الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

9 مايو.. البابا تواضروس الثاني يطير إلى الفاتيكان رافعاً شعار «المحبة الأخوية»..

زيارة تستمر لخمس أيام

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني وبابا الفاتيكان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يطير البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية برفقة وفد مكون من ١٠ من الآباء الكنسيين، إلى الفاتيكان يوم 9 مايو الجاري، في زيارة تاريخية لمقابلة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، للاحتفال بيوم "المحبة الأخوية" الذي يجمع بين الكنيستين، وسيظل قداسته هناك لمدة خمسة أيام ويعود بعدها إلى القاهرة.

ومن المقرر أن يتم استقبال البابا تواضروس الثاني في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، حيث سيلقي قداسته بعد ذلك كلمة بجانب البابا فرنسيس، خلال هذا الاستقبال؛ وفي صباح يوم الأحد ١٤ مايو، من المقرر أن يترأس البابا تواضروس الثاني صلوات القداس الإلهي في كنيسة القديس يوحنا في اللاتران ويشاركه في الصلوات الآلاف من الأقباط المقيمين هناك، وبذلك يصبح البابا تواضروس أول صلاة في التاريخ لرئيس ديني غير كاثوليكي داخل جدران الفاتيكان.

وأشار قداسة البابا حول تفاصيل هذه الزيارة خلال لقائه مع صحفيي الملف القبطي، يوم السبت الموافق ٢٩ أبريل الماضي، حيث قال قداسته: «إن زيارتي للفاتيكان زيارة محبة، وهذه الزيارة سوف تكون أيام ١٠ و١١ و١٢ مايو المقبل، وأن يومي ١٤ و١٥ من الشهر نفسه ستشهد زيارة رعوية للشعب القبطي في روما، والكنيسة الكاثوليكية قدمت لنا كنيسة سان جيوفانى للصلاة بالأقباط هناك حسب طقسنا القبطى الأرثوذكسي، ونشكرهم على هذه المحبة».

تأتي هذه الزيارة بعد عشرة سنوات من اللقاء الأول الذي جمع بين الباباوين في مايو 2013م بالفاتيكان بعد إرسال دعوة من البابا فرنسيس لقداسة البابا تواضروس؛ لتصبح أول زيارة لقداسته خارج البلاد بعد رسامته بطريركاً علي الكرسي المرقسي؛ وأثمر هذا اللقاء بإطلاق يوم تحت بعنوان «المحبة الأخوية»، بمناسبة مرور أربعين عاماً علي عودة العلاقات بين الكنيسين علي يد البابا شنوده الثالث؛ ليصبح يوم «المحبة الأخوية» الموافق 10 مايو يوما رسميا احتفاليا يقام في كل عام بين الكنيستين.

وتواصلت «البوابة» مع عدة شخصيات بارزة في الوسط القبطي للإدلاء بآرائهم في هذه المقابلة التاريخية الهامة، حيث يقول الباحث في المركز الثقافي القبطي مينا سليمان: «في رأيي أن هذه الزيارة مهمة جداً، وبنعمة الله سيقود البابا تواضروس الكنيسة إلى أحسن حال وإن شاء الله ستكون زيارة موفقة، وتكون قائمة على المحبة، ومن ثم تدارك الأخطاء ومن ثم الوحدة المنشودة، ونكون فيما بعد في يوم من الأيام كنيسة واحدة قائمة على تعليم صحيح، وهي تعاليم المسيح التي تناولها في كتاب المقدس، وما يتداول حول مسألة أن البابا تواضروس سيقدم أي تنازولات هذا غير واقعي بالمرة».

وأضاف سليمان: «وفي الأول والآخير نحن إخوة، ويمكننا أن نترك الكلام السلبي الذي لا يمكنه أن يبني؛ حتى نصل في النهاية إلى نهاية جيدة لنا جميعاً ككنائس في العالم، وأتمنى أن يكون هناك نقاش لاهوتي مثلما كانت هناك محاولة في أيام البابا شنودة الثالث؛ حتى نصل لوحدة حقيقة قائمة على المحبة والإيمان والتعاليم الصحيحة».

وأكمل قائلاً: «وعلاقة البابا فرانسيس والبابا تواضروس الثاني هي علاقة جيدة جداً، وحتى حينما كان البابا فرنسيس هنا طلب من البابا تواضروس أن يصلي له، وهكذا طلب أيضاً البابا تواضروس الثاني، وهذا شيء جميل ويعطي للناس انطباعا جيدا، وبالنسبة لزيارة البابا، فنحن قد قرأنا تفاصيل الزيارة من خلال المواقع الكاثوليكية، ونحن في الحقيقة لا نعلم أي تفاصيل من خلال كنيستنا؛ لأن المتحدث الرسمي لم يعلن أي شيء حتى الآن».

واستدرك قائلا: «لكن من خلال المعلومات التي قرأتها فهو سيكون يوماً احتفالياً بيوم المحبة الأخوية بمناسبة مجيء البابا فرانسيس إلى مصر منذ عشرة سنوات في زيارة إلى البابا تواضروس الثاني، وكان يوما يدل على المحبة الأخوية، واليوم تمر عشرة سنوات على هذا الحدث فيبادل البابا تواضروس نفس هذه الزيارة وهذا شيء قائم على علاقة المحبة بينهما ومن المقرر أيضاً يكون هناك احتفالاً بمناسبة زيارة البابا شنودة الثالث إلى الفاتيكان وبدء العلاقة بين الكنيسيتين من جديد».

وعن هدف الزيارة قال سليمان: «بالنسبة لأهداف الزيارة فقد تكون أشياء كثيرة، مثل: تأصيل مبدأ المحبة، وهو الذي أصبح موجوداً بالفعل عن طريق هذه الزيارات، وهدف آخر هو كيفية أن نصبح كنيسة واحدة من جديد دون أي انقسامات، لا يمكن القول إن أحد الجانبين يتنازل ولكن هناك قاعدة تقول: (الحق أحق إن أتبع) وهذه كله يأتي في صالح ووحدة الكنيسة».

وتابع قائلاً: «وجميعنا يعلم أن هناك اختلافات عقائدية جوهرية بين الكنيستين، ونحن ككنيسة أرثوذكسية ما زلنا محافظين على قرارات المجامع المسكونية الثلاثة وما بعد هذه المجامع فلنا تحفظ عليه، ونحن ككنيسة نعرف هذا الأمر، ولكن أنا أرى أن هناك علاقة مودة وحب صنعها البابا شنودة مع البابا بولس السادس بابا الفاتيكان منذ خمسين عاماً، وتستمر الآن العلاقة بين البابا تواضروس الثاني والبابا فرنسيس، وهذا يفتح المجال ليكون هناك حوار بيننا حول أختلافاتنا لنكون كنيسة واحدة في يوم من الأيام».

وأضاف قائلاً: «وحسب ما قرأت أن البابا تواضروس سيلقي كلمة خلال ساحة القديس بطرس وهذه لفتة جميلة جداً وفرصة لكنيستنا أن يصل صوتها لكل العالم، وذكر (براون) المسئول عن مسألة وحدة الأديان بأن البابا تواضروس سيصلي في كنيسة القديس يوحنا والبعض يسأل كيف سيصلي البابا في كنيسة كاثوليكية وعلى مذبح كاثوليكي».

واستدرك بقوله: «لكن نعلم كأقباط أرثوذكس أن هناك لوحا مقدسا متنقلا ليصلي عليه البابا أو الأسقف أو الكاهن، وهنا تصبح هناك شرعية للمكان، ليكون مكانا صالحا للصلاة، والبابا تواضروس لديه غيرة كبيرة على أسرارنا المقدسة؛ وحتى براون قال إنه تم استقبال الكنيسة الإنجليكانية، ولكنهم ليست لديهم أسرار مقدسة مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ورغم هذا فأسرارنا المقدسة تختلف عنهم، ولكن الكنيسة الكاثوليكية تعترف بأسرارنا، وهدف هذا الكلام أن الكنيسة الكاثوليكية تعطي مساحة للكنيسة الأخرى التي تسير بالتقاليد الآبائية عكس الكنائس اللوثرية».

واختتم كلمته قائلاً: «وهناك الكثير من الأقباط حزنوا على مسألة عدم تلقيب البابا تواضروس بلفظ البابا مثل البابا فرانسيس واستبدالها بالبطريرك، وأعتقد أن هذا خطأ غير مقصود ولابد أن تكون نيتنا (كويسة)؛ لأن البابا فرنسيس ذاته يلقب البابا تواضروس بالـ(بابا)، وهذا لأني سمعته وهو يتحدث للبابا تواضروس من قبل، ولابد وضع حسن النية حتى لا نعطي فرصة لعدو الخير».

بينما يقول القس رفعت فكري: «أعتقد أن هذه الزيارة ستكون مهمة، وبالطبع هذا ليس اللقاء الأول الذي يجمع بين بابا روما وبين بابا الفاتيكان، لأنه حصل هذا من قبل على يد البابا شنودة والبابا تواضروس لا يفعل شيئاً جديداً، وأنا أرى أن هذا اللقاء مهم، فالإيمان بالمسيح واحد في جوهره، كلنا نؤمن بلاهوت المسيح، فأساسيات الإيمان واحدة؛ ولهذا لابد أن نعمق وحدتنا؛ ولابد أيضاً أن نقر بوجود اختلاف، والاختلاف هو حق مشروع، فمن حق الكاثوليكي أن يبقي كاثوليكيا والأرثوذكسي كذلك، وهناك ما يجمعنا وهذا كثير».

وتابع فكري قائلاً: «وأما عن الأشياء التي نختلف بها فهي أمور ثانوية ولابد أن نقر بها ونعترف بها ونقبلها، ولا يجب أن تكون سبباً للتعصب أو لرفضنا لبعضنا البعض كلنا واحد في المسيح وأنا سعيد جداً بهذا اللقاء، وأتمنى أن تكون خطوة في طريق التقارب والوحدة والوحدة التي نتحدث عنها وليست وحدة تماثل بالوحدة تكامل، أي كلنا نكمل بعضاً البعض».

وسألناه: لماذا يرفض البعض مسالة التقارب بين الكنائس من الأساس، فقال القس رفعت فكري: «لأن هناك تعصبا ورفضا للآخر المغاير، وهذا الفريق يتوهم أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، ويظن أن تفسيره للنص الديني هو التفسير الوحيد الصحيح، وهم يحتاجون لأن يؤمنوا بالتنوع والتعددية وأن العصفور الواحد لا يصنع ربيعاً وأن الزهرة الواحدة لا تصنع بستاناً».

عودة العلاقات بعد غياب دام لقرون

بينما سرد لنا المؤرخ الكنسي المعاصر ماجد كامل تاريخ العلاقة بين الكنيستين، حيث قال: الجذور الأولى لعودة العلاقات بين الكنيسة القبطية والكاثوليكية ترجع إلى عام 1969م، حيث كانت هناك احتفالات في هذا العام بمناسبة ذكرى استشهاد القديس مار مرقس كاروز الديارة المصرية في فينسيا، فسافر وفد قبطي لحضور هذه الاحتفالات، وكان من ضم أعضاء الوفد الراحل الأنبا غورغوريوس أسقف البحث العلمي، وفي أثناء الزيارة قاموا بالصلاة في كنيسة هناك للقديس زكريا في الفاتيكان. 

وتابع كامل قائلاً: وعقب انتهاء الصلاة شاهدة الأنبا غورغوريوس نصب تذكاري مكتوب عليه باللغة اللاتينية هنا يرقد القديس أثناسيوس الرسول؛ فبعد أن عاد إلى مصر قام الأنبا غورغوريوس بنقل هذه المعلومة إلى الراحل البابا شنودة الثالث، الذي اهتم بالأمر كثيراً، حيث طالب بعودة رفات القديس أثناسيوس الرسول إلى مصر مثلما عادت رفات القديس مارمرقس الرسول قبلها بعام، وبدأت المفوضات بين البابا شنودة الثالث وبين البابا بولس السادس، وتعثرت المفاوضات بسبب رفض كنيسة فينيسا من جه وتعنت بعض آباء الكنيسة الكاثوليكية من جهة أخرى.

واختتم قائلاً: إلى أن جاء عام 1973م وكانت تحتفل الكنيسة القبطية والعالم جميعاً بمرور 16 قرناً على نياحة القديس أثناسيوس الرسول؛ فطالب البابا شنودة بمناسبة هذا الحدث بعودة رفات القديس ووافقة القديس بولس في هذه المرة حرصاً على حسن العلاقات بين الكنيستين وأتفق على أن يقوم البابا شنودة بزيارة إلى كنيسة روما وتكون فرصة لعودة العلاقة بين الكنيستين وتكون أول زيارة من نوعها في التاريخ، فشكل البابا شنودة وفدا من عشرة أساقفة وسافر إلى الفاتيكان في الفترة من 3 مايو إلى 10 مايو من عام 1973م، وفي اليوم الأخير صدر بيان مشترك بين الكنيستين على هذا اللقاء وعاد البابا شنودة مع الوفد برفات القديس أثناسيوس حيث وضعت في الكنيسة المرقسية.

يشار إلى أنه خلال هذه الزيارة تم توقيع اتفاقية «كريستولوجية»، التي وضعت حدًا للجدل الذي نشأ حول مجمع خلقيدونية، والذي أدى إلى قطيعة بين روما والعديد من الكنائس الشرقية، بما في ذلك الأقباط. أكد هذا الإعلان المشترك لعام 1973 أن المؤمنين يشاركون بالفعل نفس الإيمان بالمسيح بعد غياب دام لـ15 قرنًا من الزمان منذ انفصال خلقيدونية، واستعاد البابا شنودة أيضًا رفات القديس البابا أثناسيوس الرسولي أشهر بابوات الإسكندرية، ولما كانت القسطنطينية هي عاصمة الدولة البيزنطية التي تحكم مصر في ذلك الوقت فقد استغلت القسطنطينية نفوذها فأمرت بنقل الجسد إلى القسطنطينية، وكان ذلك في القرن الثامن ثم نقل بعد ذلك إلى فينسيا في القرن الخامس عشر، ولذلك اختارت الكنيستان يوم 10 مايو ليكون يوما تحت عنوان «المحبة الأخوية».

 

 

أول زيارة لبطريرك الكنيسة القبطية إلى الفاتيكان 
البابا تواضورس الثاني والبابا فرنسيس 


 

الباحث مينا سليمان 
المؤرح ماجد كامل
القس رفعت فكري


 

من صفحة بالناس المسرة