السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

«نشيد الخلائق» للقديس لفرنسيس دعوة لحماية وصون البيئة.. انتباه عالمي لمخاطر «التغير المناخي».. وخبراء: كل الأديان دافعت عن الحفاظ على البيئة ومواجهة الآثار السلبية.. والكنيسة تلعب دورا إيجابيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كُنْ مُسبَّحًا، يا سيِّدي، لأختنا الريح والهواءِ والسُحُب والسماءِ الصافيةِ ولكلِّ الأزمنةِ التي بها تَحفظُ حياةَ المخلوقات.
كُنْ مُسَبَّحًا، يا سيِّدي، لأخينا الماء الكثيرِ الفائدة، الوضيع، الثمين،العفيف.
كُنْ مُسَبَّحًا، يا سيِّدي، لأختنا وأمِّنا الأرض، التي تَحمِلُنا وتقودنا وتُنِتجُ ثمارًا متنوِّعةً معَ زهورٍ ملوَّنة وأعشاب.

هذه بعض الأبيات من «نشيد الخلائق» القديس لفرنسيس الأسيزي التي تحثنا على قيمة الطبيعة التي أنعم الله علينا بها بمحبته.

تعيش مصر هذه الأيام حالة استثنائية، حيث تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية (cop-27) لعام 2022، والذى يشارك فيه عدد واسع من رؤساء ومسؤولين دول العالم، ويبلغ عددهم أكثر من 190 مسؤولا.

ويستمر المؤتمر في الفترة من 6 إلي يوم 18 من الشهر الحالي، ويتماشى هذا المؤتمر مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050، التي أطلقتها الدولة المصرية تحت رعاية وتوجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.. وفي السطور القادمة سنسرد حول خطورة الأزمة.

كنا نعيش في غفوة

وتمر الأعوام ومازالت أزمة التغيرات المناخية تتفاقم بشكل ملحوظ، حتى أصبحت أزمة تهدد أرواحنا وطبيعتنا وكوكبنا ككل، وذلك بأشكال عدة من (حرائق...جفاف...سيول)؛ لذلك كان يجب علي دول العالم أن توجهت أنظارها لهذه الأزمة؛ للبحث عن حلول عملية تمتص غضب الطبيعة، فكانت مصر أحدي هذه الدول التي ترغب بشغف بأن تشارك في هذا الأمر بكافة أنظمتها ومؤسساتها. 

 وذكر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) بتقريرة الخامس، الصادر في يوليو الماضي، أن درجة الحرارة العالمية في ارتفاع مستمر، ومن المتوقع أن ترتفع من 2.6 درجة مئوية إلي 4.8 درجة مئوية سنة 2100م، فلك أن تتخيل أن كل ما يحدث الأن سيتضاعف؛ لذلك أي نوع من انواع التقاعس سيدفع ثمنه الجميع على المستوى البعيد. 

ومن جانبه يقول الخبير البيئي يسري مصطفي: تُعد الأديان هي أحد أهم الحاضنات الثقافية للأخلاق، فقد برز الاهتمام بالعلاقة بين الأديان والبيئة والتغير المناخي. بل واهتمت البحوث الاجتماعية بهذه العلاقة، وخاصة فى الغرب، وفى حين خلصت بعض الدراسات إلى وجود علاقة سلبية بين بعض الاتجاهات الدينية والسلوكيات الداعمة للبيئة، إلا أن هناك اتجاهات أخرى كشفت عن إمكانية تطوير حساسية دينية مؤيدة لجهود مكافحة التلوث وتغير المناخ.

ويشير “يسري ” إلى أن  الكثير من الخطابات الدينية لا يزال مشغولا بالدفاع وحراسة الهوية الدينية، فكثيرا ما يتم طرح قضايا البيئة من منظور الهوية، كأن يتم الإيحاء بأن دين بعينه هو أول ديانة اهتمت بالبيئة، وإنكار جهود العلم والعلماء، وحتى الجوانب الإيجابية في المعارف التقليدية التي تشكلت على مدار التاريخ.

وإلى جانب ذلك، فعلى الرغم من أن الاهتمام الدولى بحوار الحضارات والحوار بين أتباع الأديان قد واكب فى ظهوره الاهتمام الدولي بقضايا البيئة وتغير المناخ، إلا أن جدول أعمال الحوار بين أتباع الأديان انشغلت بخطابات المصالحة بين الهويات الدينية ومواجهة كراهية البشر لبعضهم، أكثر من اهتمامها بالتعايش مع البيئة، وبدلا من نقد مركزية الإنسان المدمرة للأرض والكائنات، تم الاهتمام بمركزية الهوية الدينية.

 ومع توظيف أفكار التعددية الثقافية لاستدامة الهويات، تم تجاهل التعددية البيولوجية اللازمة لاستدامة حياة البشر وسائر المخلوقات؛ ولكن هذا لا يعنى التقليل من شأن هذه الاجتهادات الدينية فى مجال البيئة، بل على العكس، من المهم إيلاء مزيد من الإهتمام بدور الأديان وخاصة فيما يتعلق بتعزيز ودعم الأخلاقيات والثقافة البيئية.

ودفع ذلك الكنائس القبطية ايضًا للمشاركة في هذه الحملة البناءة؛ لكونها أحد الأعمدة المعروفة بدعمها للشعب والدولة في الظروف المختلفة؛ وذلك عن طريق دفع كافة وسائلها الإعلامية والمراكز الثقافية، لنشر الوعي البيئي، ونشر ثقافة المحافظة على البيئة، بجانب الأعمال التي تدشنها علي أرض الواقع مثل حملات زراعة الأشجار، واستخدام الواح الطاقة الشمسية في بعض الكنائس؛ لتوفير الطاقة، وغيرها من الأنشطة التي تكبح هذه الازمة الخطيرة.

فقامت الكنيسة خلال شهر ديسمبر من العام الماضي تحت توجيهات قداسة البابا تواضروس الثاني بإطلاق مبادرة تحت عنوان "ازرع شجرة" التي من خلالها شجع قداسة البابا الإيبارشيات والكنائس على زراعة الأشجار على أن تقوم كل كنيسة بزراعة مئة شجرة على الأقل، دعمًا ومساندة لمصر في تنظيم النسخة القادمة من مؤتمر قمة الأمم المتحدة للمناخ COP27، وقامت الكنيسة بتخصيص 12 جائزة بقيمة 250 ألف جنيه للكنائس الفائزة بحسب أعداد الأشجار المزروعة والنامية والتنسيق الجمالي لها.

 ومن جانبه يحدثنا نبيل محروس رئيس مؤسسة أزرع شجرة، عن أهمية زراعة الأشجار: «عملية التشجير هي عملية مهمة جدا فكل شجرة تعطي نسبة أكسجين تكفي عائلة واحدة مكونة من 14 فردا».

وتابع:  عند زراعة كل شجرة نوفر أكسجين أكثر ونقلل من نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء وبالتالي نؤثر على البيئة بالإيجاب (ثاني أكسيد الكربون أكثر الغازات المتسببة في عملية الاحتباس الحراري). ونحن كدولة مصر متأخرون جدا الاهتمام بالزراعة فإننا لم نصل لمرحلة لكل فرد شجرة علي عكس الدول المهتمة بالبيئة التي قد يصل نصيب الفرد الواحد فقط 8 آلاف شجرة ونتمنى أن يطلق سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة 100 مليون شجرة مثل مبادرة 100 مليون صحة وسنعرض هذا علي مؤسسة الرئاسة لتبني هذه الفكرة».

وقال إذا تحدثنا عن الأنشطة الراهنة فدعا البابا تواضروس الثاني خلال عظته الأسبوعية جميع المصريين قائلًا: «كل واحد منا مسؤول تجاه الطبيعة»؛ وقام المركز الثقافي الكنيسة القبطية الارثوذكسية بإطلاق مؤتمر الشهر الماضي تحت عنوان «تغير المناخ والاحتباس»، شارك به عدد من الكوادر العلمية بالدولة، قاموا بعرض كافة جوانب هذه الازمة، وفي نفس هذا السياق ايضًا اطلق مجلس كنائس الشرق الأوسط مؤتمر يعرض نفس هذه الفكرة. 

ويقول خبير البيئة والطاقة د. ماهر عزيز: «إن أزمة التغير المناخي هي أزمة عالمية وعلاجها تتحمل فيه كل دولة في العالم مساهمة جوهرية وأهم المساهمات هي محاولة كل دولة خفض انبعاثات غازات الدفيئة من كل أنشطتها في جميع القطاعات الاقتصادية بالدولة فالأنشطة البشرية التي ترتكز علي التصنيع، وتوليد واستخدام الطاقة، والنقل علي الطرق، والحراجة والزراعة، وإنتاج كميات ضخمة من المخلفات، تسفر عنها زيادات متواصلة في تركيزات غازات الدفيئة في جو الأرض، وبلغ الارتفاع في متوسط درجة حرارة، وترتب علي ذلك حدة وتكرارية الأحداث المناخية المتطرفة «أي غير المألوفة وغير العادية»، فازدادت شدة وعدد مرات الأعاصير والفيضانات والموجات الحرارية العالية». 

وأكمل عزيز قائلًا: يمكن للكنيسة المساهمة في هذا الجهد بما يلي: «ترشيد استخدامات الطاقة في جميع أبنيتها في القطر المصري كله،الاستغناء عن الأجهزة المكثفة، واستخدام الطاقة، واستعمال أو تركيب أجهزة وأدوات بديلة مثل لمبات الليد بديلا عن لمبات الاستنجن، ضبط جميع أجهزة التكييف في كل الأبنية الكنسية علي درجة حرارة 24 درجة مئوية، نشر الوعي بين جميع أبناء الكنيسة في جميع الكنائس بالتغيرات المناخية وكيفية مجابهتها». 

وتابع قائلًا: «تستطيع الكنيسة القبطية الأعتماد في الأبنية الجديدة علي معايير العمارة الخضراء، وهناك مثال واضح في جامعة 6 أكتوبر ويمكن الاسترشاد بها كنموذج ولكن هنالك الآن مهندسون معماريون يصممون المباني وفقا لمعايير العمارة الخضراء». وأختمم قائلًا: «أرجو أن تقود الكنيسة حملة توعية كبيرة في محيط كل كنيسة فردية تقع تحت رئاستها لأجل نشر المعرفة بتغير المناخ والالتزامات الرئيسية علي مستوي المواطن الفرد للمشاركة بجهد إيجابي في مكافحة غازات الدفيئة».