السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غزة.. حرب تكسير الإرادة الفلسطينية لن تنجح!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى التحليل الأخير كل ما يجرى فى حرب غزة سواء فى ميادين القتال أو فى أروقة السياسة والدبلوماسية صراع إرادات يسعى كل منها إلى كسر الآخر وتهشيمه إن استطاع؛ وكل ذلك بهدف غلق ملف قضية الاحتلال الصهيونى لفلسطين بشكل نهائى وللأبد.

ومن الطبيعى أن تشهد الساحة المصرية أهم وأبرز حروب تكسير الإرادات التى إندلعت على هامش حرب غزة؛ ذلك أن لدى الكيان الصهيونى مخططًا لتصفية القضية الفلسطينية عبر توطين مئات الآلاف الفلسطنيين على الجانب الآخر من الحدود الفلسطينية فى مناطق رفح والشيخ زويد المصرية؛ فكانت دعواته المتكررة لأبناء غزة للتوجه صوب معبر رفح المصرية.

فلما أظهرت مصر إرادة حديدية ترفض التهجير والتوطين وتصفية القضية على حساب أمنها القومى؛ ذهب المحتل الصهيونى للحديث عن توطين أبناء غزة فى باقى المحافظات المصرية متخليًا عن اقتراح التوطين الأول فى سيناء.

بمكر ووقاحة صهيونية أصدر معهد إسرائيلى للدراسات الاستراتيجية تقريرًا مفاده أن لدى مصر وحدات سكنية بمدن العاشر من رمضان وأكتوبر تكفى لتوطين كل سكان القطاع.

وبدأت نبرة جديدة فى الإعلام الصهيونى تردد هذه الترهات وفى نفس الوقت تستمر آلة الحرب الإجرامية فى قتل الأطفال والنساء والشيوخ بآلاف القذائف الصاروخية وكأنها تستخدم تلك الصواريخ كمكنسة لكنس المصابين والجرحى والناجين نحو الحدود المصرية.

الكيان الصهيونى يعتمد فى مخططه على التأثير النفسى الذى تحدثه مشاهد استهداف المستشفيات والمنازل وقتل الأطفال والنساء وصراخ ذويهم والجرحى فى وجدان الشعب المصرى الذى قد يذهب إلى المطالبة بفتح معبر رفح واستضافة الفلسطنيين شأنهم فى ذلك شأن أشقائنا السوريين والسودانيين واليمنيين.

صحيح أن الدولة المصرية أكدت غير مرة على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسى أنها لن تقبل بسيناريو التهجير تحت أى عنوان، وأن لديها أدواتها الكفيلة لمنع حلم التوطين الصهيونى سواء فى سيناء أو غيرها لأن ذلك لا يؤثر سلبًا فقط على الأمن القومى المصرى وإنما من شأنه تصفية القضية الفلسطينية؛ ومع ذلك يتعين علينا التذكير دائمًا بما قاله الرئيس السيسى بأن لجوء الفلسطنيين إلى مصر يختلف تمامًا عن غيرهم من أبناء باقى الجنسيات العربية؛ وهى إشارة حكيمة فقد فسر ذلك بقوله: السوريون والسودانيون واليمنيون جاءوا لأنهم على خلاف مع أبناء جلدتهم وعندما يحل الخلاف سيعودون، أما الفلسطنيون فإن قبلنا بتوطينهم فهذا يعنى تصفية القضية الفلسطينية لأن أراضيهم محتلة والدفاع عنها يحتاجهم هناك.

نعم، مشاهد القتل والدمار أوجعت الضمائر وأدمت القلوب؛ لكن علينا الثقة فى أن الجيش المصرى العظيم سيتخذ ما يلزم من إجراءات حاسمة لحماية حدودنا وأمننا القومى؛ وسيفعل ما يمنع مخطط التهجير بما يضمن بقاء أهالى غزة فى غزة للدفاع عنها ولتظل القضية الفلسطينية حية لا تموت حتى يجبر الكيان الصهيونى على توقيع اتفاق سلام عادل على أساس حل الدولتين وأن القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين.

يحاول الصهاينة فرض إرادتهم بشتى السبل العسكرية والدبلوماسية، وعبر تناثر القذائف الطائشة وتسانده فى ذلك أصوات المعادين للجيش المصرى والمحرضين ضده والتى لا تكف عن دعوته للتخلى عن العقل والرشاد عند استخدام قوته الضاربة كما قال الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ذات الأصوات الخائنة وتحت شعارات دينية وإنسانية زائفة قد نسمعها فى مقبل الأيام تطالب بفتح الحدود وتوطين الفلسطنيين فى سيناء وغيرها من المحافظات المصرية، هى بذلك تعاون الكيان الصهيونى فى حرب تكسير الإرادات الدائرة بينه وبين الدولة المصرية.

صراع الإرادات تجلى أيضًا فى مطالبة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بتشكيل تحالف إقليمى ودولى للقضاء على حماس التى شبهها بالتنظيم الإرهابى داعش متبنيًا الدعاية الصهيونية.

دعوة ماكرون لا تستهدف حماس على وجه الخصوص وإنما كل فصيل فلسطينى قرر استخدام حقه المشروع فى مقاتلة العدو الغاصب لأرضه وهو حق تكفله جميع المواثيق والقوانين الدولية؛ بمعنى آخر سيصبح داعشيًا كل من يحمل السلاح فى فلسطين سواء فى الضفة الغربية أو غزة لتحرير أرضه؛ ويكشف التجاوب السريع مع هذه الدعوة من قبل الإدارة الأمريكية أن الهدف هو نزع حق الفلسطنيين فى الدفاع عن أنفسهم وتحرير أراضيهم المحتلة؛ ولن ينجو أى فصيل فلسطينى من هذه التهمة حتى ولو كان أسمه حركة فتح أو الجبهة الشعبية وهى الفصائل التى تتناقض أيدلوجياتها مع فصيل حماس.

وهو ما يعنى بالضرورة انتقال الحرب إلى الضفة الغربية للبدء فى تنفيذ مخطط التهجير إلى الأردن هذه المرة.

فى هذا السياق من الضرورى التذكير والتأكيد على أن جميع قطعان المستوطنين ليسوا من المدنيين فسجل جرائمهم ضد سكان قطاع غزة والضفة الغربية حافل، وحتى اليوم تخرج هذه القطعان بالرشاشات والأسلحة النارية مدعومة بمدرعات ودبابات جيش الاحتلال لقتل المدنيين العزّل فى قرى ومدن الضفة الغربية.

فى ساحة الأمم المتحدة نجحت المجموعة العربية بأدوات الدبلوماسية فى إحراز نجاح مهم ضمن حرب تكسير الإرادات مع الغرب الوقح الداعم للجرائم الصهيونية بتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب بهدنة إنسانية تمكّن من إدخال المساعدات للشعب الفلسطينى وتمهد لوقف دائم لإطلاق النار.

صحيح القرار غير ملزم لكنه جاء بأغلبية كاسحة بلغت نحو 89% من أصوات العالم لذلك هو نجاح مهم لابد وأن تبنى عليه الدول العربية لاتخاذ مواقف أكثر حسمًا خاصة فى مواجهة أوروبا باستخدام ورقة البترول والغاز والهجرة غير الشرعية كما أشرت فى مقال سابق، فمن المهم اختراق موقف أوروبا المأزومة أصلًا فى هذه الملفات بسبب الحرب الأوكرانية، والأزمة السورية قبلها.

تفعيل ما لدى العرب من أوراق ضغط سيعزز فاعلية ورقة الأسرى الصهاينة الذين بحوزة حماس ليجبر نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار، والإفراج عن 6 آلاف معتقل فلسطينى مقابل تحرير جميع الأسرى؛ وهذا ما يتعين على المجموعة العربية التركيز عليه لأن استمرار هذه الحرب المجرمة حتى فى حال إطلاق سراح الأسرى الفلسطنيين قد يؤدى إلى توسعة نطاقها بسبب تقدير خاطئ أو حماقة صهيونية وهذا ما سيشكل تهديدًا للأمن القومى والاستقرار السياسى والاجتماعى لكل دول المنطقة وبدون استثناء.