الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

شجر الزيتون.. حكاية أقدم شاهد فلسطيني على حكايات الأرض وتفاصيلها

الحاجة محفوظة تحتضن
الحاجة محفوظة تحتضن شجرة زيتون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
  • مبيعات الزيتون فى فلسطين 14% من إجمالى الدخل الزراعى
  • 11 مليون شجرة زيتون تمتلكها فلسطين
  • الجدار العازل دمر 2 مليون شجرة زيتون وفصل آلافا عن أصحابها
  • حاخامات يهود: اقتلاع أشجار الزيتون عمل يسعد الرب
  • وأفيخاى أدرعى كاذبًا: شجر الزيتون أصله يهودى
     
شجر الزيتون والأقصى الشريف

في فلسطين ليس البشر ولا الحجر وحدهما اللذان يستهدفهما الاحتلال، فالنباتات والأشجار هي الأخرى لم تسلم من أذاه، فتقاوم نيران الجرافات صباحا ومساءً، تضرب جذورها في الأرض كل صباح، متمسكة بحقها، ترفض الرحيل وترك أصحابها وأرضها، تقف صامدة شامخة، شاهدة على كل ما يحدث.
شجر الزيتون، تلك الأشجار التي يصل عمرها لآلاف السنين، باتت الشاهد الأكبر في قضية الصراع العربي الإسرائيلي على الأرض، وأصبحت تقاوم كما يقاوم أصحابُها، مما جعلها العدو الأكبر في وجه الاحتلال، الذي بات يحاول بشتى الطرق اقتلاعها وتدميرها، كما فعل مع أصحاب الأرض، لتظل معركة الاحتلال والزيتون معركة الصراع على الهوية.
وبحسب تقرير أعدته وزارة الزراعة الفلسطينية؛ فإن الزيتون يشكل نحو 45% من مساحة الأراضي المزروعة بفلسطين، والمقدرة بـ2 مليار متر مربع، حيث يزرع 938 مليون منها بنحو 11 مليون شجرة زيتون، وبالتحديد يوجد نحو 8.5 مليون شجرة مثمرة، و2.5 مليون شجرة غير مثمرة، موزعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وتحتاج كل شجرة إلى 15 عامًا من الرعاية حتى تصبح منتجة، كما تبلغ قيمة إنتاجها ما بين 150 إلى 280 دولارًا.
وتمثل مبيعات الزيتون والزيت 14% من قيمة دخل القطاع الزراعي، و1% من الدخل القومي الفلسطيني، حيث تعتمد نحو 100 ألف أسرة فلسطينية، على عائدات موسم الزيتون، كمصدر دخل رئيسي أو ثانوي للدخل، حيث يوفر هذا القطاع فرص عمل لعدد كبير من العمال، يزيد على 15% من النساء العاملات، كما تتراوح قيمة قطاع الزيتون، بما فيه الزيت وزيتون المائدة والزيتون المخلل والصابون، من 160 مليونا إلى 191 مليون دولار في السنوات الجيدة.
ويقدر معدل إنتاج فلسطين من زيت الزيتون، في السنة الجيدة، بنحو 33 ألف طن؛ وفي السنوات غير الجيدة، بنحو سبعة آلاف طن. هذه التقديرات تراجعت في السنوات الأخيرة، إلى أن وصلت إلى 22 ألف طن من الزيت في عام 2010 «سنة جيدة الإنتاج»، وخمسة آلاف طن في عام 2009 «سنة رديئة الإنتاج»، حيث اضطرت الحكومة، وللمرة الأولى منذ تلك السنوات، إلى فتح باب الاستيراد من الدول المنتجة للزيت.
وقرر المؤتمر العام لليونسكو، في دورته الأربعين، في عام 2019، اعتبار يوم 26 من نوفمبر من كل عام يومًا عالميًا للزيتون، وقد تم تكريم فلسطين في ذلك اليوم، بأن تمت زراعة شجرة زيتون واحدة فقط، في الساحة الأمامية لمبنى مجلس الزيتون الدولي، وكانت تلك الشجرة فلسطينية.

 

تدمير 2 مليون شجرة زيتون
بحسب التقارير الفلسطينية الرسمية؛ فقد دمر الاحتلال الصهيوني واقتلع ٢ مليون شجرة زيتون فلسطينية، خاصة أثناء عملية فتح الطرق الالتفافية، وعمليات بناء الجدار العازل، وتوسعة الطرق والمستوطنات والمعسكرات.
وتستهدف في الوقت نفسه، نوعًا خاصًا من شجر الزيتون، يزيد عمره على عمر أقدم تاريخ مكتوب لليهود في فلسطين، وهو الزيتون الروماني، وتدمير وحرق هذه الشجرة، بحد ذاته، هو محاولة مدروسة، ترمى إلى إعادة كتابة التاريخ، على قاعدة أن تاريخ المنطقة القديم، ابتدأ منذ ثلاثة آلاف عام فقط، أى منذ دخل اليهود إلى فلسطين.

 

صورة تاريخية لفلسطينيين يجهزون الزيتون

الزيتون عبر التاريخ
عُرِفَت أشجار الزيتون في فلسطين منذ القدم، فمن الدلائل التي تشير إلى ذلك، بذور الزيتون، التي وجدت في الحفريات والأماكن القديمة المختلفة، مثل: مجدو وبيسان؛ حيث يصل البعض منها إلى قبل 4000 سنة.
كما ذكرت أشجار اليزتون في الكتب اليونانية والرومانية القديمة: حيث كتب أرسطو طاليس عن ضابط في جيش الملك «ثلمي فيادلفوس» (277 ـ 27 قبل الميلاد)، يبذل جهدا كبيرا في الزراعة، الأرض مليئة بشجر الزيتون، وأشجار أخرى كثيرة مثمرة. في زمن الرومان اجتزت معظم أشجار الزيتون من جبال القدس لبناء الحصون والقلاع.
أما البيزنطيون؛ فقد اهتموا بأشجار الزيتون، ولما حضر الأسباط من شبه الجزيرة العربية، وتعلموا الزراعة، اهتموا بشجر الزيتون كثيرًا.
وكتب الجغرافي المقدسى «985 بعد الميلاد»: تكثر كروم الزيتون في عكا والمنطقة المجاورة لها، حيث تعطي ثمار زيتون كثيرة، ومنها يعصرون الزيت. الكمية تزيد عن حاجة المنطقة كثيرا.
في فترة الحكم العثماني للبلاد «1517- 1917» تجددت قليلا كروم الزيتون، وأثناء الانتداب وجد الأهالي أن الزيتون يشكل مصدرًا مهمًا للزيت والأكل، ودخلًا لا بأس به للعائلة، واعتبرت هذه الزراعة زراعة عربية؛ فلا غرابة أن تتركها حكومة الانتداب في زوايا الإهمال والنسيان، وبقيت زراعتها بدائية.
ولا تزال أسماء بعض القرى والأماكن في وقتنا الحاضر تدل على ما كانت تتمتع به من شهرة، منذ التاريخ القديم، باستخراج الزيت من الزيتون، ومنها: قرية زيتا، وبيرزيت، ووادي الزيتون.

 

سيدة فلسطينية دمر الإحتلال شجر زيتون بأرضها

سرقة ممنهجة
وفي عام 2003؛ كشفت صحيفة الاحتلال الصهيوني «يديعوت أحرونوت»، أن هناك عمليات واسعة وممنهجة لاقتلاع أشجار الزيتون وتدميرها، وأن الجدار الفاصل كان سببا كبيرا في فصل آلاف الأشجار عن أصحابها، مما يسهل اقتلاعها وسرقتها.
وفي تصريحات له؛ قال مدير مركز أبحاث الأراضي برام الله، جمال العملة؛ إن ما يفعله الاحتلال بحق شجر الزيتون، هي محاولات لطمس الهوية الفلسطينية، وأضاف: «الاحتلال يتعمد إيذاء شجر الزيتون تحديدًا، لأنها الشاهد الأكبر على أحقية الفلسطينيين في الأرض، كما أنها أكبر معمر زراعي شاهد على تاريخ الفلسطينيين».
وأشار «العملة»، إلى أن شجرة الزيتون لن تكون طابعًا يهوديًا، كما أن المستوطنين اتخذوا من شجرة الزيتون، عدوًا مركزيًا يحاولون اجتثاثه، من كل أرض فلسطين.
وقال: «الاحتلال حاول من خلال المستوطنين سرقة شجر الزيتون، ونقله إلى مستوطناتهم، كي يثبتوا أنهم متجذرون بهذه الأرض، لكن هذه التجربة فشلت فشلا ذريعا».
وفى عام ٢٠١١؛ كشفت جريدة «هآرتس» العبرية، في تحقيق مهم، عن خفايا زحف شجر الزيتون المعمر، الذى يزيد عمره على ألف عام، واستقراره في أحياء وفيلات إسرائيلية راقية، لم تشهد يوما إنجاب مثل هذا الشجر بحسب ما ورد في التحقيق.
وتيقنت صحفية «زينشتين» في تحقيقها، من حيثيات المعلومات التى جمعتها؛ مشيرةً إلى أن عملية إحضار الشجر يأتى من خارج ما يسمى الخط الأخضر، وتحديدا من قلب الحقول الفلسطينية، بحيث تنقل من هناك مشاتل إسرائيلية، تتولى عملية تسويقها وبيعها لأثرياء إسرائيل، مقابل مبالغ تتراوح بين ٣٠ إلى ١٠٠ ألف شيكل للشجرة الواحدة، حيث يتخذونها كقطعة أثرية لا تقدر بثمن.
وفي عام 2013؛ قررت ما تسمى بـ«الإدارة المدنية»، التابعة للاحتلال، تخريب واقتلاع آلاف أشجار الزيتون، في وادي قانا بمنطقة سلفيت، وكانت الحجة التي ساقوها أمام العالم، أن تلك الأشجار زرعها الفلسطينيون في منطقة تعتبر محمية طبيعية، وهو الغطاء الذي يستخدمه الاحتلال دوما لنهب أراضي الفلسطينيين الزراعية، ومنع أصحابها الشرعيين من الاقتراب منها أو زراعتها.
ويزعم الاحتلال، من خلال «إدارته المدنية»، أن قرار الاجتثاث يهدف إلى «منع الإضرار بالمحمية»، بسبب التوسع في النشاط الزراعى الفلسطينى في المنطقة؛ علما بأن أهالى قرية دير إستيا المجاورة، هم الذين زرعوا الزيتون في الوادي، وبالتالى فإن اقتلاعه يشكل انتهاكا صارخا لحقهم الوطنى الطبيعى في فلاحة أراضيهم.
واعترف مسئولون الكيرن كاييمت- الصندوق القومي اليهودي- بأن المؤسسة أصدرت في السابق 18،900 تصريح لنقل أشجار الزيتون، ولكن معظم هذه الأشجار ليست مطلوبة في السوق، وإنما هي أشجار جديدة اقتلعت من أراضي الكيبوتسات بسبب ارتفاع أسعار مياه الري ولتنفيذ مشاريع أخرى.
وللأسف؛ فبحسب القانون الصهيونى في الأراضي المحتلة، فإن العقاب لتجار الأشجار المهربة ليس قويا، فالغرامة التي تفرضها المحاكم ضد المهرب تتراوح من 750 شيكل حتى 5،000 شيكل لأشجار، تباع الواحدة منها بأكثر من 75 ألف شيكل.

فتاوى دينية
ومع مرور السنين؛ تحولت الإعتداءات إلى طقس يؤديه المستوطنون يوميًا، فمن يخرب أكثر ينال مرتبة أعلى من الثواب والأجر، لتتحول عمليات التعدي على أشجار الزيتون واقتلاعها إلى فريضة دينية، مبنية على فتاوى يصدرها حاخامات اليهود في إسرائيل.
ولعل أشهرها الفتوى التي أصدرها الحاخام عوفاديا يوسف، أحد أكثر رجال الدين اليهودي المتطرفين، والذي أفتى مرات عديدة بجواز اقتلاع شجر الزيتون.
كما أفتى الحاخام المتطرف دوف لينور، من مستوطنة كريات أربع، في الخليل، بجواز تقطيع أشجار الزيتون، وسرقة ثمارها، ومنع المزارعين الفلسطينيين من قطف الزيتون بالاعتداء والضرب.
وبحسب العديد من الفتاوى الأخرى؛ فإنه يؤجر المعتدى على تلك الأشجار ثلاث مرات عند الرب، فالأولى لأنه استرد خيرات اليهود- بحسب زعمهم- والثانية لحرمان أعداء اليهود من الاستفادة من تلك الخيرات، أما الثالثة فلأنه سيكون سببًا في وصول الفلسطيني إلى حالة من اليأس والإحباط، وهو ما يرضى الرب!
ليس هذا فحسب؛ بل زاد عليها الحاخام الإسرائيلي نسيم مؤويل، الفتوى بجواز اقتلاع أشجار الفلسطينيين، وتسميم الآبار التي يشرب منها الفلسطيني ويسقى منها أشجاره، وهو ذات ما أفتى به الحاخام شلومو ريتسكين، مدير المعهد العسكري الديني، حيث أفتى لطلابه من الجنود، في مستوطنة كرنيه شمرون بجواز نهب محاصيل الزيتون من الفلسطينيين، وجواز تسميم آبار مياههم!.

حماية إسرائيلية
ورغم ادعاءات الاحتلال المريرة؛ بأنه دولة قانون، إلا أن هذا القانون لا ينفذ سوى على الفلسطينيين فحسب، فكل أعمال التخريب والسرقة التى يقوم بها المستوطنون، في حق شجر الزيتون، أو غيرها من أملاك الفلسطينيين، دوما ما تكون تحت رعاية شرطة الاحتلال.
وفي تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية، كشفت عن حجم التواطؤ بين سلطات الاحتلال والمستوطنين، في التعامل مع قضية اقتلاع أشجار الزيتون وحرقها.
وبحسب ما ورد في التحقيق؛ فبالرغم من تقديم الفلسطينيين ونشطاء للسلام، بيانات موثقة بالصوت والصورة لشرطة الاحتلال، يظهر فيها اعتداءات المستوطنين على الأشجار والمزارعين، إلا أن الشرطة لم تقم بأي ردة فعل.
كما نشرت الأمم المتحدة بيانًا يفيد بأنه تم تسجيل سرقة محصول الزيتون، على أيدي مستوطنين في قرية بورين فقط 48 مرة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأن جانبًا من هذه السرقات يتم أثناء اقتحامات ينفذها جيش الاحتلال، وتترافق مع اعتداءات على بيوت القرية وأراضيها.
ووفقًا لتقرير صدر قديمًا من منظمة ييش دين- المعنية بحقوق الإنسان- فإن 96% من الشكاوى التي تقدم بها فلسطينيون، حول اعتداءات المستوطنين على أشجار الزيتون، منذ عام 2005، وحتى عام 2015، لم يتم التعامل معها بجدية كافية، وأغلقت ملفاتها دون معاقبة المخربين.
 

الحاجة محفوظة تحتضن شجرة زيتون دمرها الإحتلال


احتضنتها ووقفت في وجه الاحتلال
«شعرت وكأن أحدًا من أبنائى يستشهد».. هكذا وصفت الحاجة محفوظة، صورتها والتي باتت أيقونة من أيقونات الحياة في فلسطين.
خرجت الحاجة محفوظة اشتيه، بصحبة زوجها وأبنائها، من قرية سالم، مرورا بمستوطن «ألى موريه»؛ متوجهين إلى أرضهم الزراعية لرعايتها، ليتفجأوا بهجوم قطعان من المستوطنين اليهود على أشجار الزيتون، وقطعها بالمناشير الكهربائية، لتجد نفسها لا إرادية تركض وتحضن أحد الأشجار، لتمنعهم من إكمال أعمالهم التخريبية.
وتؤكد الحاجة محفوظة، صاحبة أشهر صورة تخص أشجار الزيتون، أنه في هذا المشهد تعالت أصوات أبناء القرية، بالهتاف الله أكبر، مهللين بما فعلته، مما جعل المستوطنين يرهبون خوفا من المشهد.
وعند سؤالها عن مشهد تقطيع الشجر أمام أعينها والدفاع عنها؛ قالت إن المشهد كان أشبه بتساقط الشهداء الفلسطينيين، في معاركهم ضد الاحتلال، حيث تعتبر أن شجرة الزيتون هي أحد أبنائها، فهي أم لأربعة أولاد وثماني بنات.

محفوظة سنديانة الكرامة
وفي نوفمبر 2007؛ وبعد هذا الحدث، أطلقت الأردن جائزة سنوية، تحت اسم محفوظة سنديانة الكرامة، تقديرا لدور محفوظة، في الحفاظ على شجر الزيتون، وتقديرًا للدور الذي لعبته المرأة في جميع أنحاء العالم العربي، باعتبارها راعية للكرامة، والتضحيات العظيمة التي أصبحت نفس الاسم.
ويتم منح الجائزة سنويًا، للأفراد الذين يظهرون الشجاعة، والشرف، ونكران الذات، والثبات في القتال من أجل حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم، ومجتمعاتهم، على الرغم من كل العقبات التي توضع في طريقهم.

أقدم شجرة زيتون في فلسطين



«الولجة».. الشاهد الأكبر بوجه الاحتلال
«المراة العجوز.. أم الزيتون.. عروس فلسطين» كلها أسماء أطلقها أهل فلسطين، على أقدم شجرة زيتون في البلاد، والتي أصبحت رمزا يرتبط بجذور الشعب الفلسطيني، وباتت أقدم شاهد يروى حكايات الأرض وتفاصيلها، منذ 5 آلاف عام.
«ما زلت أشعر برهبة منها، فهي ساحرة للعقول» هكذا وصفها صلاح أبوعلى، صاحب الشجرة التي ورثها عن آبائه وأجداده، فهذه العائلة تعتبرها أعظم ميراث منحهم الله إياه، وتقع تلك الشجرة في منطقة وادي جويزة، بقرية الولجة، في بيت لحم- جنوب غربي القدس المحتلة- وتنتج تلك الشجرة نحو نصف طن زيتون، كل عام، يستخرج منه 600 كيلو من أجود أنواع زيت الزيتون، وذلك لكبر سنها.
وفي طقسا؛ أصبح واجبًا يوميًا، حيث يخرج صلاح أبوعلى، كل صباح متوجهًا إلى شجرته ليطمئن عليها، ويبدأ في رعايتها، حيث يعتبرها رابع أبنائه كما يقول، ليقضى معظم يومه تحت ظلها، ما بين رعايتها، ورعاية كامل البستان، وبين استقبال الزائرين للشجرة، وزرعت الشجرة في الفترة الكنعانية، وعايشت مختلف الحضارات والثقافات من الرومان، وعهد المسيح عليه السلام، وبقيت راسخة تحافظ على خصوصيتها.
وفي تصريحات عديدة له؛ اشتكى أبوصلاح، من أن الشجرة تعاني من مشكلة نقص المياه، فهي تحتاج لكميات كبيرة جدا، بسبب كبر حجمها، كما ترتب على ذلك، بجانب تغير المناخ، ضعف إنتاجها، حيث انخفض إلى النصف، ومنذ سنوات عديدة، عينت وزارة الزراعة الفلسطينية «صلاح أبوعلى»، حارسا على الشجرة، بشكل رسمي، وبراتب شهري، يساعده بعض الشيء في العناية بها، والحفاظ عليها، باعتبارها جذرا متأصلا لكل فلسطين.

في وجه الجدار العازل
عشرة أمتار تفصل بين الشجرة والجدار العازل، ذاك الجدار الذي بناه الاحتلال في الضفة الغربية «2002- 2021»، بدعوى الحماية من هجمات الفلسطينيين، والذي حاولت به سرقة الأرض، ومنها القضاء على الشجرة، باعتبارها أقدم شاهد ضدهم، لتبوء كل محاولاتهم للقضاء عليها بالفشل، رغم تأثرها بعمليات التجريف والانفجارات التى حدثت خلال تشييد الجدار، الذي استوطن نسبة كبيرة جدًا من القرية، لتتقلص مساحتها من 17 ألف دونم، إلى ألفي دونم فقط- الدونم وحدة قياس شامية تساوي ألف متر- كما حاصر الجزء المتبقي منها، مما أثار أزمة مع السكان، في العبور من وإلى أراضيهم.

محاولات تهويدها
وحين فشل الاحتلال في اقتلاع جذور الشجرة، بطرق غير مباشرة، بدأ في محاولات عدة لتهويد تاريخ الشجرة، والكتابة عنها في كل ما هو تابع له، على شبكة الإنترنت، في محاولة لتغير التاريخ.
ولعل أشهر تلك الوقائع، ما كتبه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي على صفحته في العام 2019، قائلا: «شجرة الزيتون الظاهرة في الصورة، يبلغ عمرها 5500 سنة، وهي #أقدم_شجرة_زيتون في يهودا والسامرة، حسب الباحثين اليابانيين»، وهو ما أثار حفيظة الفلسطينيين، وأغضب نشطاء من جميع دول العالم، على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، والذين رأوا أنها محاولة لسرقة التاريخ والتراث الفلسطيني.