السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

رفعت السعيد يكتب: نصر أبو زيد يناقش تنوير زكي نجيب محمود

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل فى تاريخ الإسلام مجددون رفعوا من شأن الدين الحنيف واستوعبوا قيمته كثورة فى الفكر الإنسانى.. وكانت «البوابة» قد نشرت، أواخر 2014 وأوائل 2015، سلسلة مقالات للمفكر الراحل د. رفعت السعيد تناول فيها الدور التاريخى للمجددين الجدد فى الإسلام، ولأهميتها فى تذكيرنا بحملة مشاعل التنوير، نعيد نشرها لأهمية ما بها من أفكار، تنير الطريق أمام كل من يريد أن يعلو بشأن الوطن، ويعلى من قيم الاستنارة والفهم الصحيح للدين.. تحيةً لروح الدكتور رفعت السعيد ولأرواح كل المجددين الذين تظل أسماؤهم محفورة بحروف من نور فى سجل البشرية.

ما زلنا مع د. نصر حامد أبو زيد فى حديثه عن زكى نجيب محمود، الذى قال عنه إنه رمز التنوير، ونقرأ «كان الخطاب التنويرى عند زكى نجيب محمود فى مستهل حياته مجرد صدى للفكر الأوروبى الذى أمكن تلخيصه فى بُعدين: الإيمان بقيمة الحرية وفهم الحياة الاجتماعية والطبيعية على أساس أن التطور جوهرها».
ثم يعلق نصر قائلا: «كانت الحرية مطلبا أساسيا فى الحياة المصرية، أما فكرة التطور فلم يعرف منها معظم المثقفين إلا الصورة البيولوجية التى تنسب إلى داروين». ثم «واستمر الخطاب التنويرى يكتسب أرضا جديدة ويعمق جذوره فى التربة الثقافية المصرية على يد أحمد لطفى السيد الذى نادى بوجوب الحرية المسئولة، وطه حسين بما عمل على إشاعته فى النفوس من إزاحة التقديس عن حقائق التاريخ». ثم يقول «إن خطاب التنوير المصرى وجد نفسه فى تضاد مع بعض أطروحات الفكر الغربى عن الإسلام والمسلمين ليس هذا فحسب، فقد تناقض وتمت محاصرته بالدرجة الأولى بنقيضه السلفى الذى يرى أن الفكر الغربى «يسعى للقضاء علينا وانتهاك أصالتنا»».. وهنا يرفع نصر حامد أبوزيد راية التنوير فوق وقبل أى راية. 
ويمضى د. نصر ليطالع معنا كتاب زكى نجيب محمود «المعقول واللامعقول فى تراثنا الفكري». وتقوم فكرة الكتاب على دراسة بنية «التأويل» فى كتاب الغزالى «مشكاة الأنوار». فينقسم تاريخ التراث إلى أربع مراحل كما يقسم الغزالى دلالة النور إلى أربعة مستويات تنتقل من العام إلى الخاص، ومن الحسى إلى العقلى ومن العقلى إلى الخيالى ومن الخيالى إلى الروحى، ويرى أن تاريخ التراث ينقسم إلى مراحل «المرحلة الإدراكية». وهى مرحلة الصراع السياسى حول الخلافة، والمرحلة الثانية هى مرحلة انبثاق الجماعات الفكرية كالمعتزلة والمرجئة، والثالثة هى وهج الترجمة والفلسفة والرابعة هى مرحلة النهوض الشامل.
ثم هو يلوم زكى نجيب محمود لأنه لم يضف شيئا جديدا للتقسيم المعروف والمتداول، وينتقل نصر بنا إلى كتاب آخر لزكى نجيب محمود هو «تجديد الفكر العربي». لينتهى إلى أن التراث لا يحل مشكلة واحدة من مشكلاتنا التى يحصرها فى ثلاث مشكلات هى:
١- الحرية بأبعادها السياسية والاجتماعية وحرية المرأة.
٢- مشكلة الدخول فى عصرى العلم والصناعة وهى مشكلة يحيلها زكى نجيب محمود إلى طبيعة الثقافة العربية التى هى ثقافة لغة فى الأساس.
٣- مشكلة الوحدة العربية والقومية العربية. ثم يمضى د. نصر ليقلل من شأن هذا التحليل ويقول «هذه النتيجة الفاجعة لمسألة التراث لم يتوقف زكى نجيب محمود أمامها طويلا، ولم يتأملها تأملا كافيا، لأن العودة للتراث كانت بمثابة العودة إلى الملاذ، إنها عودة عاطفية فرضها موقف الهزيمة الشامل، ولأنها موقف عاطفى فهى فى منطقة خارج التأمل والاستبصار، إنها القناع الذى يخفى الذل والمهانة». ثم هو يكمل وبشكل حاد «لذا فقد تحول مشروع النهضة إلى أزمة مثقف» (ص ٨٢).
لكن د. نصر لا يلبث أن يجد عدوًا أشد قسوة هو د. محمد عمارة الذى هاجم بدوره زكى نجيب محمود متهما إياه بأنه «يخرج الدين بالكلام من منطقة التعقل التى تقبل الصواب والخطأ إلى منطقة الوجدان الخاصة بكل شخص على حدة، بما يميل إليه قلبه وترتاح إليه نفسه، دون أن يكون هناك مجال لأن نعتقد بأن هناك من هو صواب على عقيدته ومن هو على خطأ».
كانت الحرية مطلبا أساسيا فى الحياة المصرية، أما فكرة التطور فلم يعرف منها معظم المثقفين إلا الصورة البيولوجية التى تنسب إلى داروين.