رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حجم الدماغ يُنبئ بحدوث مرض ألزهايمر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"أن يكون لديك دماغٌ مكتظٌّ وممتلئٌ بالمادة الرمادية، فهذا يعني أنَّك أقلُّ احتمالًا للإصابة بمرض ألزهايمر"
استند هذا الخبر إلى الأبحاث التي وجدت أن المسنين الأصحاء الذين لديهم مناطق معينة من الدماغ ذات حجم أصغر من مثيلاتها عند الآخرين، كانوا هم الأكثر عرضة لحدوث أعراض التدهور العقلي في غضون السنوات الثلاث القادمة.
والمتخصصون الذين يبحثون في الطرق المحتملة للتنبَُؤ بالأشخاص الذين يحملون خطر الإصابة بمرض ألزهايمر ولاسيَّما من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي، سوف يجدون فائدةً من هذه الدراسة.
هذا هو أحد المجالات الرئيسية للأبحاث، حيث إنَّ الكثير من الأبحاث الحالية مهيَّأةٌ نحو إبطاء مرض ألزهايمر أو منعه في مراحله المبكرة.
ما يعرفه العلماء في الوقت الحاضر هو وجود ترابطٍ بين ألزهايمر ووجود مستويات غير عادية لمواد بروتينية نشوية تُعرف بالأميلويد تتوضَّع في الدماغ. في حين لا يُعرف سوى القليل عن دور بنية الدماغ.
إلا أن أعداد المشاركين في هذه الدراسة صغيرةٌ جدًا، الأمر الذي يعيق أية عملية لاستخلاص استنتاجات قاطعة، ويجب أن يُنظر إلى نتائج هذه الدراسة بشيءٍ من التحفُّظ. فعلى سبيل المثال؛ فإنَّ من بين الأربعة عشر مشاركًا المصنَّفين على أنهم ذوو خطورة عالية للإصابة المبكرة بألزهايمر، ثلاثةٌ منهم فقط هم الذين تطورت لديهم أعراض التدهور العقلي. هذا إضافة إلى أن هذه الأعراض لا تُنبِئ بالضرورة بتطور مرض ألزهايمر، حيث إن هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من بعض النقص في الوظائف العقلية مع تقدمهم في السِّن من دون أن يتطور لديهم مرض ألزهايمر.
كيفية الدراسة:
يبدأ الباحثون في هذه الدراسة التحليلية باختبار فرضيتهم القائلة بأنَّ الترقُّق الذي يصيب تسع مناطق محدَّدة في قشرة الدماغ يمكنه أن يتنبَّأ بالتدهور المعرفي الذي يحدث عند المسنين (أو أن يكون علامة عليه).
وقد تمَّ اختيار تلك المناطق من الدماغ استنادًا إلى دراساتٍ سابقة أظهرت أنَّ هذه المناطق تميل نحو الانكماش عند المرضى المصابين بمرض ألزهايمر، ومرضى الاختلال المعرفي الخفيف، وعند أولئك المصابين بترسُّب لويحات الأميلويد. وأطلقوا على العلامة الحيوية التصويرية التي استعملوها اسم (توقيع مرض ألزهايمر).
ويشير الباحثون إلى أنَّه بات من المعروف أنَّ التغيُّرات في الدماغ التي تترافق مع مرض ألزهايمر تحدث قبل أن تتطور أعراض المرض بعدة سنوات. وبالتالي يمكن أن تُستعمل تلك العلامات الحيوية التصويرية لهذه التغيرات من أجل تشخيص المرحلة ما قبل السريرية لمرض ألزهايمر.
في الوقت الحاضر، يعدُّ التغيُّر الأساسي الذي يحدث في الدماغ والمترافق مع مرض ألزهايمر هو وجود المستويات غير العادية لمواد بروتينية نشوية تُعرف بلويحات الأميلويد. ومع ذلك، فإنهم يقولون إنه يُعتقد أن التشوهات التي تصيب بنية الدماغ هي أيضًا مسئولة عن هذا المرض.
ما تضمَّنته الدراسة؟
شارك في هذه الدراسة 159 شخصًا ممن كانوا عاديين من الناحية المعرفية (سليمين من أي تدهور معرفي أو خرف)، حيث أخذت بياناتهم من قاعدة بيانات وطنية معدَّة من أجل فحص التصوير العصبي.
استعمل الباحثون مقاطع الدماغ الممسوحة بالتصوير بالرنين المغناطيسي لقياس الثخانة في تسع مناطق دماغية ضمن القشرة الدماغية (الطبقة الخارجية للدماغ) وتُعرف أيضًا بالمادة الرمادية. حيث تلعب هذه الطبقة دورًا رئيسًا في وظائف الدماغ كالذاكرة والانتباه واللغة والوعي.
إنَّ هذه النماذج المحدَّدة المأخوذة من تلك القياسات والتي أطلق عليها (توقيع مرض ألزهايمر) تستند إلى دراسات سابقة أظهرت أنَّ تلك المناطق تبدي ترقُّقًا في القشرة الدماغية عند المرضى المصابين بمرض ألزهايمر أو مرضى الاختلال المعرفي الخفيف أو عند أولئك المصابين بترسُّب لويحات الأميلويد.
وبناءً على قياسات سماكة القشرة الدماغية تمَّ تصنيف المشاركين في هذه الدراسة إلى منخفضي ومتوسطي ومرتفعي الخطورة للإصابة بالمرحلة ما قبل السريرية لمرض ألزهايمر أي بمعنى آخر المرحلة المبكرة من مرض ألزهايمر.
أجرى الباحثون متابعة لمدة ثلاث سنوات على الأقل على المشاركين، حيث تمَّ فحصهم في بداية الدراسة وعلى مرِّ السنوات الثلاث. وأتيحت للمشاركين اختبارات لرصد أيِّ تغيُّر في الإدراك والمعرفة. وشملت هذه الاختبارات قياساتٍ للذاكرة، والقدرة على حلِّ المشاكل، والتخطيط والانتباه.
كما أجرى الباحثون قياساتٍ لمستويات بروتين الأميلويد في السائل الدماغي الشوكي عند المشاركين حيث إنَّ هذه البروتينات مرتبطة بوجود مرض ألزهايمر.
النتائج الأساسية:
تمَّ تصنيف 19 مشاركًا على أنَّهم ذوو خطورة عالية للإصابة بالمرحلة المبكرة للمرض، و116 على أنَّهم ذوو خطورة متوسطة، و24 ذوو خطورة منخفضة.
أكمل الدراسة إلى نهايتها 125 شخصًا فقط، حيث وجد الباحثون ما يلي:
- أظهر 21% ( 3 من 14) من المجموعة ذات الخطورة العالية أعراضًا للتدهور المعرفي.
- وأظهر 6.6% (6 من 90) من المجموعة ذات الخطورة المتوسطة تلك الأعراض.
- بينما أظهر 0% (0 من 21) من المجموعة ذات الخطورة المنخفضة تلك الأعراض، أي لم تظهر أعراض المرض عند هذه المجموعة.
كما وجد الباحثون في السائل الدماغي الشوكي مستويات غير عادية لبروتينات تترافق مع هذا المرض وذلك بنسب على النحو التالي:
- 60% من المجموعة ذات الخطورة العالية.
- 36% من المجموعة ذات الخطورة المتوسطة.
- 19% من المجموعة ذات الخطورة المنخفضة.
تفسير النتائج:
يقول الباحثون إنَّ هناك حاجةٌ لمزيدٍ من الأبحاث حول كيفية استعمال التصوير بالرنين المغناطيسي من أجل قياس أحجام مناطق مختلفة من الدماغ، وبالاشتراك مع اختبارات أخرى يُمكن أن يساعد ذلك في تحديد الأشخاص المعرَّضين لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر في مراحله المبكرة جدًا.
الاستنتاج:
تعدُّ أعداد المشاركين الصغيرة نسبيًَا وقصر فترة متابعتهم من المآخذ الرئيسية لهذه الدراسة. كما أنَّ النسبة هي 21% فقط من أولئك الذين صُنِّفوا على أنهم ذوو خطورة عالية باستخدام (العلامة الحيوية) المأخوذة من التصوير بالرنين المغناطيسي والتي كانت قيد الاختبار، استمروا وتطورت لديهم أعراض التدهور المعرفي.
ومع أنَّها تعدُّ نسبةً أعلى مما هي عند المجموعتين الأخريتين، إلا إنه يبدو أنها تدلُّ على أنَّ هذه العلامة الحيوية الخاصَّة هي مقياسٌ غير حسَّاس لتطور المشاكل المعرفية عند الأشخاص. رغم ما يشير إليه الباحثون بأنَّ هذا قد يرجع إلى قصر فترة المتابعة.
كما ويجب الانتباه إلى أعراض التدهور المعرفي ليست هي نفسها أعراض مرض ألزهايمر، ولا تُنبئ بالضرورة بوجود هذا المرض. فهنالك العديد من الناس ممن يعانون من بعض التدهور في الوظائف العقلية مع تقدُّمهم بالسِّن، ولا يعني هذا أنهم سيصابون بالخرف.
إنَّ عملية تطوير علامات دقيقة لمرض ألزهايمر تعدُّ مجالًا رئيسيًا للأبحاث، وذلك لأنه من الأرجح في المستقبل أنَّ المعالجات الباكرة - لأولئك المعرَّضين لخطورة مرتفعة بالإصابة بمرض ألزهايمر – ستكون قادرة على أن تُبطئ تقدُّم المرض أو على أن توقف تطوره أيضًا.
هنالك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الدراسات الأشمل قبل معرفة فيما إذا كان باستطاعة التصوير العصبي التنبُّؤ بخطر الإصابة بمرض ألزهايمر أو كَيفيَّة الطريقة التي يقوم بها بذلك.