الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"الأغوار".. محطة الصراع الثانية بعد القدس تعرف عليها

الأغوار الفلسطينية
الأغوار الفلسطينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصراع على الأغوار لا يقل أهمية عن الصراع حول القدس، فكل من الطرفين الفلسطيني الإسرائيلي يرى لنفسه الحق في ضم تلك المنطقة التى أخذها الاحتلال بالغصب عن طريق الاستيطان، ويؤكد الفلسطينيون دوما بأن "لا دولة بدون الغور"، فيما يتمسك الاحتلال بأن الأغوار جزء من دولتهم، وهذا ما يظهر جليا بما فرضته دولة الاحتلال وتمارسه يوميا في المنطقة منذ الاحتلال عام 1967.
تمتد الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالًا؛ ومن عين جدي حتى النقب جنوبًا؛ ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربًا.
وتشكل الأغوار الفلسطينية 28% من مساحة الضفة الغربية الإجمالية، ويعيش فيها أكثر من 65 ألف فلسطيني، وتضم 27 تجمعا سكانيا ثابتا على مساحة 10 آلاف دونم، وعشرات التجمعات الرعوية والبدوية، وتتبع إداريا لثلاث محافظات هي: محافظة طوباس (الأغوار الشمالية) بواقع 11 تجمعا، ومحافظة نابلس (الأغوار الوسطى) وتشمل 4 تجمعات، ومحافظة أريحا (الأغوار الجنوبية) وتحتوي على 12 تجمعا.
وتكمن أهمية الأغوار الفلسطينية في كونها منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام، إضافة إلى خصوبة التربة، وتوفر مصادر المياه فيها، فهي تتربع فوق ثاني أكبر حوض مائي في فلسطين.
وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم؛ أي ما نسبته 38.8% من المساحة الكلية للأغوار؛ يستغل الفلسطينيون منها 50 ألف دونم؛ فيما يستغل سكان مستوطنات الأغوار 27 ألف دونٍم من الأراضي الزراعية فيها.
تقسم مناطق الأغوار إلى: مناطق (A) وتخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومساحتها 85 كم2، ونسبتها 7.4% من مساحة الأغوار الكلية؛ ومناطق(B)، وهي منطقة تقاسم مشترك بين السلطة وإسرائيل، ومساحتها 50 كم2، ونسبتها 4.3% من المساحة الكلية للأغوار، ومناطق (C) وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ومساحتها 1155 كلم، وتشكل الغالبية العظمى من منطقة الأغوار (بنسبة 88.3%).
وتسيطر إسرائيل على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة، أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار، ويحظر على السكان الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو أي نشاط آخر في هذه المناطق.
هَجَّر الاحتلال ما يزيد عن 50 ألفًا من سكان الأغوار منذ عام 1967، إضافة إلى تجمعات سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، مثل تهجير أهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.
تشهد الأغوار الفلسطينية عمليات هدم متواصلة ومتكررة من قبل سلطات الاحتلال لتجمعات سكانية فلسطينية بشكل كلي وجزئي كما حدث في خربتي الرأس الأحمر وعاطوف والفارسية، بهدف تهجير المواطنين وتشريدهم لتسهيل عمليات السيطرة على أراضي الأغوار بعد تطهيرها عرقيًا.
ووفقًا لمعطيات "بتسيلم" فإنه في الفترة ما بين 2006 و2017 هدمت سلطات الاحتلال 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، إضافة إلى تعرض العديد من التجمعات السكانية لعمليات إخلاء متكررة بحجة التدريبات العسكرية وما يرافق ذلك من عمليات تدمير واستيلاء على ممتلكات المواطنين.
فصلت قوات الاحتلال الأغوار بشكل كامل عن باقي مناطق الضفة خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، لعرقلة وصول المواطنين الفلسطينيين من المزارعين والعمال.
تقيم قوات الاحتلال حاجزي "الحمرا"، و"تياسير" على مداخل الأغوار، لاستخدامها في سياسة الإغلاق التي درجت على تطبيقها، للحيلولة دون وصول منتجات الأغوار إلى الأسواق الفلسطينية.
تحتوي منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرا، والأغوار الوسطى على 68 بئرا، أما الأغوار الشمالية فتحتوي على 10 آبار، 60% منها آبار حُفِرَت قبل 1967، ولم يجر تجديدها نظرا للعراقيل الإسرائيلية، حيث يعمل 111 بئرا فيما لا يعمل 58 بئرا منها.
وتظهر دراسة أعدها مركز عبد الله الحوراني، بعنوان "الأغوار الشمالية بين مطرقة الاحتلال وسندان عصابات المستوطنين، تعطيش الأغوار.. جريمة ضد الإنسانية" أن معدل استهلاك المستوطن القاطن في الأغوار الشمالية يبلغ 8 أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني.
وتشير الدراسة إلى أن دولة الاحتلال تسيطر على 85% من مياه الأغوار الشمالية فيما يتحكم الفلسطينيون بـ15% المتبقية، ولا تسمح سلطات الاحتلال بإعطاء تراخيص لحفر آبار من قبل الفلسطينيين مهما كان عمقها، بينما تقوم شركة "ميكروت" موزع المياه الإسرائيلي بحفر الآبار التي يصل بعضها إلى عمق 100 متر، بغية تزويد المستوطنات والمزارع التابعة لها بالمياه طوال العام، وأدت هذه السياسة إلى تجفيف عشرات الآبار والينابيع المنتشرة في المنطقة بفعل هذه الآبار العميقة.
هَجّر الاحتلال ما يزيد عن 50 ألفا من سكان الأغوار منذ عام 1967، إضافة إلى تجمعات سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، مثل تهجير أهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.
ووفق "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة "بتسيلم"، فإن إسرائيل تفرض على الفلسطينيين البقاء ضمن بلداتهم التي ضاقت عليهم وتمنع منعا شبه تامّ البناء الفلسطيني في المناطق المصنّفة "ج"، كما ترفض سلطات الاحتلال على نحو شامل تقريبا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء- منازل أو مبان زراعية أو مبان عامّة أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة.
وما بين 2006 و2017، هدمت سلطات الاحتلال 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها 2948 فلسطينيا بينهم على الأقلّ 1334 قاصرا، وأن 783 من الفلسطينيين الذين هُدمت منازلهم (آوَتْ 386 قاصرًا) ألمّت بهم محنة هدم منزلهم مرّتين على الأقلّ.
وهدمت سلطات الاحتلال منذ بداية 2012 وحتى نهاية سبتمبر 2017 على الأقلّ 806 مبانٍ لغير أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة.
بدأ الاستيطان الإسرائيلي في الأغوار مبكرا، وذلك لأسباب أمنية بالدرجة الأولى، ثم تحولت فيما بعد إلى سياسية واقتصادية، وتسارع مباشرة بعد حرب 1967، بسبب موقعها على امتداد أطول جبهة عربية لفرض الأمر الواقع، وفي محاولة لرسم الحدود الشرقية لدولة الاحتلال واعتبارها حدا فاصلا مع العرب، ووضع لتطبيق ذلك معظم النظريات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية.
يوجد في الأغوار 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية، فيها نحو 9500 مستوطن، وتسيطر المستوطنات على ما نسبته 12% من أراضي منطقة الأغوار.
المشاريع والمحاور التي وضعت للاستيطان في طوباس والأغوار بشكل عام:
أولا: مشروع آلون
وقوع المنطقة بمحاذاة الحدود الشرقية لفلسطين، جعلها محط أنظار الاحتلال ومفكريه؛ فمنذ الأيام الأولى للاحتلال، وضعت إسرائيل استراتيجيتها الأمنية والسياسية، على اعتبار أن نهر الأردن هو الحد الشرقي المحتمل لإسرائيل، ولا يمكن التخلي عنه على أي حال من الأحوال، مع أن الحد التوراتي يخالف ذلك.
هذه النظرية كانت بحاجة إلى تدعيم عملي وطريقة لفرض الأمر الواقع، وفي هذا السياق جاء مشروع الوزير يغئال آلون في حكومة ليفي إشكول مشروعًا استيطانيًا، وخطة سياسية، حملت اسمه منذ 26/6/6719، أي بعد أيام فقط من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، تحت عنوان "مستقبل المناطق، وطرق علاج موضوع اللاجئين" وهي الوثيقة الأولى التي وضعت من أجل إجمال تصور خطة عمل اتخذت الحكومة الإسرائيلية منها قرارًا لمعالجة الوضع الناشئ عن حرب يونيو 1967.
وعليه فإن أهم ما تضمنه مشروع آلون: 
-يكون نهر الأردن والخط الذي يقطع البحر الميت من النصف حدود إسرائيل من الشرق
-من أجل الحفاظ على الأمن وسلامة إسرائيل وبشكل استراتيجي، يتم ضم المناطق التالية:
أ- قطاع بعرض 10-15 كم على طول غور الأردن، من سهل بيسان شمالًا، وحتى شمال البحر الميت، مع تقليص عدد السكان العرب في هذا القطاع (تهجير)، لهذا هجر ما لا يقل عن 12 ألف نسمة من الفلسطينيين في هذه المنطقة.
ب- تقام في المناطق التي ستضمها إسرائيل مستوطنات، وتبنى قواعد عسكرية محددة، حسب الاحتياجات الأمنية لإسرائيل.
بعد أيام من انتهاء الحرب بدأ يغئال آلون بوضع تصور حول بداية عملية الاستيطان، والتي شكلت نقطة انطلاق مركزية لمشروعه الشهير، هذا المشروع الذي أصبحت نصوصه مثل النصوص "التوراتية" التي يهتدي بها كل الساسة الإسرائيليين والحكومات الإسرائيلية، فالقطاع الآمن في منطقة الأغوار، تبنته جميع الحكومات الإسرائيلية، منذ أن وضع في عام 1968.