السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

قبلة الحياة والموت .. سيناريوهات العلاقة بين الإخوان وطالبان

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبلة الحياة والموت ..سيناريوهات العلاقة بين الإخوان وطالبان من ملاذ آمن لخلافات تاريخية
فاروق: تاريخ الجماعة والحركة نفعي يعتمد على تصالح المصالح
القاسمي: لن تجازف بما وصلت إليه من أجل الإخوان أو غيرهم
العفيفي: الحكم على سلوكها يستدعي الانتظار لمدة عامين

 

جاءت سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، لتثير التساؤلات حول مستقبل الجماعات المتطرفة، في جميع أنحاء العالم، وهل يمكن أن يكون للحركة دور في حمايتها، وتوفير الدعم لها، بعد أن أصبحت نظام حكم.
وباعتبار أن جماعة الإخوان هي الحاضن الأول لجميع التيارات الراديكالية المتطرفة، فإن التكهنات بشأن توفير ملاذ آمن داخل أفغانستان، لقياداتها، بعد الخسائر غير المسبوقة التي تكبدوها في معظم دول الشرق الأوسط، تشهد رواجا كبيرا بين المحللين والخبراء.
وينقسم المحللون إلى فريقين رئيسيين، يرى أحدهما أن وصول طالبان إلى الحكم، يمثل قبلة الحياة للتيارات المتشددة، فيما يتوقع آخرون أن يكون هذا التمكين الطالباني، بمثابة قبلة الموت، في ظل أن الحركة لن تجازف بإرضاء هذه الجماعات مقابل جلب سخط العالم على تجربتها الوليدة.


تاريخ نفعي 
عمرو فاروق، باحث في شؤون الجماعات الإسلامية، يؤكد أن تاريخ الإخوان وطالبان نفعي، ارتبط بالمصالح المشتركة بين الجانبين، في ظل أهداف فكرية وعقدية متشابهة، لانتمائها إلى مرجعية واحدة.
ولفت إلى أن العلاقات بين جماعة الإخوان الإرهابية، وحركة طالبان حالة من الشد الجذب على مدار تاريخ الحركة، منذ ظهورها لأول مرة عام 1994، لافتا إلى أنه 
في أعقاب التطورات الأخيرة، سارعت الجماعة ـ عن طريق فرعها في أفغانستان، المسمى بـ"الجمعية الأفغانية للإصلاح" ـ إلى تهنئة طالبان بما حققته من سيطرة على أفغانستان، فور انسحاب الجيش الأمريكي منها، ما دفع المراقبين إلى التأكيد على أن الإخوان تريد توطيد العلاقات مع الحركة، خاصة أن تاريخ الجماعة يشهد على الدعم المادي والإغاثي المكثف، الذي قدمته للمحاربين ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، خلال ثمانينيات القرن المنقضي.
وأشار إلى أن العلاقة بين الجانبين توترت بشدة، خلال الولاية الأولى لطالبان، عام 1996، حين ناصرت جماعة الإخوان الولايات المتحدة الأمريكية، ضد الحركة، ردا على رغبة طالبان في الاستئثار بالسلطة. 
ولفت فاروق إلى أن الجماعة أرادت، من خلال التحالف ضد طالبان في 2001، أن تقدم نفسها باعتبارها القوى المهيمنة التي لا بديل عنها. 
وأوضح أن مؤسس جماعة الإخوان في أفغانستان، وهو: غلام محمد نيازي، درس في مصر، وانضم للجماعة، لينهل من أفكار منظرها الأكبر سيد قطب، ثم عاد لأفغانستان عام 1957، ليدشن جماعة الشباب المسلم الإخوانية، التي كانت بذرة ظهور حركات الإسلام السياسي هناك.  
وأضاف: "سقوط حركة في بداية الألفية الجديدة، منح الإخوان فرصة للتغلغل في مفاصل الدولة، حتى باتت خلال حكم الرئيس حامد كرازي، تسيطر على جهاز المخابرات، ورئاسة أركان الجيش الأفغاني، وجهاز الأمن الداخلي، والمؤسسات القضائية".  
وأشار إلى أنه عقب سقوط طالبان بعام واحد، أعلن 30  شخصية أفغانية تأسيس الجمعية الأفغانية للإصلاح والتنمية الاجتماعية، في العاصمة كابول، بعد الحصول على الموافقة الرسمية من وزارة العدل، وتم تكوين 35 فرعا لها، بهدف التأثير على الطبقات الاجتماعية، ونشر أفكار وأدبيات الجماعة. 
وأوضح فاروق أن جمعية الإصلاح، تمتلك حاليا عددا كبيرا من المدارس ومعاهد تعليم الفتيات،  وتأهيل المعلمين، وجميعها تعتني بتدريس العلوم الشرعية، وفقا لمنهج الجماعة، لتخريج كوادر قيادية في المجالات الفكرية والعلمية والمهنية.
وشدد على أن جمعية الإصلاح ستلعب دورا مهما ومحوريا، في تقريب وجهات النظر بين التنظيم الدولي للإخوان، وحركة طالبان، حتى يمكن توفير ملاذ آمن لعناصر الجماعة في أفغانستان، مقابل الدعم المالي، الذي تحتاجه طالبان حاليا.


لا مجال للمجازفة


في المقابل يرى صبرة القاسمي خبير الحركات الجهادية، أن طالبان لن تكون قادرة على المجازفة بإرضاء جماعة الإخوان أو غيرها، في مقابل غضب العالم، لا سيما مع حالة التردي الخطيرة التي يعيشها الاقتصاد الأفغاني، والذي لن تنجح الحركة في إنعاشه دون التعاون مع دول العالم الكبرى، كما أنها لن تبقى في الحكم دون أن تحل هذه المعضلة. 
وأوضح القاسمي أن البرجماتية، التي اعتادت عليها الجماعات المتطرفة، تسمح لكل منها بأن تتخلص من الأخرى، إذا كان ذلك في صالحها، مضيفا: "طالبان في هذه الأثناء ستنظر إلى الإخوان، وغيرها، باعتبارها عبئا على تجربتها، ووزرا يجب عليها ألا تتحمله، حتى لا تدفع الثمن كما دفعته بانهيار ولايتها الأولى.
ولفت إلى أن طالبان بدخولها في مفاوضات مع الولايات المتحدة، عن طريق قطر، كانت تعلن ضمنيا تخليها عن الاستراتيجية، التي بقيت متبنية لها، منذ ظهورها، لافتا إلى أن الحركة لن تتحمل أمام العالم مسؤولية إيواء الإخوان أو غيرها، خاصة أن هذه الجماعات انتهازية، وبلا مبدأ، ويمكن أن تنقلب على طالبان في أي وقت.  
وقال: "تصريحات المتحدث باسم طالبان، التي أكد فيها عدم السماح باستخدام أراضي أفغانستان، لصالح تنظيم القاعدة أو غيره، لا تحتاج إلى تأويل، لأنها بمثابة تعهد علني يصعب أن تتنصل الحركة منه، في الوقت الراهن، لاحتياجها لدعم المجتمع الدولي اقتصاديا". 


صبرة القاسمي، قال الحركة وازنت بين رضا المجتمع الدولي، الذي يضمن لها البقاء في الحكم، وغضب الجماعات المتطرفة، الذي لن يضرها إلا قليلا، واتخذت قرارها بالتضحية برفقاء السلاح، لصالح البقاء طويلا في الحكم، خاصة أن هذا البقاء يمثل هدفا مهما للحركة، حتى تعوض الخسائر التي منيت بها على مدار ما يقرب من ثلاثة عقود.


لا بد من الانتظار

من جهته اعتراض الدكتور فتحي العفيفي أستاذ الفكر الاستراتيجي، بجامعة الزقازيق، على محاولات استنتاج سلوك حركة طالبان، خلال الفترة المقبلة، قائلا: "لا يجب التعامل مع الحركة، وفق استراتيجية ثابتة، إذ ينبغي الانتظار لحين وضوح الرؤية، بعد عام أو اثنين من بقائها في الحكم".
وأضاف: "الولاية الأولى لطالبان، تؤكد أن الحركة تتعاطف مع الجماعات المتطرفة، وإذا أضفنا إلى ذلك ما حصلت عليه الحركة من تهنئة، ودعوات بالدعم من مختلف الجماعات المتطرفة، في جميع أنحاء العالم، سنكون أمام تصور مفاده أن الوئام متصل بين الجميع، وأن الحركة لن تغير من نهجها تجاه الإخوان وغيرها".
وتابع: "إذا التفتنا إلى التعهدات التي قطعتها الحركة على نفسها، في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة في الدوحة، أو التصريحات العلنية لقادتها ومتحدثيها، يمكن أن نجزم بأنها لن تسمح للجماعات المتطرفة، بالاستفادة من وصول الحركة إلى الحكم".
وواصل: "وبين هذا وذاك تقول التجربة، إنه من الضروري الانتظار، لأن التغيرات والتحولات، التي تحكم سلوك الحركة، بما فيه من نفعية وانتهازية، شأن جميع الحركات المتطرفة، سيكون لها تأثير على الموقف النهائي لها فيما يتعلق بهذا الملف". 
ولفت إلى أن جماعة الإخوان، هنأت الحركة بغرض إظهار نفسها كمن يريد أن يفتح صفحة جديدة مع الحركة، وهو موقف الجماعة، وليس موقف الحركة، وبالتالي لا يمكن التكهن بالنتيجة النهائية للموقف الراهن، إلا بمرور الوقت، خاصة في ظل المراقبة المتوقعة من الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من القوى الكبرى للتطورات، واستعدادها للتدخل بالضغط الاقتصادي في أية لحظة.
واوضح العفيفي في نهاية حديثه، أن حركة طالبان بالضرورة ستحتاج إلى بناء جيش قوي يمكنها من حماية نظامها، وحماية الحدود الأفغانية، وبالتالي فإن المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الدول المصدرة للأسلحة، سيكون لها تأثير خطير على الموقف الطالباني، وبالتالي فإن الحركة لن تحسم أمرها فيما يتعلق بعلاقتها مع الجماعات المتطرفة بسهولة.