الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عبدالباسط عبدالصمد.. صوت من السماء

عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط عبد الصمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل، اليوم السبت، الذكرى الـ31 على رحيل الحنجرة الذهبية وأحد عمالقة قارئي القرآن عبر التاريخ الإسلامي الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، في 30 من نوفمبر، والذي نال ألقابًا عدة وعرفته دول العالم بـ"الحنجرة الذهبية، صوت مكة، سفير القرآن، ومزمار القرآن".

ولد القارئ عبدالباسط محمد عبدالصمد، في قرية المراعزة التابعة لمدينة ومركز أرمنت بمحافظة قنا عام 1927، وترعرع في أسرة كان ربها الشيخ محمد عبدالصمد والذي كان أحد المجودين المجيدين للقرآن الكريم حفظا وتجويدا، ليتوارث عنه نجله الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد جمال الصوت وحب القرآن الكريم.

التحق الطفل عبدالباسط بكتاب الشيخ الأمير بأرمنت عام 1943، وأتم القرآن في سن العاشرة، ثم التحق بالمعهد الدينى بأرمنت فتعلم القراءات وعلوم القرآن ونال اهتمام شيخه العالم الأزهرى محمد سليم حمادة الذي رأى فيه كافة المؤهلات التي تجعله من أفضل قارئى القرآن الكريم.

لم يكن الشيخ ليتجاوز الخامسة عشرة حتى أصبح يدعى إلى إحياء الحفلات والسهرات القرآنية بمفرده دون شيخه، وكان أول ما تقاضاه 3 جنيهات في أول حفل قرأ فيه في عمر الـ14 عامًا.

تأثر الشيخ عبد الباسط بالشيخ محمد رفعت، وقال عنه: "كنت أمشى مسافات طويلة جدا قد تصل إلى 5 كيلومترات لأستمع إلى القرآن بصوت الشيخ رفعت من خلال جهاز الراديو الوحيد الموجود عند أحد أثرياء البلدة"، وكان أول نقيب لقراء مصر عام 1984.

في نهاية عام 1951 تقدم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد إلى الإذاعة كقارئ للقرآن، وكان التسجيل الذي تقدم به الشيخ عبدالباسط هو تلاوته للقرآن الكريم في المولد الزينبي فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن، وتم اعتماد الشيخ عبدالباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها.

أقام الشيخ رحمه الله في القاهرة حيث سكن بحي السيدة زينب بشكل دائم مع أسرته بعدما حقق شهرة واسعة، فكان ينصت المصريون له ويستمعون إليه بشغف من خلال إذاعة القرآن الكريم.

حصل الشيخ على لقب "صوت مكة" حينما سافر إلى الأراضي المقدسة عام 1952، وطلب منه تسجيلات خاصة من الحرم المكي.

ويعتبر الشيخ عبدالباسط القارئ الوحيد الذي نال من التكريم حظًا لم يحصل عليه أحد كما نال هذا القدر من الشهرة والمنزلة، التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان ونال قدرا من الحب جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين.

وتجلى ذلك في استقبال شعوب دول العالم له استقبالًا رسميًا على المستوى القيادي والحكومي والشعبي، حيث استقبله رئيس باكستان في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة، وفي جاكرتا بدولة اندونيسيا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمساحة كيلو متر مربع تقريبًا فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليه وقوفًا على الأقدام حتى مطلع الفجر.

وفي جنوب أفريقيا عندما علم المسئولون بوصوله أرسلوا إليه فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتلفاز لإجراء لقاءات معهُ ولمعرفة رأيه عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظره؟

من بين الدول التي زارها الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامهُ أحد الأغنياء المسلمين هناك، حيث فوجئ الشيخ - رحمه الله- أثناء وجوده في الهند بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثرًا بهذا الموقف الخاشع.

كان تكريمه حيًا عام 1956 عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق، ووسام الأرز من لبنان، والوسام الذهبي من ماليزيا، ووسام من السنغال، وآخر من المغرب، وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في احتفال ليلة القدر عام 1987م.

توفي "مزمار القرآن"، يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988، بعد صراع طويل مع مرض السكر تزامنا مع إصابته بالكسل الكبدي وأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيله بشهر واحد فقط ليرحل عن عالمنا في جنازة مهيبة حضرها كافة سفراء الدول العربية والإسلامية وأمراء وملوك ورؤساء عدد من دول العالم، تاركا خلفه إرثا عظيما من تلاوات متنوعة للقرآن الكريم.