الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

المخدرات طريق الهلاك للشباب.. خبراء: التفكك الأسرى والإحباط وأصدقاء السوء السبب.. وهذه عقوبة التعاطي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«الجرعة القاتلة».. أصبح تعاطي المواد المخدرة شبحا يقبض أرواح شبابنا، ولعل هذا الأمر ازداد مؤخراً بصورة واضحة، وأصبحت تلك المواد المخدرة كقبلة الموت التي تنهي حياة العديد من الشباب، فلم يعد الأمر كالسابق ولكن تفشي تعاطي المخدرات أصبح واضحاً، وتحدث العديد من المشاكل والجرائم بسبب تلك السموم فيكون الانسان تحت تأثير تلك المواد غير مدرك لما حولة وأيضاً غير واع لما يقوم به.
فأصبح الشق الأكثر إظلاماً هو موت العديد من الشباب والفتيات بجرعات من تلك المواد المخدرة، فأصبح هناك حرب من نوع جديد يستهدف الشباب للقضاء عليه، فلم تعد القنابل والدبابات هي فقط ما يستخدم في الحروب ولكن هناك حروب أصعب من ذلك وهي القضاء علي الشباب بمواد سامة وقاتلة، حيث تعددت الحالات التي راح ضحيتها شباب بسبب جرعات زائدة من تلك السموم، التي تؤكد انتشار تلك المواد السامة وكذلك تعريضها أرواح النشء إلي الخطر.
 

 

أسباب تعاطي المواد المخدرة


قال الدكتور وليد هندي إستشاري الصحة النفسية، إن أهم الأسباب وراء تعاطي الشباب للمواد المخدرة وهذ الأمر الذي قد يكلفهم حياتهم ثمناُ لتلك السموم، هو التفكك الأسري، فتجد الأب الغائب الحاضر الذي أصبح غارقاً في مشاكله واعماله ويعيش من أجل أن يمر اليوم عليه، ومنهمكاً في عمله ليل نهار ولا ينظر إلي بيته، الأمر التي تقابلة الزوجة بنوع من التذمر وتبدأ هي الأخرى في ترك زمام الأمور والانفلات الأسري، فلا رابط ولا حاكم للمنزل فكلاً يفعل ما يريد ويبدأ صراع الأدوار بين الزوجين والكل يتنافس من أجل اثبات أنه الأفضل، ومن هنا وتبدأ المشكلات الأسرية التي تؤدي حدوث شروخ وتفكك بين أبناء الأسرة الواحدة، وليس هذه الأمور فقط هي سبب تفكك الأسرة فثورة الاتصالات الحديثة تمثل أهم عنصر في عناصر التفكك الأسري فمن يتعلق بتلك الاجهزة لا يعي معني أسرة أو مجتمع، فشغله الشاغل هو جهازه الخلوي والمكوث في مكان وحيداً بعيداً عن الأسرة، ففي حين ابتعاد الآباء والأمهات عن الأبناء يلجأ الأبناء إلي الشارع وتعاطي المواد المخدرة التي تؤدي في النهاية إلي الموت.


وأضاف هندي بأن الإحباط أيضاً من أسباب التعاطي عامة فعندما يحبط الشخص يصبح في حالة من اللا مبالاة ويريد أي شىء يخرجه من هذه الحالة النفسية، فالإحباط والاكتئاب يؤدون بصاحبهم لتناول المخدرات وينساق في طريق اللا عودة وبعد الوصول إلي مكان لا عودة منه، فأنه يقوم بتزويد الجرعة لان الجرعة المعتادة أصبحت لا تعطيه مفعولها، وذات مرة تكلفة هذه الزيادة حياته ثمناً لها، هذا إلي جانب أصدقاء السوء الذين يقومون بسحب أصدقائهم إلي نهايتهم، فيبدأ الصديق الغير سوي والذي يريد أن يفسد العالم بأثره كما فسد هو، في إفساد صديقة السوي ويقول له "جرب مرة" ومن هنا تأتي أقدامه تباعاً إلي أن يكون فريسة سهلة لتناول المواد المخدرة ويقع تحت براثنها وتأكل من جسده وعقلة، فبعد أن كان شاباً يافعاً ينحدر به الحال إلي مدمن يعيش فقط من أجل المخدرات، ولم يعد يستطع الرجوع ولم يعد يتعظ فأن مات أحدهما بسبب المخدرات لم يعد يتأثر، حتي يأتي الدور عليه ويكون ضحية جرعة زائدة للمخدرات.


ومن جانبه، قال الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، بأن الشعور بالتهميش أحد أهم الأسباب في انعزال الفرد عن الجماعة، فحينما يشعر بأنه ليس له دور في مكانه، يضطر في الدخول إلي العزلة والتي ينشأ بسببها نوع من أنواع الكره المجتمعي، فيصير ناقماً علي المجتمع، كارهاً للجميع، منفرداً بذاته يحاول اسعاد نفسه في البعد عن الناس وتعاطي المواد المخدرة تحت مسميات كثيرة، فينحدر أخلاقياً ويصير مدمنا ينتهي به العمر في جرعة زائدة أو في جلسة للتعاطي، إلي جانب الابتعاد الديني وتهميش دور العبادة التي تبث روح التسامح وطرد روح الشر ونبذ العنف، والحس علي الأسرة وحقوقها من رعاية، وعدم الالقاء بالنفس والمال في التهلكة، وكذلك تدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية والأخلاق، فلكلاً منهما دوره في بناء شخص يعرف ماله من حقوق داخل أسرة مستقلة وما عليه من واجبات داخل مجتمع متماسك.


وأضاف فخري بأن الاعلام صاحب الدور الأسمى في انتشار تلك المواد المسمة من خلال الترويج لها في المواد التليفزيونية المعروضة علي الشاشات التي يشاهدها جميع أفراد الأسرة، فيتعلم الطفل من خلال ما يعرض لبطله المفضل ويحاول تقليد ما يحدث دون تفرقة بين الواقع والتليفزيون، فينشأ جيل مهتم بالمواد المخدرة والبلطجة وأعمال العنف بين أسرة متفككة لا تعي المسئولية، ويترك كلاً من الزوج والزوجة الباب علي مصراعيه أمام الأبناء للخروج من تحت رايتهم، ليأخذهم الشارع ويعلمهم صديق السوء التعاطي والاتجار في المواد المخدرة فينهي عليه وعلي مستقبله، وفي وقتها يكون مستقبله يحمل وجهين لا ثالث لهما، أما السجن وأما الموت بجرعة زائدة أو في سهرة تعاطي.


حوادث


عثرت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة علي ٣ جثث لشابين وفتاة داخل سيارة بدائرة قسم شرطة الوراق شمال المحافظة، وكشفت التحريات أن هبوطا حادا في الدورة الدموية نتيجة تناول جرعة مخدرات زائدة وراء وفاتهم ولا شبهة جنائية في الواقعة وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.


كما لقي عامل مصرعه نتيجة تناوله جرعة زائدة من المواد المخدرة داخل منزله بدائرة مركز شرطة الخصوص بمحافظة القليوبية وتم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفي تحت تصرف النيابة العامة وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.


ولقي شاب مصرعه إثر تناوله جرعة زائدة من المواد المخدرة داخل منزله بدائرة مركز شرطة أوسيم شمال محافظة الجيزة، جري نقل الجثة إلي ثلاجة المستشفي تحت تصرف النيابة العامة وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.


قعدة مزاج


عثرت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة علي جثة شاب داخل شقة بمنطقة الخليفة وكشفت التحريات الأولية أن جرعة مخدرات زائدة سبب الوفاة ولا شبهة جنائية في الواقعة وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.


جثة شاب متوفي داخل منزله بالمعصرة


كشفت تحريات الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة في واقعة العثور علي جثة شاب داخل منزله بدائرة قسم شرطة المعصرة أن الوفاة نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة تعاطي المتوفي جرعة زائدة من المواد المخدرة ولا شبهة جنائية في الواقعة وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.


برامج للتأهيل

طالبت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس بتفعيل دور الأسرة في احتضان وأنشاء جيل يعي بضرورة خطر تناول تلك المواد التي قد تقوده إلي نهايته، ونشر الوعي الديني بين الشباب من خلال تفعيل دور العبادة في بث روح التسامح ووضع الاخلاقيات ورفض العنف والتأكيد علي أهمية دور الأسرة وواجب كل فرد فيها وتربية النشء تربية صحيحة لنخرج جيل يعي ما يدور من حوله ولا ينساق في طريق الموت والمخدرات والتميز بين الأصدقاء ومعرفة من يريد به الخير ومن يفعل به الشر، إلي جانب التوعية الاعلامية التي لها الجانب الأكبر في تهذيب نفوس الأطفال والشباب لأنها بداخل كل البيوت ويسهل من خلالها بث التعاليم والتقاليد السليمة التي تمنع تفكير شبابنا في تناول تلك المواد القاتلة، فالتعليم في الصغر كالنقش علي الحجر فيري الطفل بطله في التلفزيون وهو يتعاطى المواد المخدرة عند مروره بأزمة نفسية وهي تساعده علي مرور تلك المرحلة، فيتطبع في نفسه سلوك البطل المفضل له وعند أول تحدي أو ظرف يريد تجربة ما قد جربه بطلة ومن هنا تبدأ الحكاية التي تنتهي بموته أثناء تناوله جرعة من تلك المواد القاتلة.


وأوضحت خضر بأن التعاطي مرض عضوي نفسي اجتماعي له تأثيرات سلبية وخطيرة من الناحية الامنية والاقتصادية والسلوكية في المجتمع، ويجب التصدي لتلك الظاهرة ومنع انتشار تلك المواد المخدرة من بلادنا الحبيبة، وطالبت خضر بضرورة وضع برامج للتأهيل من خلالها نستطيع تأهيل وتعليم الاطفال والشباب بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وكذلك وضع برامج تأهيل المدمنين ومحاولة الخروج بهم من نطاق الضغط الاسري والظروف إلي أماكن تأهيل مجهزة وتحوي عمالة وأطباء مدربين علي التعامل مع تلك الحالات وتوفير كافة سبل الرعاية لهم والخروج بهم من جديد لبدء حياة جديدة خالية من الادمان، بالإضافة إلي تفعيل الدور الاجتماعي للشباب لعدم الشعور بالتهميش والدخول في الحياة السياسية والاجتماعية للإحساس بأن لهم دورا في المجتمع وغير مهمشين.


كما أكدت أستاذ علم الاجتماع، بأن هناك ارتباطا وثيقا بين الحالة الاقتصادية والسلوك الانحرافي المجتمعي، وأوضحت بأن هناك علاقة عكسية بين الحالة الاقتصادية والانحراف السلوكي، فكلما زادت الحالة الاقتصادية قل السلوك الانحرافي وقلت معدلات الجريمة، والعكس يكون أيضاً صحيح فعندما تتدني الحالة الاقتصادية تزداد معدلات الجريمة ويتدنى المستوي الاجتماعي وتنهار الاخلاق، وأضافت بضرورة رفع المستوي الفكري من خلال بث مواد اعلامية بنائه ومراجعة المادة التي تعرض علي التليفزيون وعدم قبول المادة التي تدعو إلي العنف أو التدهور الأخلاقي، حتي وإن كلف الأمر ارجاع المادة برمتها، وكذلك لابد من تفعيل دور العبادة في بث تعاليم الاديان السماوية في التسامح ونبذ العنف ومعرفة مكانة الاسرة ودور كل فرد فيها من خلال معرفة الحقوق والواجبات، وهذا الأمر يقع علي عاتق رجال الدين وضرورة تعليم النشء الفهم والتفاهم، بالإضافة إلي تشديد العقوبة علي المتعاطين ليفكر الفرد أكثر من مرة قبل الاقدام علي تناول تلك السموم التي تضر بالفرد والمجتمع.

عقوبة التعاطي


قالت الدكتورة فاطمة زغلول المحامية بالنقض أنه قد أوضع المشرع المصري نتيجة لخطورة المخدرات قانوناً خاصاً به وسمي "قانون المخدرات" وهو القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠، وقد شدد هذا القانون علي جلب واتجار وتعاطي المواد المخدرة وأوضح أيضاً فيه جنح ومخالفات يرتكبها من رخص لهم في احراز المواد المخدرة، وفي حالة التعاطي فقد شدد المشرع علي متعاطي المواد المخدرة بعقوبات صارمة وتتراوح عقوبة التعاطي ما بين ٣ إلي ٥ سنوات.


وبما أن الصيدليات تعد مصدرا أساسيا يستخدمه المتعاطين والمدمنين، فان القانون قد شرع للصيدليات عقوبات تتناسب مع المخالفات، فشرع جنح ومخالفات يرتكبها من رخص لهم في احراز المخدرات، كجنحة عدم امساك الفاتر، والمقصود بها عدم الالتزام بجدول المخدرات التي حددته الجهات المعنية، وعدم مخالفة القيد في الدفاتر ، وفي المادة ٤٣ الفقرة ٢ جاءت جنحة تجاوز فروق الأوزان، كما جاءت المادة ١٢ من قانون المخدرات تنص علي أن جميع المواد المخدرة الواردة للمحل المرخص له بالإتجار بها وكذلك المصروفة منه يجب قيدها أول بأول في اليوم ذاته في دفاتر خاصة ومرقمة ومختومة بخاتم الجهة الادارية المختصة.


وأكدت زغلول بأن هناك عدة عوامل تساعد في الحد من ظاهرة تعاطي المواد المخدرة والقضاء عليها، كنشر الوعي بين الناس عن طريق العلم والتربية، ودراسة المشكلة بكافة جوانبها والتواصل إلي معرفة العوامل المؤدية إليها حتي يمكن وضع تخطيط سليم للقضاء علي هذه المشكلة والوقاية منها، وترية النشء تربية دينية سليمة من خلال تعاليم الديانات السماوية التي تنبذ العنف وتنادي للسلام والتسامح تفعيل دور الأسرة، وكذلك التوعية الجماهيرية عن طريق تنويه الاعلام بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات، ورأت زغلول ضرورة الاهتمام بأنشاء العيادات النفسية وتزويدها بالأخصائيين وأبعاد هذه العيادات عن الطابع البوليسي حتي يطمئن من يتقدم للعلاج بها، وبالإضافة إلي رفع مستوي المعيشة وتوفير الحياة الأمنة الذي يؤدي إلي عزوف الطبقات الفقيرة والمتوسطة وهم الاغلبية العظمي التي تتعاطي المخدرات، عن الاقبال علي هذه السموم، وطالبت زغلول بالاستعانة ببحوث علماء الاجتماع عند تعديل التشريعات المتعلقة بالمواد المخدرة حتي تصدر مطابقة للحاجات الفعلية للمجتمع، كما نوهت علي ضرورة تغليظ العقوبة لتصل إلي المشدد لمواجهة تلك الظاهرة المتفاقمة التي تهدف إلي قتل شباب الوطن الذين هم ذراع الأمة وحصنها المنيع.