الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لو كان الغلاء رجلا لقتلته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الأسعار نار، وطابور الغلابة طويل»... بهذه الكلمات اختصر الحاج بدوى بائع الخضار والفاكهة الإجابة عن سؤالى له صباح الجمعة الماضي، عن حال البيع والشراء هذه الأيام، ومشترى السلع، وخصوصا الطماطم التى وصل سعرها الـ20 جنيها، فى الأيام الأخيرة.
بعيدا عن مبررات الكلام عن عروة الطماطم، والانتقال من موسم إلى آخر، تظل الأسعار قضية الناس اليومية، وهموم كل الفئات، والشرائح، فغول الغلاء يلتهم الأخضر واليابس، وشكوى الناس لا تنتهي.
القضية ليست متعلقة بالرقابة على الأسواق، فتكاليف الإنتاج ارتفعت، وطالت كل المنتجات، لترتفع على الزراعة والصناعة، والنقل، لتصل السلعة للمستهلك بسعر كاد يصل إلى ضعف قيمته خلال عامين، ليجد المستهلك نفسه أمام أسعار سلع، إما أن يتوقف عن استهلاكها، أو يجد حلا آخر.
سألت الحاج بدوي، «الناس بتعمل إياه يا حاج»؟، فرد سريعا دون ترتيب.. الناس حالها صعب، وإحنا حالنا صعب معهم، معدش حد بيشترى زى زمان، الناس بتشترى على حد الأكلة، وأقل، ويوم بيوم، ورجع لربع كيلو والنصف كيلو للميزان»!!
كلمات الحاج بدوى واقع نعيشه، ولا ينكره أحد، فقضية الغلاء أصبحت همّ كل أسرة، صباح مساء، بل أصبح شعار الناس، «لو كان الغلاء رجلا لقتلته»، لكن يبقى السؤال الجوهري، كيف نواجه الغلاء؟ وكيف نتخلص أو نحد من تداعياته؟
ويبدو أن الناس تعودت على حركة الأسعار، ولم يعد يفاجئها أى ارتفاع فى أسعار السلع، وتتعامل مع الأمر بسياسات خاصة، تتركز إما فى ترشيد الاستهلاك، أو بنظام المقاطعة الصامتة لأى سلع تشهد ندرة، وبالتالى ارتفاع سعرها.
هذا ما يلمسه التجار هذه الأيام فى أسعار بعض السلع من الخضروات والفواكهة، حيث إن المقاطعة الصامتة أصبحت سيد الموقف فى كل حالات ارتفاع الأسعار، سواء بشكل مبرر أو غير مبرر.
ولا يمكن أن نفصل بين ارتفاع أسعار بعض السلع وارتفاع جائحة كورونا، والتى تشير التقديرات إلى أنها ساهمت فى زيادة إقبال المستهلكين على شراء كميات كبيرة من السلع وتخزينها، ما دفع بعض التجار إلى استغلال الفرصة وقاموا برفع أسعار بعض السلع بنسب تقترب من 50%.
ولا شك أن بعض الارتفاعات تراجعت خصوصا تلك التى تتصل بأسعار المعقمات والكمامات، والتى وصلت إلى نسب ضخمة، بل اختفت بشكل تام من المنافذ الرسمية فى بعض الأوقات، والصيدليات واقتصر تداولها فى السوق السوداء فقط.
ولكن هاجس القلق بدا يعود من عودة الظاهرة مرة أخرى مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، والتى تتزايد بشكل ملحوظ هذه الأيام، مما يتطلب يدا قوية لمواجهة أى عمليات احتكار متوقعة، كما حدث فى الموجة الأولى فى الربع الثانى من العام 2020.
ومن هنا نعيد ما أكد عليه رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى خلال أيام الأزمة، بضرورة التعامل بـ«قبضة من حديد» مع المتاجرين بالسلع والذين يتعمدون إخفاءها، أو يرفعون الأسعار بلا مبرر، مع ضرورة العمل على توفير المخزون الكافى من السلع للمواطنين وذلك بالتعاون مع جهات الاختصاص وتجمعات التجار والمنتجين.
وأيضا من المهم أن نكرر ما قاله رئيس الوزراء، بل لا بد أن يصبح برنامجا مستمرا فى مواجهة أى احتكار للسلع وقوت الناس، واحيتاجاتهم والتى قال فيها مخاطبا الجهات المختصة: «تعاملوا مع المتاجرين بالسلع والذين يتعمدون إخفاءها، أو يرفعون الأسعار بلا مبرر بمنتهى الشدة، فلن نسمح لأحد بأن يخلق أزمة، ولن نرحم المتاجرين والمتربحين من الأزمات».
وننتظر من مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك، القيام بأدوارهم الحقيقية لحماية المستهلكين من خلال شن حملات على المخالفين ليس فى القاهرة أو الجيزة، والمدن الكبرى فقط، بل تمتد لكل شارع وحارة فى البلاد.
ويبقى الجزء الأهم على الدولة، من خلال توفير المخزون الاحتياطى من السلع الأساسية، على مدى شهر السنة، وأن تتدخل فى الوقت المناسب، لضبط السوق، من خلال ضخ كميات من السلع، وتشغيل مختلف المنافذ المملوكة للدولة كموزعين تجزئة، بشرط عدم اتباع سياسة تحميل سلع ثانوية على السلع الأساسية للمستهلكين.