الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

معرض الكتاب.. الصالون الثقافي يناقش "الذين قتلوا مي"

جانب من المناقشة
جانب من المناقشة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

استضاف الصالون الثقافى للمعرض مناقشة كتاب «الذين قتلوا مى» للشاعر والمؤرخ الأدبى الكبير شعبان يوسف، بمشاركة الكاتبة الروائية الكبيرة سلوى بكر، والمبدعة والناقدة أ. د. فاطمة الصعيدي. 
وقال الكاتب والناقد يسرى عبدالله إن كتاب «الذين قتلوا مى» لا ينفصل عن متن المنجز التأريخى الذى يصنعه شعبان يوسف، فى كتبه المتواترة «لماذا تموت الكاتبات كمدًا»، و«المنسيون ينهضون»، و«ضحايا يوسف إدريس وعصره»، وغيرها من الكتب التى تحمل عطاء فكريًا ممتدًا.
وأضاف: «حين نقرأ كتابا مثل (الذين قتلوا مي) تبدو إمكانات تفعيل العقل النقدى حاضرة، هذا الكتاب الذى يمكننى النفاذ إلى جوهره عبر ما يسمى بآليات نقد النقد، أو ما نطلق عليه (meta criticism)»، متابعًا: «هذا المنهج النقدى الثقافى الوسيع الذى يسعى إلى المراجعة النقدية المستمرة، وتفكيك المقولات المركزية، ومساءلة التفاصيل، وهى عينها آليات اتكأ عليها الشاعر والمؤرخ الأدبى شعبان يوسف فى كتابه المهم الذى يبدو مكتنز المبنى، عميق المغزى، يستحضر جانبا من تاريخ الثقافة المصرية».
ولفت «عبدالله» إلى أنه اذا كان الكتاب يحيل إلى تاريخ ميلاد مى زيادة ويحدده بدقة فى العام ١٨٨٦، مصوبا مجانية كتابة تاريخ مولدها من قبل البعض، ومتابعة البعض الآخر للخطأ ذاته، فى تفعيل لمنحى المراجعة النقدية الذى انطلقت منه دراستى عن الكتاب.
وأكمل: «يجعل شعبان يوسف من الأدبية مى زيادة مركزا للكتاب، وإذا كان ثمة كتاب لكامل الشناوى عنوانه (الذين احبوا مي) يأتى على منوال النهج الذى سار فى محاولة خندقة الكاتبة وحصارها فى جانب أحادي، لا ينصرف إلى آثارها الأدبية والفكرية، وإنما ينصرف إلى أولئك المتحلقين حولها، فى تكريس لما انتقده شعبان يوسف حول حصار مى فى سياق جاهز يتصل بتلك المرأة الفاتنة التى خلبت قلوب من حولها».
من جانبها قالت الكاتبة الكبيرة سلوى بكر: يطرح الكاتب شعبان يوسف فى الكتاب مشكلة كبيرة لا تتعلق بمى زيادة فقط، وإنما تتعلق بأزمة المرأة فى المجتمع العربى كله.
وأضافت: لقد دخلنا مرحلة الحداثة وما بعد الحداثة وما زال التعامل مع المرأة يتم بشكل ماضوى قديم لا يمت للحداثة بصلة، فنرى فى الكتاب نخبة من أهم نخبة مصر والعالم العربى فى فترة ذهبية من الإبداع الأدبى يقومون بعملية اغتيال معنوى شديد ضد هذه السيدة الرقيقة. وأكملت: دأب التعامل مع المرأة على أن يقتصر عملها على أعمال المنزل بينما الرجل له كل الصلاحيات والحريات والأعمال العامة وهو الأمر الذى يحكم المجتمع منذ قديم الأزل وإلى الآن، مطالبة بتغيير النظرة النمطية للمرأة فى المجتمع. وواصلت: أقول لكل النساء لا تخفن من الرجال فكلهن نمور من ورق، والمرأة تحقق إنجازات ليست منحة من أحد، والدستور ينص على تساوى الحقوق بين الرجل والمرأة، ولسنا ملك الأب أو الأخ، وإنما لنا شخصيات مستقلة ويجب أن ندافع عنها وعن إبداعنا.
ينهض كتاب «الذين قتلوا مي» على جدل الوثائقى والفكري، فلا يكتفى بتقديم الوقائع كما هي؛ وإنما يسعى إلى تأملها وتحليلها عبر عصر بأكمله نرى فيه مواقف الأساتذة الكبار طه حسين وسلامة موسى ومحمد حسين هيكل والمازنى وأنور المعداوى وغيرهم، وهى تمثل الفصول المتواترة للكتاب الذى اختتمه الكاتب شعبان يوسف بفصل أخير عن الكاتبة الطليعية نوال السعداوي، فى إشارة إلى استكمال المرأة المبدعة لمسيرتها أو بالأحرى لتواتر المنطق الذكورى فى التعاطى مع إبداع المرأة، وشيوع سلطة الأنا الذكورى القامع فى مواجهة عدد من الكتابات النسائية المهمة والمشاريع المغايرة فى متن ثقافتنا الوطنية والعربية.
يسرد «شعبان» يوسف الوقائع المختلفة حول التأكيد على فكرته المركزية التى انطلق منها وحاول البرهنة عليها كثيرًا، أما عبر المفارقة التى انطوى عليها معنى أن يكون هناك مثقفون طليعيون يقفون فى الجانب الآخر من النهر، ويسعون الى تقزيم صنيع «مى» كما فعل «المازنى» الذى وسم كتابتها بالثرثرة ولم يقف الأمر عند حدود إصدار حكم قيمة مطلق بشأن كتابتها وإنما تجاوزه الى عدم استجلاء جوهر هذه الكتابة وهذا هو بيت القصيد فى النقد الموجه إلى المازنى هنا، أن حكم القيمة يكمن قراءته فى عدم تطور النظرية النقدية آنذاك، تلك النظرية التى عرفت دقة المصطلح وإجراءاته، فعرفت ترهل البناء، والاستطرادات المجانية ولم تأت على ذكر ذلك كله إلا عبر مراجعة شاملة للكتاب موضوع البحث والدراسة وليس محض أحكام جاهزة عمومية الطابع.
إن القراءة الدقيقة التى صنعها شعبان يوسف هنا لمتون ما كتب عن «مي»، وقد برز هذا على نحو جلى فى استحضار ما كتبه الناقد الماجد أنور المعداوى حين وقع فى فخ التماهى بين الكاتب والكتابة، معملا أدوات التشريح النفسى لا للكتابة ولكن لكاتبتها، مشيرا إلى علاقتها بجبران خليل جبران أستاذها الذى دارت بينهما رسائل عديدة، لكن ومال الأثر الأدبى بمسلك صاحبه خاصة إذا لم يصعد على أكتاف أحد أو يبدى وعيا انتهازيا فى علاقته بالكتابة، ومى امتلكت لغة خاصة وبصمة أسلوبية مميزة، ووعيا طليعيا فى سياقه، ألهم أجيالا بعدها. تتسع دوائر النقد لما كتب عن مى فى كتاب الذين قتلوا مى ويصل الكاتب إلى سلامة موسى الذى تراجع عن آرائه المبشرة بشأن مي، وقد سعى الكتاب فى غير موضع الى محاولة تفكيك الذهنية الحاكمة لمقولات مفكربنا الكبار.