السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أسبوع آلام المسيح يتحول إلى عزلة بسبب كورونا

أسبوع آلام المسيح
أسبوع آلام المسيح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مثل هذه الأيام فى شهر أبريل من كل عام، يحتفل مسيحيو العالم بأسبوع الآم المسيح، والذى يسمى بأسبوع البصخة المقدسة، تمهيدا للاحتفال بعيد القيامة المجيدة وهى قيامة السيد المسيح من الأموات بعد الصلب يوم الجمعة العظيمة.
وبينما كان الناس فى العالم يستعدون لهذا الأسبوع، والذى له أهمية كبرى فى نفوس المسيحين، حدثت المفاجأة التى لم تكن تخطر على البال، وهى انتشار جائحة كورونا حول العالم، فتم إغلاق الكنائس ومنع الناس من التناول فى محاولة الدول لاحتواء هذا الوباء، الذى ينتشر كالنار فى الهشيم ويعمل عمله فى التجمعات، فتحول أسبوع البصخة إلى أسبوع العزلة داخل المنازل. 
فالعزلة هى وجه من أوجه الآلام النفسية، والتى بسببها يتحول البعض لمكتئبين، لأن الإنسان كائن اجتماعى، ولذلك فهو لا يحب العزلة، ولذلك فعزلة الوحدة هى سبب من أسباب الوجع بداخل الناس، والذين يشعرون بأنه قد فُرضت عليهم هذه العزلة الجبرية، والتى لا يعلم أحد متى ستنتهى، فى أسبوع آلام المسيح، والذى قد اختبر مرارتها قبلًا منذ 2000 سنة، لم يكن أحد يعلم كيف كان يشعر حينها، وكأنه قد حان الوقت ليختبر المسيحيون آلاما حقيقية، لم يكن الجنس البشرى، وخصوصا هذا الجيل قد اختبر هذا النوع من هذه الآلام الجديدة، عوضا عن الاحتفال بأسبوع الآلام، والتى لم تكن الكنائس تتسع لهذا العدد الهائل من المسيحين بداخلها، وخاصة الكنائس المصرية، بدأ الأسبوع وكأنه أسبوع الآلام الحقيقى لهذا الجيل.
يذكر أن أسبوع البصخة المقدسة أو أسبوع الآلام يبدأ من يوم الأحد «أحد السعف» بعد دخول السيد المسيح أورشليم، حيث رنمت له الجموع «الجالس فوق الشاروبيم إليم ظهر فى أورشليم ركبا على جحش بمجد عظيم، اليوم تمت الأقوال من النبوة كما تنبأ زكريا»، هكذا بهذه الألحان الكنسية يستقبل المسيحيون أسبوع البصخة، حيث يبدأ بترانيم وينتهى أيضا بترانيم وتسابيح للقيامة.
كلمة البصخة هى لفظ اليونانية «Pesah» ويسمى أسبوع الفصح فى اللغة العبرية، ومعناه أسبوع الاجتياز أو العبور، لذلك فالمسيحيون يعيشون بحق هذا الأسبوع بالآلام حقيقة، لأنهم حرموا مما كانوا يتمتعون به، وليس ما يعوض ذلك الوقت حتى وهم داخل منازلهم. 
فرؤيتهم الطقوس داخل منازلهم لا تعوض مشاعرهم وهم بداخل الكنائس، والتى كانت تضم كل أفراحهم وأتراحهم وأوجاعهم، فضلا عن العزلة الاجتماعية أيضًا، والتى أضافت على ألم أسبوع البصخة، الألم عند الاحتفال، وعدم وجود عيد والخوف من فقدان أحبائهم بسبب هذا الفيروس السارق، والذى سرق فرحة العيد والآن من الممكن أن يسرق أحد الأحباء.
يتميز أسبوع البصخة بأن لكل يوم معنى مختلف ولكل يوم قراءاته المتعددة المقسمة إلى ساعات وكل ساعة لها صلواتها المختلفة، وترى المسيحيون يرددون تسبحة «ثوك تى تى جوم»، وهى تعنى لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد أمين. 
فبداية من أحد الشعانين تبدأ صلوات البصخة ليلا، حيث تكسى المنجلتين القبطى والعربى بالستور السوداء من حد الشعانين فى الخورس الثانى، وذلك لندرك مدى بشاعة الخطية.
لا تقام القداسات أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء إشارة إلى الطقس القديم الذى كان يأمر بحفظ خروف الفصح من اليوم العاشر حتى يذبح فى الرابع عشر من الشهر.
ويوم الأربعاء يشار إليه بيوم خيانة يهوذا للسيد المسيح، والذى باعة بالثلاثين من الفضة، وكانت القُبلة هى علامة الخيانة وتسليم السيد المسيح إلى أيدى الرومان. 
أما يوم الخميس هو يوم خميس العهد الكبير، حيث يشار إليه ببداية طقس القداس فى هذا اليوم، والذى فيه تم تأسيس العهد مع المسيحيين الذين يؤمنون بالمسيح وهو طقس التناول. 
يوم الجمعة العظيمة والذى صلب فيه المسيح فداء عن كل البشرية وعوضا عن خطية أبينا آدم والذى أخطأ بكسر الوصية.
أما سبت الفرح والذى نستعد فيه لقيامة المسيح يوم أحد القيامة، والذى يسعد به المسيحيون ويترنمون بعضهم البعض بخرستوس أنستى.. اليثوس انستى» وتعنى، المسيح قام... حقا قام. 
كل هذه الطقوس الذى تنقل المسيحيين من مشاعر البشرية الحمقاء الخاطئة إلى مشاعر النصرة والفرح بعيد القيامة والنصرة على الخطية التى أحزنت البشرية، حرموا منها بسبب الفيروس، ورغم وجود كل القداسات والصلوات مذاعة على الهواء مباشرة إلا أن فرحة العيد وبهجة الخلاص مغلفة بالخوف من وباء كورونا، والذى جعل معظم الناس طوال الوقت يتابعون الأخبار، ليتعرفوا على ما هو جديد فى هذه الأيام وعدد الإصابات وعدد الوفيات. 
ورغم الآلام، إلا أن هناك أفراحا داخل كل إنسان، كل بحسب رؤيته لهذا الوباء وكيفية الاستفادة منه، فرغم غلق الكنائس إلا أن آباءها لم يتوانوا عن تعزية الشعب بكلماتهم الرقيقة. 

- الأنبا مرقس: المنازل تتحول إلى كنائس دون تصريح أو إذن من أحد 

فعلق الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة وتوابعها، على أحداث فيروس كورونا معزيا الشعب بأن «الكنيسة قد انتقلت إلى البيوت، وقد أصبحت فعلا بيوت صلاة وبيوت طهارة، أيضا بيوت للبركة لكل الداخلين إليها، وقال «سوف نحتفل بأحد الشعانين إذا وجد داخل البيوت وسوف نهتف أوصانا «خلصنا» من خطايانا ومن الوباء، ونبدأ البصخه الأحد مساء فى بيوتنا ونتابعها فى القنوات المسيحية مع الكتب فى أيدينا كأننا داخل الكنيسة فعلا يعنى وقت قراية الإنجيل نقف وعندنا فرصة أطول للتأمل فى كل القراءات ونتابعها من الصباح والظهر والليل ونقرب الأناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا من الإثنين حتى الخميس ونشترك فى اللقان يوم الخميس والقداس وبليل البصخة، وسوف نكون مع بعض كل فى مكانه يوم الجمعة الكبيرة ونتمتع بكل ما فيها من ألحان وقراءات ونتأمل فى كل القراءات ونقول كيرياليسون ٤٠٠ مرة ونختمها بـ١٠ ونشوف الحنوط والدفن.
ونسهر مع ليلة أبوغالمسيس ونستعد للاحتفال بالعيد كل ده بالتواصل مع القنوات المسيحية».
وقال الأنبا مرقس إن هذا العيد فى هذه السنة سوف نشترك فيه مع إخوتنا المحتاجين وإنها فرصة أننا لن نشترى ملابس جديدة، وإنه من المؤكد أن لدينا الكثير من الملابس والذى من الممكن أن يساعد الإخوة المحتاجين، وهى فرصة أن نحتفل بخميس العهد، ونقول للمسيح كنت تعلم أنك بعد قليل تتألم من أجلنا، وفرصة أن نسير معه فى المحاكمة وما فيها ما آلام ونسمع صوت السياط ونرى إكليل الشوك والدم ينزف من جبينه والمسامير وهى تدق وتدخل ممزقة العضلات ويُرفع الصليب، ثم نعيش معه فى كل يوم وخصوصا الخميس والجمعة والسبت ونفرح بقيامته. 
وأضاف الأنبا مرقس أن إحدى ثمار وباء كورونا أنه أصبح هناك متسع من الوقت للتوبه والصلاة بعمق وقراءة الكتاب المقدس بدراسة مع التأمل».
وأكد أسقف شبرا الخيمة أنه «لم يستطع واعظ أو مبشر أو صاحب سلطة أن يعمل مع عمله جائحة كورونا، غير المرئية بالعين المجردة، ورغم ما لها من آثار سلبية، إلا أننا نستطيع أن نستفيد من ثمارها الإيجابية».
وأنهى الأنبا مرقس كلماته بالدعاء لله وقال: «ربنا يعطينا أن نشترك فى آلامه ونفرح بقوة قيامته، ببركة وصلوات والدة الإله القديسة مريم والقديسين ونهنئ أبانا وراعينا البابا الأنبا تواضروس الثانى معلمنا الصالح والآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والرهبان وكل الشعب بهذه المناسبات الجميلة التى فزنا بأن تصبح كل بيوتنا كنائس دون تصريح أو إذن من أحد». 

- الأنبا روفائيل: الله لا يمكن أن يغلق فى وجهك السماء
أما الأنبا روفائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، فقد أرسل كلمات التعزية عن طريق «واتس آب» وقال لشعبه: «هذه رسالة لكل إنسان تعبان جدًا، وحزين، ومقهور؛ بسبب غلق الكنائس، الله لا يمكن أن يغلق فى وجهك السماء، لأن لو الكنيسة على الأرض، بهذا الجمال، والناس شاعرين إنهم لا يستطيعون العيش خارجها، فكم بالحرى تكون السماء جميلة جدًا، ولا يمكن أن نعيش خارجها». 
وصلى الأنبا رؤفائيل إلى الله وقال: «يارب افتح لنا باب الكنيسة، وافتح لنا باب السماء، فنحن لا نستحق، ولكننا لا نستطيع أن نعيش من غيرك، نحن نثق أنك سوف تفتح لنا أبواب السماء، ليس لأننا نستحق، ولكن لأنك صالح ورحوم، نثق أنك ستعاملنا بحسب مراحمك العظيمة، وليس بحسب خطايانا الكثيرة». 
- الأنبا مارتيروس: «الله يجاوب الإنسان بأنه لا ينعس ولا ينام» 
ولكن الأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد، فقد جاءت كلماته بكثير من الآلم والحزن ممزوجة كلماته المعزية بآيات الكتاب المقدس وقال: «الأحباء والأصدقاء قد يمر الناس بأزمات مختلفة عبر الأزمان منها، الطبيعية وغير الطبيعية، فالطبيعية كالكوراث والأوبئة والزلازل والبراكين، فللرب الأرض وملؤها، أما غير الطبيعية كالنشاطات الإنسانية المضرة، ولكن لننظر إلى إراداته البعيدة عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء، والتى لا تلغى إرادته أبدًا، قدرته الفائقة غير المحدودة ورحمته على البشر غير المتناهية، وهذا يجعلنا نطرق باب رحمته مطالبين إياه بدالة البنين لتحقيق وعده الصادق فى الكتاب المقدس (هأنذا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر)وأيضا (وثقوا أنا قد غلبت العالم)».
ويكمل الأنبا مارتيروس حديثه: «فإذا لنا سر الإيمان بضمير طاهر، نسمع لصوت تلاميذه الأطهار عندما يدعون قائلين (ثقوا هذا يناديكم) وتطرحون أنفسكم أمام الله فيقول (ثقوا يا أبناء مغفورة لكم خطاياكم) ويأمر بالشفاء وزوال الوباء».
ووجه نيافته الدعوة القديمة وقال: «فقد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور، ونحن فى هذه الأيام الروحية وأسبوع الآلام ستدق القلوب بالصلاة السهمية، والتى ستصل إلى قلب الله مباشرة، بل وتغزوه وتقتحمه حتى يقول: «إن قوة عظيمة قد خرجت منى بالخلاص والوعد بالسلام»، صلى نيافة الأسقف بتسبحة أسبوع البصخة: «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى أبد الآبدين يا رب يسوع المسيح مخلصى الصالح قوتى وتسبحتى هو الرب وقد صار لى خلاصًا مقدسًا».
وبدأ نيافته بكلمات لكل شخص وقال: «إذ نتسلل بالحضور أمام الله ونحادثه قم إلى الرب، لماذا تنام، إننا نهلك، لماذا ترفضنا؟ يجاوبنا أنا الذى لا أنعس ولا أنام»، لماذا شككت يا قليل الإيمان ولماذا بعُد قلبك» وفالرب لا يترك رحمته فهو يهتم بشعبه لئلا يهلك، ودعا الأنبا مارتيروس الشعب بالصلاة وقال «هلم نسجد ونركع، ونجثو أمام الرب خالقنا فهو القادر على أن يخلص من كل خطر ولو ركب البحر من يجهل صناعته»، الرب مع جميعكم آمين. 
ومن الآباء الذين يعزون شعبهم إلى المسيح نفسه وهو يعزى كل متألم ومغترب وكل شخص وحيد وكل فقير وجائع ومحتاج بقوله «هأنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» فالسيد المسيح وعد بأنه لن يترك العالم وأنه موجود كل الأيام، نعم تبدو الأيام مرعبة ولكن ها هى وعود السماء لكى ما نتعلم أن للإيمان أبعادا أخرى فى زمن الكورونا، يوم ما سوف يزول وباء كورونا من العالم ولكن وقتها سوف يتعلم الناس، أن للألم أوجها كثيرة ولكنها فى النهاية وسيله للتعلم.