الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

مائة بيت من الشعر العربي القديم.. حاتم الطائي "38"

حاتم الطائي
حاتم الطائي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
38 – حاتم الطائي
" أعاذلُ إن الجود ليس بمهلكي
ولا مخلد النفس الشحيحة لُومها "
بالشاعر يُضرب المثل في الكرم المتطرف والسخاء غير المحدود، في حياته وبعد مئات السنين من موته. لا أحد يجهل حاتم الطائي، الذي تُروى عن جوده حكايات شتى يقترب بعضها من الوقوف على حافة الأساطير. بالشح يُهجى البخلاء المقترون كأنهم يرتكبون الإثم المشين الذي لا يمكن غفرانه، ويستدعي الهجوم والازدراء. من البدهي، في المقابل، أن يُمدح الكرماء الذين لا يضنون بالعطاء. في سياق اجتماعي وثقافي كهذا، يبدو توجيه اللوم والعتاب نشازا لا يستسيغه حاتم، ذلك أن السمة التي يتصف بها أقرب إلى القيمة الإيجابية اليقينية التي تستوطنه، ويستطيع أن يدافع عنها ويرد بقوة على لائميه.
الحجة الأقوى التي يتكئ عليها حاتم، تنبثق من حتمية الموت والفناء، فلا أحد ينجو من النهاية التي تعني مغادرة الدنيا دون مصاحبة ما يباهي به الأحياء ويفخرون. الإنسان مالك مؤقت، يغيب وتبقى أشياؤه بعيدة عن القبر، فما جدوي التشبث بمتاع لا يفضي إلى الخلود؟، وما العيب في إنفاق لا يمكن أن يكون سببا للموت أو وسيلة إليه؟.
الكرم قيمة نبيلة، تضفي على صاحبها الجلال والوقار والهيبة والسمعة الطيبة. عند المقارنة بين البخل والسخاء، لا يبدو الاختيار صعبا، وإذا كان التطرف مرذولا حتى في القيم الجديرة بالثناء، فإن المتهمين بالجود يدفعون عن أنفسهم التهمة بمنطق متماسك يستحيل الرد عليه وتفنيده، فلا أحد يُخلّد ببخله أو يهلك من فرط الكرم.