الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

توطين صناعة المركبات وغيرها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تمض ساعات على نشر مقالنا السبت الماضى بعنوان «الصناعة ثم الصناعة» الذى تناول ضرورة قيام الدولة بالاهتمام بالصناعة إلا وقد أعلنت الدولة عن استراتيجيتها لتوطين صناعة المركبات فى الفترة المقبلة كخيار أساسى للتنمية وتشغيل الأيدى العاملة.
وهو قرار يكشف عن مدى وعى الإدارة الحالية بأهمية هذا المشروع الذى يمثل الأهمية القصوى التى ينبغى من خلالها الحفاظ على الأمن القومى المصرى فى ظل صراع أممى نحو البقاء فى ظل جيل جديد من التقنية فائق القدرة فى الصناعة الثقيلة والخفيفة والإلكترونية.
وشددت الدولة على أهمية أن يتم التركيز فى الفترة المقبلة على جانب نوعى من الصناعة وهو صناعة «السيارات الكهربائية» التى تتميز بمزايا عديدة منها حفاظها على البيئة ورخص أسعارها مما يجعلها فى متناول يد الطبقات ذات الدخل المتوسط.كما أن تكاليف تشغيلها أقل كثيرا من مثيلتها التى تستخدم البنزين أو الغاز.وهى نوعية من السيارات يمكن أن تصبح ذات مستقبل كبير إذا تمت مراعاة ضرورة توفير البنية التحتية المطلوبة من نقاط شحن على الطرق المختلفة لكى تصبح قادرة على منافسة غيرها من وسائل النقل الأخرى.
وخيار الصناعة هو الأنسب لبلد يعانى فقرا مائيا شديدا لا يمكنه مزاحمة الدول ذات الوفرة المائية فى الزراعة التى تأخرنا فيها خلال العقود الثلاثة الماضية بدرجة جعلتنا غير قادرين على تلبية احتياجاتنا الضرورية من غذائنا سواء كان قمحا أو بقولا.
ولا شك أن لدينا مزايا نسبية مهمة يمكن من خلالها أن نضع أقداما راسخة فى مجالات الصناعة فلدينا المواد الخام التى تجعلنا قادرين على التميز فى صناعة الخلايا الضوئية وغيرها من مستلزمات صناعة شاشات الموبايل والتليفزيون والكمبيوتر.وهى صناعة مهمة أصبحت من الصناعات التى تتميز بالانتشار المتنامى التى لا يمكن الاستغناء عنها فى ظل ثورة هائلة فى هذا المجال.
لدينا إذن مقومات صناعية أكبر كثيرا من مقومات غيرها من الأنشطة فضلا عن أن الصناعة من أكثر الأنشطة التى تستوعب عددا كبيرا من الأيدى العاملة وتتيح فرص عمل أكثر من غيرها من الأنشطة.
كما أن مصر لديها بنية صناعية تمكنها من البناء عليها بسهولة خاصة أن مصر كانت قد قطعت شوطا كبيرا فى صناعة السيارات بدأت فى نهاية الخمسينيات واستمرت حتى بداية التسعينيات.
كما كان لنا خبرة طويلة فى مجالات صناعية متعددة أهمها صناعة الأسلحة التى بدأت مع عهد محمد على لكنها قطعت شوطا مهما فى عهد عبدالناصر ولحسن الحظ أن هذه الصناعة لم تتوقف فى فترة التراجع الذى جرى فى العقود الأربعة الماضية وإن كانت لم تكن تسير بوتيرة سريعة.
ومن الصناعات المهمة التى يمكن أن تتميز فيها مصر صناعة الأدوية وهى بلا شك من الصناعات شديدة الأهمية ولا يمكن لأى مجتمع الاستغناء عنها فضلا عن أن مصر لديها خبرة طويلة فى هذه الصناعة كما أن الدواء المصرى كان يتمتع بسمعة جيدة حتى وقت قريب فى الدول العربية والأفريقية نظرا لرخص ثمنه وجودة فعاليته التى كانت تميزه فى فترة طويلة إلى أن استطاعت مافيا الدواء المستورد تشويه سمعة الدواء المحلى المصرى بالادعاء بعدم فاعليته وهو ادعاء نجح بشكل جزئى فى العقدين من تشويه سمعة الدواء المصرى.
كما تتوافر فى مصر النباتات الطبية التى تجود زراعتها فى سيناء ومرسى مطروح بشكل كبير.
الصناعة إذن هى طوق النجاة وحبل الأمل الذى يمكن أن يشدنا من القاع إلى القمة التى ننشدها وهى الطريق الأقصر لحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية فبغيرها كأننا نبنى قصورا من رمال لا تستطيع أن تصمد أمام تقلبات الدهر وصروف الزمان.
لا يمكن للتجارة وحدها أن تقيم أساسا قويا لبناء الأمم ولكنها فقط يمكن أن تحقق أرباحا وقتية ومكاسب سريعة تريح المستهلك بعض الوقت كما المخدر الذى يمكنه أن يحقق راحة مؤقتة ولكنها لا يمكن أن تحقق فائدة على المدى البعيد..هكذا الشعوب والأمم يسرى عليها كما يسرى على الإنسان من ظواهر وصروف.