تميزت مصر منذ فجر التاريخ بالعمارة، إذا خلفت العمارة المصرية القديمة العديد من الآثار التى تدل على حرفية وإتقان الفنان المصرى عبر العصور، وقدرته الفائقة على تشييد القصور، إذا كشفت الحفريات في مدينة تل العمرانة، والأقصر عن عدد كبير من القصور، واستمر الوضع عبر العصور والحضارات المتعاقبة على مصر فمرورًا بالعصر البيزنطى، والقبطى، والإسلامى، وحتى الدولة العلوية، فبدأت القصور في مصر تأخذ العديد من الطرز المعمارية، وفى هذه السلسلة من الحلقات والتى تستمر على مدى شهر رمضان الكريم سنتعرف على أهم القصور في مصر المحروسة.
كان صاحبه مغرمًا بالترحال والسفر وجمع التحف والمقتنيات إنه الأمير وحيد سليم، والذى لم يكن يفارق قصره، إلا ليتردد على المزادات، أو يعيش مغامرة في رحلة من رحلاته، والده هو سليم بلك خليل أحد ضباط الجيش التركى، ووالدته هى الأميرة شويكار.
ويقام القصر على مساحة تقدر بنحو أربعة أفدنة ونص وتُعد حديقته تحفه فنية رائعة بها مجموعة نادرة من أشجار النخيل، وكانت تحوى في جزء منها على أقفاص للطيور والحيوانات، وتتوسط الحديقة نافورة رخامية، أمامها بسطة بها أربعة أعمدة رومانية كانت مخصصة للموسيقى أثناء إقامة الحفلات، وعلى جانبيها كشكان مخصصان لجلوس الأمير للاسترخاء، والإضاءة الداخلية مساءً تلقى بظلال ناعمة على الزخراف التركية بها.
ويتكون القصر من دور أرضى وثلاثة أدوار، ودور مسروق، ويوجد على الدرج في الدور الأرضى تمثال لسيدة عارية جالسة على أسد ثم باب القصر مرسوم عليه التاج الملكى كما يوجد تمثال لرجل من الجبس يجلس على حربه وشعره ملفوف على الطريقة الرومانية وذلك على الحائط المواجه لباب القصر.
أما البهو فهو من الرخام الأسود والأبيض والوردى المستورد من إيطاليا، وبه كرانيش آية في الجمال تحمل زخارف نباتية مذهبة، وبها بلكونة مستطيلة عليها التاج الملكى.
وفى البهو يوجد أربع غرف أولها الصالون الأول وبابه عبارة عن مرآة تعلوها لوحة رسومات جصية، ويوجد في صدارة الغرفة لوحة كبيرة بخط لمحمد على باشا، والغرفة تطل على تراس كبير بها زخارف نباتية على حوائط من الذهب على الطراز الفرنسى أرفف من الزجاج ومرآة كبيرة بالحائط المجاور للباب وأرضيتها من خشب الأرو.
أما الصالون الثانى فحوائطه مبطنه بالستان الوردى، والسقف به مونتيرات على الطراز الفرنسى ويوجد بالحائط مرآة ديكور على هيئة دفاية مجلدة برخام أبيض على نفس الطراز الفرنسى، كما يوجد مكتبة مصنعة من خشب الأرو في الغرفة الثالثة، ويوجد بصدر الغرفة دفاية عليها زخارف نباتية غاية في الروعة والدقة والجمال يعلوها برواز كبير لأحمد رفعت باشا جد الأميرة شويكار، وهو برواز من الخشب المذهب المحفور. ويتوسط غرفة السفرة نجفتان كبيرتان وبها بلكونة تطل على أقفاص الطيور والحيوانات وبابها من زجاج الملون المعشق بالرصاص ويعلوها التاج الملكى، والغرفة مجلدة بخشب الأرو وبها زخارف نباتية وأعمدة رومانية على جانبيها.
كما يحتوى القصر على مجموعة كبيرة من التحف الثمينة والمنقولات والأثاث المصنوع على الطرز المختلفة ومجموعة كبيرة من السجاد. أما الدور الثانى فبه بهو مستطيل عليه أربع حجرات للنوم صممت جميعهم غاية في الجمال والروعة من حيث المفروشات والأثاث والزخارف النباتية المذهبة وعليها كتابات بالخط العربي، والتى كتبت على الطراز التركى. أما الدور المسروق فهو الدور الثانى والخاص بالنوم، وبه مخزن أسانسير وحجرة خاصة بها حمام مصنوع من الفسفساء الذهبية والتى بها بلكونة كبيرة تطل على الحديقة.
