الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

اليونان ترفع موازنة الجيش لمواجهة تركيا.. صفقات أسلحة بـ6 مليارات دولار واتفاقيات عسكرية مع أمريكا وفرنسا لردع «أردوغان»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عادت تركيا لاستخدام سياستها الانسحابية فى أزمتها مع اليونان بعد تضييق الخناق عليها واستعانة أثينا بأطراف جديدة فى صراعها ضد أنقرة مثل إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة فى وقت يعانى فيه نظام أردوغان من عقوبات أمريكية وأوروبية. وكانت أثينا قد تبنت مؤخرًا خطة قوية على عدة مستويات لمواجهة التهديد التركى اعتمدت على رفع موازنة الجيش بصورة تاريخية حتى 6 مليارات دولار وعقد صفقات أسلحة مع فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة. وأجبرت تحركات أثينا لزيادة قوتها العسكرية الجانب التركى على العودة عن تصريحاته التصعيدية والرجوع إلى لغة الحوار بل ودعوة أنقرة إلى فتح صفحة جديدة. إذ اعترف وزير الخارجية التركى، مولود جاويش أوغلو، بتراجع علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبى خلال عام 2020، بسبب المشكلات القائمة بين بلاده وبعض الدول الأعضاء فى الاتحاد، مشيرا إلى أن أنقرة تسعى حاليا لفتح صفحة جديدة مع دول الاتحاد الأوروبى، كما أعلن أوغلو أن أردوغان قد وجه الدعوة إلى رئيسى مجلس الاتحاد الأوروبى والمفوضية الأوروبية لزيارة تركيا، كما سيلتقى أردوغان مع جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية فى الاتحاد الأوروبى فى بروكسل فى 21 يناير الجاري.


كما جاءت تصريحات وزير الدفاع التركى خلوصى أكار، أكثر انفتاحا تجاه الأزمة، داعيا إلى ضرورة حل الخلافات بين بلاده واليونان عبر الحوار. وأعرب أكار، فى تصريحات صحفية، عن استعداد أنقرة لاستئناف المحادثات الرامية لحل الخلافات مع أثينا. ولفت إلى أن «أنقرة تتطلع للبدء فى المحادثات الاستكشافية من جهة، وإجراء حوار فى إطار تدابير بناء وتعزيز الثقة، وإطلاق مباحثات آلية فض النزاع بين تركيا واليونان فى إطار حلف شمال الأطلسى (ناتو)، من جهة أخرى». وقال: «نؤمن بوجوب وبإمكانية حل الخلافات مع اليونان عبر المحادثات والحوار». وأشار إلى أن سياسة تركيا بشأن شرقى المتوسط واضحة، وأنها تتطلع إلى تطبيق القانون الدولى والاتفاقيات الثنائية. وأكد أن تركيا «تتطلع لتحلى كل الأطراف الأخرى بالموضوعية عند تقييم المشكلات بين تركيا واليونان». وتأتى هذه التصريحات بعد أيام من تصوّيت البرلمان اليونانى على زيادة الإنفاق العسكري، لتزيد من ٥.٥ مليار يورو إلى أكثر من ٦ مليارات دولار بزيادة تاريخية تجاوزت كل التوقعات. ووصلت نسبة الزيادة لـ ٥٧٪ مما كانت عليه العام الماضي، وخصصت اليونان فى ٢٠١٩، ٢.٣ ٪ من ناتجها للإنفاق العسكري، ووصل حاليا لقرابة ٤ ٪ من الإنفاق العام، رغم الصعوبات الاقتصادية التى تعانيها البلاد. ومن جانبه قال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن حكومته ستوقع اتفاقا عسكريا مع الحكومة الفرنسية، لشراء ١٨ طائرة عسكرية مقاتلة من نوع «داسو رافال». يأتى ذلك ضمن الاستراتيجية التى وضعتها اليونان، للتصدى لتركيا، وما يصدر منها لزعزعة أمن واستقرار المناطق الحدودية لجنوب شرق قارة أوروبا. ووضعت الحكومة اليونانية خطة جديدة لرفع جاهزية التحريك العسكرى للجيش اليوناني، كما تعمل على تنفيذ برنامج استراتيجى بعيد المدى لتعزيز قدرات الجيش اليوناني. يأتى لذك بجانب شراء عشرات الأنواع من الفرقاطات وطائرات الهليكوبتر والطائرات دون طيار، وتجنيد ١٥ ألف جندى جديد على الأقل.


وتمتد هذه الاتفاقية بين الحكومتين لمدة ٢٠ عامًا، وتبلغ «نحو ١.٨ مليار دولار». وتنص الاتفاقية على إنشاء وتشغيل مدرسة طيران للقوات الجوية اليونانية من قبل شركة «إلبيت سيستمز» الإسرائيلية. كما تشمل الحصول على عشر طائرات تدريب من طراز «إم – ٣٤٦»، التى تنتجها شركة «ليوناردو سبا» الإيطالية وتجهزها شركة «إلبيت»، وصيانة طائرات التدريب اليونانية «تى – ٦» وتوريد أجهزة المحاكاة والتدريب. وكشف تقرير لصحيفة ديفنس نيوز الأمريكية المتخصصة في الشأن الدفاعي، تفاصيل أضخم صفقة عسكرية بين اليونان وإسرائيل، حيث تبلغ قيمتها ١.٦٨ مليار دولار، وسيحصل بموجبها سلاح الجو اليوناني على ١٠ طائرات تدريب عسكرية متطورة من طراز ليوناردو "إم–٣٤٦"، الإيطالية الصنع، والتي تعرف في إسرائيل باسم طائرات "لافي"، علاوة على منظومة "البيت" الإسرائيلية المتطورة المخصصة للأكاديميات الجوية والتدريب على قيادة المقاتلات العسكرية. وتمثل الصفقة جانبًا مهمًا من جوانب تطور العلاقات الوثيقة بين أثينا وتل أبيب في الآونة الأخيرة التي شهدت استئجار اليونان لطائرات مسيرة إسرائيلية الصنع، فضلًا عن توقيع الدولتين، ومعهما قبرص، في مطلع العام الماضي لصفقة إنشاء خطوط أنابيب غاز طبيعي تربط البلدان الثلاثة.وفى السياق ذاته، أبرمت اليونان شراكة استراتيجية مع دولة الإمارات فى نوفمبر، تتضمن بند المساعدة المتبادلة. وكانت أبوظبى قد أرسلت فى أغسطس أربع مقاتلات من طراز «إف ١٦» إلى جزيرة كريت لإظهار دعمها ضد أنقرة. كما وافق البرلمان اليونانى فى منتصف ديسمبر على شراء ١٨ طائرة مقاتلة من طراز رافال من فرنسا، ومن المقرر أن توقع اليونان معها أيضًا اتفاقية فى مجال الدفاع. وذكرت الصحافة اليونانية بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو فى أواخر سبتمبر، أن أثينا تدرس أيضًا شراء ٢٠ طائرة إف - ٣٥ من الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد استبعدت تركيا من برنامج إف - ٣٥، ردًا على شراء أنقرة منظومات روسية مضادة للطائرات من طراز «إس - ٤٠٠». وتواجه تركيا عقوبات اقتصادية مزدوجة من الولايات المتحدة على أرضية شِراء أنقرة منظومات صواريخ «إس ٤٠٠» الروسية، ومن الاتحاد الأوروبى الذى يدعم اليونان وقبرص فى النزاع الحدودى المائى المُتعلق بمخزون الغاز والنّفط. وفى ظل تخوفات لتركيا، من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن الذى سيغير بالنسبة لتركيا موازين القوى ضدها، حيث أشار بايدن فى مقابلة له فى أغسطس ٢٠٢٠ إلى أنه فى حال أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فإنه سيدعم المعارضة التركية، وأنه يجب إيجاد طريقة لعزل تحركات تركيا فى المنطقة. وبدأت الأزمة فى أعمال الحفر والتنقيب فى شرق البحر المتوسط فى مايو ٢٠١٩ حينما أطلقت تركيا أول سفينة حفر وهى «الفاتح»، والتى اعتبر وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، إطلاقها بمثابة «بداية حقبة جديدة» فى مخطط اكتشاف النفط والغاز فى تركيا. واستمر التصعيد فى الحرب الكلامية بين تركيا واليونان على خلفية أنشطة التنقيب عن النفط والغاز فى مناطق متنازع عليها بين البلدين الجارين العضوين فى حلف شمال الأطلسى حتى نهاية العام المنقضي. 

وطالب وزير الخارجية اليونانى نيكوس دندياس تركيا بوقف «استفزازاتها» فى شرق البحر المتوسط وبحر إيجه والتوقف عن تهديد بلاده بالحرب، بعدما أعلنت تركيا، إجراء قواتها البحرية تدريبات رماية بالذخيرة الحية فى البحر المتوسط، بعد أقل من أسبوعين على قمة قادة الاتحاد الأوروبى التى قررت توسيع عقوبات على أشخاص فى تركيا بسبب أنشطتها غير القانونية للتنقيب عن النفط والغاز فى شرق البحر المتوسط وتأجيل النظر فيها إلى القمة المقبلة فى مارس ٢٠٢١.
وبدأت فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص، اتخاذ خطوات حاسمة ضد التدخلات التركية فى منطقة شرق البحر المتوسط، بتكوين تحالف رباعى بينهم لتأمين عمل شركات الطاقة التابعة لتلك البلدان فى منطقة المتوسط، وقطع الطريق على رغبة أنقرة فى السيطرة على حقول الطاقة هناك.