات من اي محاسبة، وهي غير موجودة اصلا. كما ان الاموال التي تحصل عليها الدولة ومؤسساتها تصرف على الاغراض العامة للدولة  والشعب وفقا للخطط المعدة سلفا. في حين ان أصحاب المنظمات يقومون بصرف التمويل الاجنبي على أغراضهم الخاصة سواء شراء القصور أو الشقق في الأحياء الراقية أو العربات الفارهة، وما يتبقى يصرف على السهر في فنادق خمس نجوم، والترويج لهم في كافة وسائل الدعاية والإعلام سواء صحف او فضائيات، وللإنصاف يتم صرف مبالغ ضئيلة جدا على الورش، والدورات ، واصطناع الاوراق التي تقدم للجهات الاجنبية المانحة، والتي تستقبلها بصدر رحب وبدون نقاش لأن ما تقدمه هذه الجهات له اغراضه الأخرى المستترة ألا وهي التقارير التي تعدها هذه المنظمات عن كافة مناحي الحياة، وهذه التقارير يتم دراستها بعناية فائقة تمهيدا للتدخل واختراق الشأن المصري من خلال نقاط الضعف والتي لا يخلو منها اي مجتمع.
وهذا النشاط بدأ منذ الثمانينات. عقب انتصار الجيوش العربية على الجيش الاسرائيلي المدعوم بأحدث الاسلحة الامريكية في حرب أكتوبر 1973 .
الامر الذي أدى إلى انهيار نظرية الامن الإسرائيلي التي تقوم على تزويد الجيش الاسرائيلي بأحدث الأسلحة الامريكية حتى تضمن تفوقه على كافه الجيوش العربية، فكان لابد للإدارة الامريكية ان تعيد حساباتها، وتعيد وضع خطط جديدة عقب هذه الهزيمة بحكم كونها الوريث للاستعمار القديم، وفطن ذهنهم الى الاستفادة من مشاريع التقييم التي تم تنفيذها قبل الجلاء خاصة اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 عقب سقوط دولة الخلافة العثمانية وما تلاه من وعد بلفور بإقامة دولة اسرائيلية على جزء عزيز من الارض العربية بفلسطين لتصبح شوكة في ظهر الشعوب العربية ، وأداة عدوان لضمان نهب ثروات وخيرات البلاد العربية خاصة البترول.
وما أشبه الليلة بالبارحة.. لعن الله داء النسيان الذي نتعاطاه كشعوب عربية من اجهزة اعلام حكامنا العرب، وساعد على ذلك انتصار امريكا في الحرب الباردة دون ان تطلق رصاصة واحدة معتمدة على اساليب الاختراق الداخلي والتفتيت والتقسيم الامر الذي ادى الى انهيار المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي. وأصبح لدى الاستعمار الجديد بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد الاوربي ، ومن يدور في فلكهم تجارب قديمة وحديثة تم استخدامها ، وحققت افضل النتائج . فقرروا نقلها وتطبيقها في منطقة الشرق الاوسط خاصة في البلاد العربية ، حيث تم بلورة فكرة الشرق الاوسط الجديد القائمة على تفكيك ، وتقسيم ، وتفتيت البلاد العربية الى دويلات صغيرة ، وتدمير جيوشها بحيث لا يبقى سوى الجيش الاسرائيلي حتى تصبح اسرائيل الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط فتقود البلاد العربية لمصلحة الاستعمار العالمي. وبدأ التطبيق بإنشاء ما يسمى بصندوق دعم الديمقراطية في بلدان الشرق الاوسط، وخصصت ميزانية كبيرة له مع تبعيته لوزارة الخارجية الامريكية، وأنشئت اربع منظمات هي المعهد الجمهوري الدولي ، والمعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية ، والمركز الامريكي للتضامن العمالي الدولي ويتبع اتحاد العمال الامريكي ، ومركز المشروعات الخاصة الدولي ويتبع الغرفة التجارة الامريكية . هذا بخلاف المنظمات المستترة التابعة للاتحاد الاوربي والتي تنفذ ذات المخطط، وبدأت هذه المنظمات بالعمل في البلاد العربية خاصة تونس ، ومصر ، السودان ، الاردن ، ومركز قيادة بقطر حيث قامت برصد كافة عوامل القسمة والتفتيت بالبلاد العربية ـ من خلال التقارير التي تلقتها من تلك المنظمات مستفيدة من قهر واستبداد الانظمة العربية لشعوبها ، وتركيزها على التثبت بكرس الحكم ، وضعف كافة القوى السياسية والحزبية والمجتمع المدني في تلك البلاد، حيث تم تخريبه وإفساده عن طريق تلك الأموال المسمومة، وكانت ثورة 25 يناير والتي تم تصحيح مسارها بثورة 30 يونيه، وانضمام الشرطة والجيش .
وبفضل هذه الثورة تم انقاذ العديد من البلاد العربية من التفتيت والتفكيك ، والبعض تم تقسيمه فعلا كالسودان ، والعراق ، وجار تقسيم كل من سوريا وليبيا .
واذا كان المخطط تم كشفه ، وتعريته ، ووقفه فإنه سرعان ما عاد وبقوة بفضل تنظيم داعش‘ الصناعة الامريكية، ليحل محل تنظيم القاعدة، والمليشيات المسلحة المتطرفة بليبيا حيث أعلنت إحداها مبايعة زعيم تنظيم داعش ، والتصريحات النارية الصادرة من بعض المسئولين السودانيين بأن حلايب وشلاتين سودانية، واحتضان السودان لقيادات الارهاب ، وتهريب السلاح للمتطرفين في ليبيا ومصر واخيرا بروز الحوثيين الشيعة في اليمن وسيطرتهم على العاصمة صنعاء ، ومحاولتهم السيطرة على باب المندب بدعم كامل من ايران، الامر الذي يهدد الامن القومي المصري خاصة الملاحة بالبحر الاحمر وقناة السويس ، والسعودية ، ودول الخليج خاصة البحرين .
ولم نسمع اي رد فعل امريكي حيال سيطرة الحوثيين على صنعاء . وهذا يقودنا إلى التساؤل هل كان الحشد الامريكي للبلاد العربية والعالم ضد تنظيم داعش تمويها لما حدث في اليمن . ان الايام القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل .
وعودة لموضوعنا حيث دأب اصحاب منظمات التمويل الاجنبي التحدث باسم المجتمع المدني ، وكأنهم هم الممثلون الوحيدون له .
ونقول لهم أنتم لا تمثلون إلا أنفسكم او بمعنى ادق تمثلون الجهات المانحة للتمويل الاجنبي.
فالمجتمع المدني معناه أوسع ، ونسعى لإقامته على اسس صحيحة وواقعية وشريفة تقوم على العمل التطوعي خدمة لوطننا ولشعبنا وليس بإفساد الذمم. وذلك عن طريق تحرير الاحزاب، والنقابات، والجمعيات، والروابط، والمنظمات الأهلية من كافة القيود الاستبدادية التي تشكل حركتها، ولدينا حد ادنى هي مواد الدستور، وزخم تورتي 25 يناير، 30 يونيه، وبعيدا كل البعد عن التمويل الاجنبي فإقامة مجتمع مدني حقيقي وديمقراطي كفيل للتصدي لكافة المخاطر التي تحيط بنا من كل جانب ، وبأذن الله سنقيمه، وكفى عليكم ما تلقيتموه من تمويل اجنبي فهذه الاموال كفيلة بأن تعيشكم حتى نهاية العمر في رغد .
وكلمه أخيرة تخصنا إذا كنت أنا والراحل قديس الحركة اليسارية النبيل أحمد نبيل الهلالي قد ساهمنا في ابتداع فكرة الشركة المدنية التي لا تهدف للربح كوسيلة لإشهار هذه المنظمات بالشهر العقاري، فكان ذلك تصديا للقيود المفروضة على الجمعيات، وحينما أيقنا بأن هذه المنظمات تتلقى تمويلا أجنبيا تصدينا لذلك ورفضنا تلقي اي اموال من اي جهة ودفعنا الثمن غاليا، ومازلت أسدد الفواتير، ومع ذلك لي الشرف بمحو هذه المنظمات من الشهر العقاري من خلال تصدي نقابة الصحفيين المستقلة التي أسسها حسين المطعني وصدر قرار وزير العدل بعدم إشهار هذه المنظمات بالشهر العقاري .. وهذا تنويه وجبت الإشارة اليه .