السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

تأجيل الدراسة.. حديث الصباح والمساء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ملايين المصريين يحبسون الأنفاس.. في انتظار القول الفصل في مسألة بدء الترم الثاني من العام الدراسي في موعده والذي من المفترض أن يبدأ بعد ساعات معدودات، أو تأجيله في ضوء ارتفاع نسب الإصابات والوفيات في ظل حالة الانتشار الكبير لـ كورونا الذي لا يكاد يخلو منزل من وجود مصاب أو أكثر بالفيروس ومتحوراته.

لكن في واقع الحال.. وإن "جينا للحق" فإن المسألة لا تتعلق بالخوف من العدوى، بقدر ما هو انزعاج من العملية التعليمية برمتها والتي بكل أسف تحولت إلى "بعبع" مخيف في كل بيت مصري.

فالأزمة أننا أصبحنا في مجتمع يكره العلم في كثير من أوجه حياته، وهذا ليس كراهية للعلم في حد ذاته بل في المؤسسات التي تديره والمدرسون الذين يجهلونه لدرجة دفعت الكثيرين لترديد مقولة "يقطع العلم على اللي بيعلموه واللي بيتعلموه والكل كليلة".

وقد ناقش المفكر الكبير الراحل الأستاذ السيد ياسين هذه الظاهرة منذ سنوات هذه القضية في مقال له بعنوان: "هل الثقافة العربية معادية للعلم المعاصر؟" وقد حاول من خلاله رصد التحديات التي تقف حجر عثرة في وجه مسيرة التقدم العربي، وذهب كما ذهب عدد من مفكري الغرب إلى أن التخلف حالة عقلية.

وأشار "ياسين" في كتاباته إلى أزمة المجتمع العربي المعاصر مع العلم والتعليم مؤكدًا أن التخلف العلمي يرجع في الحقيقة إلى سببين رئيسيين، الأول عدم إيمان المجتمع برمته بأن العلم ركيزة التقدم الأولى، وثانيا تقاعس أو فشل كبار العلماء عن محاولة إقناع الحكام بأهمية العلم في دفع قوى الأمة نحو مستقبل أفضل.

وجنح بعض الباحثين مثل د. سمير أبو زيد إلى تفنيد الأسباب التي أدت إلى كراهة العرب لكل ما هو علمي، وإلصاق تهمتها في الدين بدعوى أنه يقيد حركة التفكير العلمي ويكبح التوجه نحو اكتشاف المجهول وأن فقهاء ومفكري الدين رسخوا الاعتقاد بأن الدين هو كل شيء في حياة البشر وهو الدنيا والآخرة، وهى رؤى مخالفة للواقع حيث يبالغ كاتبها في تقدير هيمنتها ويعول عليها كثيرا، وقد لاحظ ذلك الأستاذ السيد ياسين وتحفظ عليه متسائلا عن السر في النهضة العلمية الإسلامية الكبرى في القرون الوسطى إذا كان الدين له تأثير سلبي يحول دون الإقبال على العلم.

في الواقع فإن المصاب جلل وأن الرسالة التي وصلتنا من فرحة الناس بتأجيل الدراسة إلى هذه الدرجة تحتاج وقفة حاسمة من كل مسئول في هذا البلد الأمين.. فلا يمكن السكوت عليه بأية حال إلا إذا كنا نصر على أن نبقى دولة "نايمة".