السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

تراثيات| "الموطؤون أكنافًا".. المبرد يشرح حديث النبي في الأخلاق

 أبو العباس بن يزيد
أبو العباس بن يزيد المبرد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكر أبو العباس بن يزيد المبرد في كتابه الكامل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يوجه فيه أخلاق صحابته إلى الحسن والبعد عن القبح في السلوك والقول، الذي يقول فيه: ألا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يَألفون ويُؤلفون، ألا أخبركم بأبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون".
وتناول المبرد حديث النبي الكريم بالشرح والبيان: قوله صلى الله عليه وسلم "الموطؤون أكنافا" مَثلٌ، وحقيقته أن التوطئة هي التذليل والتمهيد، يقال: دابة وطيءٌ يافتى، وهو الذي لا يحرك راكبه في مسيره. وفراش وطيءٌ يافتى، إذا كان وثيرًا لا يؤذي النائم عليه، فأراد القائل بقوله "موطأ الأكناف" أن ناحيته يتمكن فيها صاحبها، غير مؤذي ولا ناب به موضعه.
وتأويل الأكناف: الجوانب. يقال في المثل: فلان في كنف فلان، كما يقال: فلان في ظل فلان وفي ذرى فلان، وفي حيِّز فلان.
وقوله صلى الله عليه وسلم "الثرثارون" يعني الذين يكثرون الكلام تكلفا وتجاوزا وخروجًا عن الحق، وأصل هذه اللفظة من العين الواسعة من عيون الماء، يقال: عين ثرثارة، وكان يقال لنهر بعينه الثرثار، وإنما سمي به لكثرة مائه.
وقوله "المتفيهقون" إنما هو بمنزلة قوله الثرثارون توكيد له.
وتصديق ما فسرناه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يريد الصدق في المنطق والقصد، وترك ما لا يحتاج إليه، كقوله لجرير "يا جرير إذا قلت فأوجز، وإذا بلغت فلا تتكلف".
وكتاب المبرد يجمع قطوفا أدبية، حيث يقول المؤلف في مقدمته: "هذا كتاب ألفناه يجمع ضروبا من الآداب ما بين كلام منثور، وشعر مرصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة، واختيار من خطبة شريفة، ورسالة بليغة، والنية فيه أن نفسر كل ما وقع في هذا الكتاب من كلام غريب أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحا شافيًا حتى يكون هذا الكتاب مكتفيا بنفسه، وعن أن يرجع إلى أحد في تفسيره مستغنيا وبالله التوفيق والحول والقوة".