الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شكرًا ايفر جيفن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت أزمة السفينة البنمية في المجرى الملاحي لقناة السويس وهى تحمل في طياتها الكثير من الأبعاد الدلالات الاستراتيجية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، التي أثبتت أن مكانة مصر التاريخية والجغرافية ليست محل شك أو ريبة. كما برهنت الأزمة أنه رغم الصعوبات التي تواجهها أرض الكنانة، والمعضلات الاقتصادية التي تعيشها على مدى السنوات الأخيرة، والمؤامرات التي تحاك ضدها إقليميًا ودوليًا للنيل منها ووقف مسيرتها التاريخية، لكنها قادرة على تخطي الصعوبات ووأد المخططات، وكسر شوكة أعدائها، ودهس المتربصين بها وإخراس ألسنة الشامتين فيها والساخرين منها.
فلم تنجح سواعد المصريين في إعادة تسيير السفينة العملاقة إيفر جيفن في المجرى الملاحي الدولي فحسب، بل نجحوا في إعادة بث الروح لجسد التجارة العالمية، وجعلوا بعرقهم وجهدهم دول العالم تتنفس الصعداء ليتيقنوا أنهم بدون مصر سيضحون مهددين في مستقبلهم الاقتصادي والتجاري وبخاصة الدول العظمى، التي أدركت أن العالم بدون مصر، سيكون وضعه مختلفًا لا محالة.
فقد جاءت أزمة السفينة إيفر جيفن، لتضرب بعرض الحائط كافة المخططات الخبيثة لضرب قناة السويس وإيجاد بدائل لها، ووضعت العالم أمام سيناريوهين لا ثالث لهما، الأول أن قناة السويس هى المجرى الملاحي الأهم في العالم، والذي لا يمكن إيجاد بديل له، لذا يتعين عليه العمل لدعم مصر ومساندتها لترسيخ الاستقرار والهدوء فيها، وأن أية محاولة للمساس بمصر وأمنها هو ضرر إستراتيجي حتمي يهدد العالم بأثره. السيناريو الثاني، أن التوقف الملاحي طوال فترة محاولات تعويم السفينة البنمية، والجمود الذي أصاب حركة التجارة الدولية، سيدفع الدول العظمى للمحاولة مجددًا للبحث عن بدائل لقناة السويس في حال توقفها لأي سبب من الأسباب، لكن سواء في الماضي أو الحاضر أو حتى في المستقبل، فقد باءت كل تلك المحاولات وستبوء بالفشل لأن قناة السويس ببساطة ليس لها بديل إلا على أرض الكنانة ذاتها. وهو الأمر ما أدركته القيادة السياسية في مصر وعلى رأسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدءً من قراره بحفر قناة السويس الجديدة، ونجاح المصريون في حفرها بسواعدهم الوطنية المخلصة في وقت قياسي، رغم ما رُوج ضدها من أكاذيب وشائعات إخوانية باطلة بعدم جدواها الاقتصادية، وقد أثبتت الأيام عكس ذلك من خلال تزايد مداخيل قناة السويس بالعملة الصعبة، مرورًا بقرار إنشاء خط سكة حديد يربط ميناء العين السخنة على البحر الأحمر بمدينة العلمين على البحر المتوسط، كمحور مساعد لقناة السويس وليس بديلًا لها، وبذلك يتم ضرب المخطط الإسرائيلي لإنشاء خط سكة حديد من إيلات على البحر الأحمر لميناء عسقلان على البحر المتوسط، والتي روجت له إسرائيل ليكون بديلا لقناة السويس والذى أثبت فشله حتى الآن رغم تشغيلة منذ سنوات قليلة.
أخيرًا فقد تحولت محنة السفينة إلى منحة، ومن فخ إلى منارة نجاة أنقذت العالم من نكبة اقتصادية محققة، وتسونامي خسائر مادية لا حصر لها....شكرًا إيفر جيفن التي عرَّفت العالم قيمة قناة السويس ومكانة مصر وأهميتها له.