الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

دينجيلات.. حكاية قرية شاهدة على مذبحة في حق اللاجئين الإثيوبيين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ المواطن الإثيوبي إبراهيم بدفن الجثث منذ الصباح، ولم يتوقف حتى حلول الليل، وتناثرت الجثث على بعضها البعض، كان يرتدي بعضها أردية الكنيسة البيضاء، التي أصبحت مبللة بالدماء، في الحقول القاحلة والأراضي الزراعية، ومجرى النهر الجاف.
وأصيب العديد من المواطنين بالرصاص، أمام منازلهم، وبعضهم مقيدة أيديهم بأحزمة، وكان من بين القتلى قساوسة وشيوخ ونساء وعائلات بأكملها، ومجموعة من أكثر من 20 تلميذ، من مدرسة الأحد، لا يتجاوز أعمارهم 14 عاما، وفق ما نقلته شبكة "سي ان ان" الأمريكية.
فروا جميعًا من منطقة تيجراي الشمالية الإثيوبية، خوفًا من القتال هنا، وتوجهوا إلى منطقة مريم دينجيلات، وهي قرية في واد وعر تحيط به المنحدرات من كل الجوانب، حيث يعتبر مجمع لدير تاريخي اشتهر بكنيسة محفورة في الصخر عمرها قرون.
وكشف شهود العيان، عن أن مجموعة من الجنود الإريتريين، فتحت النار على كنيسة مريم دنجيلات، بينما كان مئات المصلين يحتفلون بالقداس داخل الكنيسة، حاول الناس الفرار سيرا على الأقدام، وتسلقوا ممرات منحدرة من القرى المجاورة، تبعهم الجنود، وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية عليهم.
وأجبرت الأمهات على ربط أبنائهن، وأطلقت القوات الإريترية النار على امراة حامل وقتل زوجها، واختبأ بعض الناجين تحت جثث القتلى، حيث استمرت الفوضى في القرية لمدة 3 أيام.
يقول إبراهيم، الذي فر برفقة عائلته إلى القرية، والذي تطوع لدفن القتلى، إن بعض القتلى كان يصعب التعرف عليهم بسبب إصابتهم في وجههم، حيث وضعهم بالأرض وغطى أجسادهم بأغصان الأشجار الشائكة.
وأضاف: "كانت أيديهم مقيدة، أطفال صغار، رأيناهم في كل مكان. كان هناك رجل مسن قتل على الطريق، رجل يبلغ من العمر 80 عامًا. والأطفال الصغار قتلوا في الشارع في العراء. لم أر قط مذبحة كهذه ولا أريد".
وأكد المواطن الإثيوبي إبراهيم، أنه دفن في هذا اليوم أكثر من 50 قتيل، إلا أنه يعتقد أنهم أكثر من 100 شخص قتلوا في هذا الهجوم.
جاء هؤلاء القتلى من بين آلاف المدنيين الذي لقوا مصرعهم منذ الحملة العسكرية التي أعلن بشنها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد على منطقة تيجراي، وذلك ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، والتي حكمت إثيوبيا لما يقرب من 3 عقود قبل تولي أبي أحمد الحكم في عام 2018، وذلك عبر اتهامهم بمهاجمة قاعدة عسكرية إثيوبية وسرقة الأسلحة، حيث تنفي الجبهة هذه الإدعاءات.
واحتدم القتال بين الجبهتين في المناطق الريفية والجبلية حيث يُقال إن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وأنصارها المسلحين يختبئون ويقاومون مسعى أبي أحمد لترسيخ سلطته. وامتد العنف إلى المجتمعات المحلية، وأدى إلى اصطياد المدنيين في مرمى النيران، وأطلق ما وصفته وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأنه أسوأ هروب للاجئين من المنطقة منذ عقدين.
فيما أكدت الأمم المتحدة عن تلقي تقارير حول وقوع قتل خارج نطاق القضاء، وعنف جنسي، ونهب، وإعدامات جماعية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، تم إلقاء اللوم في العديد من هذه الانتهاكات على الجنود الإريتريين، الذين يشير وجودهم على الأرض إلى أن اتفاق السلام، الذي أشاد به آبي أحمد، مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، مهد الطريق للجانبين لشن حرب ضد جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي، والتي تعد عدوهم المشترك.
فيما دعت وزارة الخارجية الأمريكية، القوات الإريترية إلى الانسحاب الفوري من إقليم تيجراي، مستشهدة بتقارير موثوقة عن تورطها في سلوك مقلق للغاية بالإقليم.
وقالت الخارجية الأمريكية، إن التقارير عن مذبحة في مريم دينجيلات تثير القلق وتتطلب إجراء تحقيق مستقل"، فيما قالت الحكومة الإثيوبية إنها ستواصل تقديم جميع الجناة للعدالة، بعد إجراء تحقيقات شاملة في الجرائم المزعومة في المنطقة، لكنها لم تذكر تفاصيل عن تلك التحقيقات.
وفرضت الحكومة الإثيوبية قيودًا شديدة على الوصول إلى الصحفيين ومنعت معظم المساعدات من الوصول إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، مما جعل التحقق من روايات الناجين أمرًا صعبًا. كما أدى قطع الاتصالات أثناء القتال إلى حجب الحرب عن أعين العالم.
استطاعت شبكة "سي ان ان" الأمريكية الوصول إلى بعض أهالي المنطقة، عقب عودة الاتصالات وحصلت على هذه الشهادات منهم عن الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين من قبل قوات ابي أحمد والقوات الإريترية.
وقال شهود العيان إن الجنود الإريترين استغلوا تواجد الناس في الكنيسة للصلاة، وبدءوا إطلاق النيران والقصف على المتواجدين في القرية، وأخذ الناس في الهروب والصراخ، حيث كانوا يقتلون كل شخص يظهر أمامهم، ثم توجهوا إلى المنازل وأخذوا يسحبون الناس خارج المنازل، ويقيدون أيديهم ويطلقون النار عليهم، كما أجبروا بعض الامهات على تقييد أبنائهم وقتلهم أمام أمهاتهم.
وحول هوية الجنود، أكد شهود العيان أنهم جنوب من اريتريا حيث ظهر الأمر في لغتهم وملابسهم.