السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجامعات الجديدة وعودة الطيور المهاجرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قامت وزارة التعليم العالى ممثلة في الوزير د. خالد عبدالغفار، باتخاذ خطوة في غاية الأهمية، وهى التواصل المباشر «عن بُعد» مع ١٤٠ من علماء مصر العاملين في أكثر من ٨٠ مركزا من اعرق مراكز الابحاث والجامعات الأمريكية «Egyptian American Scholars».

الخطوة ساعد في تنفيذها والإعداد لها الدكتور محمد حمزة، المستشار الثقافى ومدير المكتب الثقافى المصرى في العاصمة الأمريكية واشنطن، وكذلك سفير مصر في الولايات المتحدة، ياسر رضا.

جاء الاتصال بعلماء مصر بمناسبة افتتاح ٤ جامعات أهلية في كل من سيناء والجلالة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة. وكذلك قرب افتتاح عدد أكبر من الجامعات الخاصة والدولية في العاصمة الإدارية الجديدة، كان اللقاء عظيمًا جدا حسب وصف من شاركوا فيه من الزملاء في الجامعات الأمريكية، مثل الدكتور أسامة حمدى والدكتور محمد الشبراوى «خريجا طب المنصورة» والدكتور عنتر العزب «خريج هندسة الإسكندرية». سعادة الزملاء باللقاء جاء من إحساسهم بجدية الإدارة المصرية في الارتقاء بمنظومة التعليم العالى والبحث العلمي. وجدية اتخاذ كل الإجراءات التى تضمن الاستفادة من خبرات علماء مصر المتواجدين في الخارج.

وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التوجه الجاد، هو موافقة عدد كبير ممن حضروا اللقاء مع الوزير «عن بُعد» على التعاون المشترك مع الجامعات المصرية. أوجه التعاون التى وافق عليها علماء مصر شملت المشاركة في التدريس عن بُعد، أو الحضور لفترات قصيرة لتدريس منهج كل سنة. أو التعاون في إجراء الأبحاث العلمية، أو استقبال شباب الباحثين من الجامعات المصرية في المراكز والجامعات التى يعملون بها في الولايات المتحدة.

هذه المبادرة العظيمة للتواصل مع علماء مصر العاملين في أكبر الجامعات والمراكز البحثية الأمريكية، أعادت إلى ذاكرتى تجربة الهند في استعادة العقول المهاجرة في الغرب منذ نحو عشرين سنة. ففى سنة ٢٠٠٠، عندما كنت أدرس في جامعة مانشستر الإنجليزبة، كان هناك العشرات من الأطباء والباحثين الهنود العاملين في مانشستر وحدها. أحدهم ذكر لى أن الهند قررت الاستفادة من العلماء والأطباء في كل دول العالم. وذكر أن هناك زيارات متتالية من وزراء وسفراء الهند لكل بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية، وبتكليف من رئيس الوزراء، لاستعادة علماء الهند في الغرب. وأن هناك حزمة من الإغراءات والمزايا لكل هندى يقرر العودة إلى الهند.

وعندما قررت أنا العودة إلى مصر سنة ٢٠٠٣، بعد انتهائى من الحصول على الدكتوراة والزمالة البريطانية في أمراض النساء والتوليد، جاء لزيارتى زميل هندى كان متخصصا في الجراحات الدقيقة، وكانت زوجته قد انتهت من دراسة الدكتوراة في جامعة برمنجهام عن العوامل الوراثية المسببة لسرطان المبيض. وقالا إنهما قررا العودة نهائيا إلى حيدرآباد في الهند، وأن المسئولين قدموا لهما عروضا لا يمكن رفضها، منها الحصول على دخل لا يقل عن ٧٠٪ مما يتقاضيانه في إنجلترا، والمشاركة في إدارة المستشفيات التى سيعملون بها، ونسبة من الأرباح، بالإضافة إلى السكن المناسب.

وفى سنة ٢٠١٤، زرت مدينة حيدرآباد في الهند للمشاركة في مؤتمر الكلية الملكية للنساء والتوليد، وقابلت الزميل وزوجته وقبلت زيارتهما في مكان عملهما، وكانت مفاجأة لم أستطع أن أستوعبها. الزميل أصبح مديرا لمستشفى متخصص في الجراحات الدقيقة. المستشفى حاصل على شهادة الجودة العالمية «JCI»، وبدون مبالغة أفضل من المستشفيات التى كنا نعمل فيها في إنجلترا. أما زوجته فقد أصبحت هى الأخرى مديرة لمركز أبحاث متطور جدا، وتقوم بأبحاث مشتركة مع أهم مراكز الأبحاث في العالم.

وبعد الزيارة كان عندى سؤال هو: كيف نجحت التجربة الهندية في استعادة علماء الهند من الخارج؟ وكانت الإجابة المختصرة هى «طالما هناك رغبة عند الدولة فسوف تكون هناك طريقة». وقالها باللغة الإنجليزية: «If there’s a will، there’s a way».. أعتقد أن مصر عندها الرغبة وأن المصريين عندهم الطريقة.

وفق الله مصر لكل ما فيه الخير.