الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أستاذ لاهوت بكتابه "في البَدءِ كانَ العَقلُ": الكتاب المقدس دعم التفكير النقدي

غلاف كتاب في البدء
غلاف كتاب في البدء كان العقل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الدكتور القس سامي عياد، أستاذ اللاهوت الإنجيلي ، بان القسم الأول من كتابه الاخير والمتداول الان بمعرض القاهرة الدولي للكتاب  تحت عنوان  "في البَدءِ كانَ العَقلُ" ، هو  محاوله  لتغيير الصورة المشوّهة التي كونها العالم المسيحي عن "التفكير النقدي، وأهميته للإيمان المسيحي الصحيح، بعرض المعني الحقيقي لهذا التفكير في التاريخ العَلماني، في العهد القديم، في العهد الجديد، وفي تاريخ اللاهوت المسيح.

وأضاف “عياد” عبر صفحته الشخصية عبر شبكة التواصل الأجتماعي الفيس بوك ، بان الكتاب المقدس عبر كل أسفاره عن  دعمه ومساندته للتفكير النقدي، بل كيف يدعونا بقوة لأستخدامه في تفسير وفهم خبرات إيماننا وحياتنا. بل يُذهلنُا "الكلمة" اللوجوس وهو يتحدي العقول والأذهان بأكثر من ٣٢٤ سؤالًا، لم يجب سوي علي خمسةٍ منها بصورة مباشرة وثلاثةٍ بصورة غير مباشرة.

وتابع عياد : "الانطباعُ السَلبي، الذي ترسّخَ فِي أذهَان الكَثيرين عَنْ التَفكير النَقديّ فِي مجتمعَاتِنا العَربيّة، وُلِدَ وترَعرَع فِي رَحِم السُمعَة السيئة لِكَلمة "نَقد "criticism،" حيثُ يَخلِط السَواد الأعَظمُ فِي العَالَم العَربي كَلمَة "نقد" أي تَحليل بِكَلمة "نَقض" “negate” أي هَدم. لِذلك، يَرسَخ فِي أعمَاقِهم أنَّ الهَدف الأول لِلتَفكير النَقديّ هو هَدم كلّ مَا نُؤمِن بِه مِنْ أفكَارٍ ومعتقَداتٍ، أو كَشف العَورات والتَشهَير بِها على أقل تَقدير. معَ أنَّ النَقد لابدّ أنْ يَقود حتمًا لِلنَقض فِي جُزءٍ مِنْه، إلا أنَّه لا ينقُض كلّ حياتِنا وإيمَانِنا، إنَّما يُحرّرنا مِنْ الأوهَام ويُخلّصنا مِنْ المعتقَدات المُزيّفة التي لا تستَند لِحُججٍ أو بَراهينٍ منطقيّة تُثبِت صِحة هذه المعتقَدات. فلا بِنَاءَ بِغير هَدم، لا استنَارةَ بِغير إدراكِ الظَلام، لا حَياةَ بِغير موتٍ، ولا تَطورَ لِلنَفس بِغير رؤيةٍ صَادقةٍ وبَصيرةٍ ثَاقبة لِمَواطن الضَعف فِيها، أي أنَّ نَقد النَفس هو بِدايةُ الإصِلاح، على كل المستويات. ما أبدعَ كَلمَات يسوع، "وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ." وحدُه اللهُ "الحقّ المُطلَق،" وقد وَضَعَ فِي أعمَاقِنا رغبَة شَديدة لِلبحث عَنْه، أي عَنْ الحَق، التَفكير النَقديّ يُساعدَنا فِي البَحث عَنْ الحَق والوصول له. فِي هذا السَعي، لابدَّ أنْ نُمَارس مَا قاله بُولس، "هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ."

وكشف “عياد ”  بان كتابه يعرض في القسم الثاني في هذا المرجع كيف أنَّ المجتمع العربي، المصري على وجه الخصوص، بالرغم من وجود بعض المفكرين العباقرة في كل مجالات الحياة فيه – زويل – مجدي يعقوب – نجيب محفوظ، الا أنَّ هذا المجتمع يعاني نقصًا حادًا في هذا النوع من التفكير مما دفع هذا المجتمع لمحاربة مُفَكريِه حتى الاغتيال. ولأنَّ الكنيسة جزء من المجتمع فإنَّ الكنيسة العربية، المصرية على وجه الخصوص، حَارَبتْ مُفكرِيها لِدرجة الاغتيال أيضًا. ثم يعرضُ هذا القسم بالتحليل مظاهرَ غياب هذا التفكير في المجتمع والكنيسة كالإصرارِ على حرفيّة النصوص المقدسة، التفكير الخرافي، مُحاربة العلم والفلسفة، ازدواجيّة التفكير بِوضعِ كل الأشياءِ في تَضَادٍ. في نهاية هذا القسم يَعرِضُ الكتاب محاولةٍ عميقة للوصول لِلأسباب والعوامل التي شَكّلتْ هذا النقصَ الحاد أو ربما الغيابَ الكامل لِلتفكير النقديّ في الكنيسة، بِعرض مجموعتين من العوامل. المجموعة الأولى هي العوامل التربويّة، أهمُها انعكاس التَعليم العام والذي تَخَلّف قرونًا عن ركب التعليم في العالم كله. المجموعة الثانية تركز في الأسباب اللاهوتيّة، حيثُ قناعةُ الكنيسة والفِكر المسيحي اليوم بِنفس منهجِ الازدواجيّة، فَقُدرات الإنسان ضِدَ سُلطان الله، العقلُ والمنطق ضِدَ الإيمان، العلومُ والفلسفة ضِدَ اللاهوت والكتاب، وكثيرٌ من المتضادات الأخرى التي قَسَّمتْ العالم والكنيسة.

وأستطرد “ الدكتور القس سامي عياد ” ، "لِسنواتٍ طِوَال قَبلَ أنْ أغرِقَ فِي دِراسَة اللّاهوت، انشَغَل عَقلي بِمنهج تَفكير كانَ، وما زالَ، يسودُ العَقل الجَمعي المسيحيّ" فِي العَالَم العَربي، فِي نظرتِه لله، الإنسان، والوجود، منهجُ "ثنائيّة التَفكير" "dualism،" والذي يَتَجَلى بِوضوحٍ فِي نَمط "إمّا ..أو" "either … or." ولِأنَّي أؤمِن أنَّ أكثرَ مِنْ ثلاثِ قرونٍ ثقَافيّة تفصلنُا عَنْ الغرب، فإنَّ هذا المنهج الذي يشكّل كلَّ تَفكِيرنا اليوم كانَ سائِدًا فِي الغرب فِي القرن الثَامن عشر والتَاسِع عشر، وقد ارتبطَ دائمًا بِالمستوى التَعليمي والثقَافي. فَفِي ثقَافتِنا، مِنْ الصَعب أنْ يتَلاقى سُلطان الله وقُدرات الإنسان،" فالإنسانُ الذي لا تَخلو صَلاتُه مِنْ ترديدِ عِبَارات، "أنا دودة،" "أنا التُراب" "أنا المُزدَرى وغيرَ الموجود،" وغيرها، لا يُمكِنَ أنْ يرى نفسَه عامِلًا معَ الله، بل أداةً يستخدِمها الله. كمْ أكره هذه الصَلاة، "يا رب استخدمنا،" "الربُ يستخدمَك،" "أنتْ مُستخدَم،" والتي قبلَ أنْ تُسئ لِلإنسان، تُسئ لله الذي خَلَقَ هذا الإنسان على صورتِه كي يستخدمَه كَشيء، أيّ أنَّ الله يُشَيئ الإنسان، الأمرُ الذي يتنافَى كُليّةً معَ طبيعة الله وطبيعة الإنسان في آنٍ واحد."