السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الدكتور أيمن سلامة خبير القانون الدولي لـ«البوابة نيوز»: القيادة السياسية تدير أزمة سد النهضة بذكاء شديد.. بوادر تغير في الموقف الإثيوبي لصالح مصر والسودان.. اتفاقية إعلان المبادئ تعتبر معاهدة دولية

الدكتور أيمن سلامة
الدكتور أيمن سلامة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور أيمن سلامة خبير حفظ السلام وأستاذ القانون الدولي، وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن هناك بوادر في تغير الموقف الإثيوبى في أزمة سد النهضة من ناحية الخلافات الفنية.
وأوضح في حواره لـ«البوابة نيوز» أن الخلاف الآن بين مصر وإثيوبيا والسودان ينحصر في المسائل الفنية المهمة مثل محددات الملء الأول للسد، والملء المعتاد له، وتصريف المياه وتشغيله.
كما تحدث سلامة عن بعض المفاهيم والمصطلحات القانونية المغلوطة التى أربكت شريحة عريضة من المصريين في الآونة الأخيرة، وما المنتظر من الوساطة الأمريكية.. وإلى نص الحوار.
■ لماذا لم يتم النص على النقاط الخلافية البارزة بين الدول الثلاث في اتفاقية عام ٢٠١٥؟
الخلافات بين الدول الثلاث، تنحصر في المسائل الفنية، ونظرًا لأن الدول الثلاث في النص لم تنص على هذه القواعد الفنية في الاتفاقية، كان لزاما على مصر حتى تضمن حقوقها المائية المكتسبة ومصالح شعبها العليا، أن تبرم هذه الاتفاقية العامة، بعد أن كانت إثيوبيا قد بدأت بالفعل بناء السد، منذ أبريل ٢٠١١.
■ ما توصيف اتفاقية إعلان المبادئ في قانون المعاملات الدولية؟
- تعد اتفاقية إطارية عامة لا تتضمن القواعد التفصيلية، لكن تتضمن المبادئ العامة، وبالرغم من إلزامية هذه الاتفاقية الإطارية فإنه يلزم لاحقا أن تبرم الدول بروتوكولات أو اتفاقات فنية تتضمن القواعد التفصيلية التى تفسر المبادئ العامة والواردة في الاتفاقية.
■ البعض يقول إن هذه الاتفاقية تنازل عن حقوق مصر في مياه النيل.. ما رد القانونى على هؤلاء؟
- هؤلاء لم يقرأوا الاتفاقية، والقاعدة الدولية تنص على أنه لا يبنى أى مشروع مائى على نهر دولي، دون اتفاقية دولية بين الدول المشاطئة له، فاتفاقية إعلان المبادئ ليست بدعة مصرية، وكافة الدول، المشاطئة لأنهار الدول كما الحال في نهرى (الأنزوس) و(ميكونج)، في آسيا، ونهر (زمبيرى) في أفريقيا، وأنهار أخرى دولية في أوروبا وأمريكا اللاتينية، لا يتم تشغيل أى مشروع مائى سواء (سدود أو مفاعلات كهربائية أو أهوسة)، إلا بعد إبرام اتفاقية دولية متعددة الأطراف تحدد حقوق والتزامات كل الدول المشاطئة.
نصوص إعلان المبادئ، صريحة قاطعة ولا تتضمن أى بنود سرية، وينص أحد البنود على أن إثيوبيا لا تستطيع أن تقوم بملء السد أو تشغيله، إلا بعد الاتفاق مع مصر والسودان، على قواعد الملء والتشغيل، بعد انتهاء اللجان الفنية من إعدادها. 
في ذات الوقت، تنص الاتفاقية على العناصر المختلفة للانتفاع المنصف والمعقول بمياه النيل الأزرق الثلاث، وهى ذات المحددات المنصوص عليها باتفاقية الأمم المتحدة، بالانتفاع المشترك لمياه المجارى الدولية في غير أغراض الملاحة، وهى الاتفاقية التى ترفض إثيوبيا الانضمام إليها، ومن ثم فذلك يعد أحد الضمانات المهمة، لمصر للانتفاع بمياه النيل الأزرق بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي.
■ لكن البعض اعترض عليها وطالبوا بسحب التوقيع من الاتفاقية ردًا على حالات الانسداد الأخيرة؟
- الاتفاقية الثلاثية وقعت في ٢٣ مارس ٢٠١٥، ملزمة للأطراف ولا تحتاج أية إجراءات دستورية لاحقة، أو أى تصديق من الهيئات الدستورية الداخلية المنوط بها التصديق على المعاهدات الدولية.
في حالة سحب التوقيع سيتم بناء السد وتشغليه، وستتهم مصر بقطع المفاوضات، فلا سبيل أمامنا إلا استنفاد السبل السلمية، في تسوية النزاعات مع أثيوبيا والسودان، حول المسائل الفنية العالقة، وذلك عن طريق إما المفاوضات (الوسيلة الأسرع والأفضل في التسوية)، أو الوساطة.
■ في رأيك هل تقوم الولايات المتحدة والبنك الدولى بأى دور بعد اجتماع واشنطن الأخير؟
- إطلاقا، لا يوجد حتى هذه اللحظة وسيط دولي، أو طرف ثالث، ودورهما ينحصر فيما يسمى «التيسير أو التسهيل»، من أجل تسريع وتيرة جهود الدول الثلاث لإبرام البروتوكولات الفنية، التى لم توقع مارس عام ٢٠١٥، خاصة أن البنك الدولي، بوصفه الوكالة الدولية المتخصصة، لمنظمة الأمم المتحدة، ذات الخبرة الفنية المتميزة لقضايا تمويل وبناء وتسوية الخلافات حول السدود المشيدة على الأنهار الدولية، يستطيع عن طريق «المساعدة الفنية»، أن يشير الأطراف الثلاثة، بما يراه من مشورة فنية غير إلزامية عليه، بوصفه مراقبا أو مساعدا فنيا لأطراف النزاع.
■ هل يمكن أن تخالف نصوص اتفاقية إعلان المبادئ الاتفاقات المرتقب إبرامها الدول الثلاثة برعاية أمريكا والبنك الدولى للإنشاء والتعمير؟
- إطلاقا، إعلان المبادئ يعتبر الاتفاقية الأم، لأية بروتوكولات أو اتفاقات مرتقب إبرامها، فمن ثم لا يجوز أن يخالف الفرع الأصل، فالدول الثلاث وفى مراقبة البنك الدولى والتعمير، ووزارة الخزانة الأمريكية، ستضع اتفاقية عام ٢٠١٥ نصب أعينها ولن يوقع أى بند مخالف لها، وذلك يدحض بعض المزاعم التى تروج بأن الاتفاقية لا تعدو إعلان مبادئ وغير ملزمة. فالاتفاقية ليست إعلانا للنوايا، هى معاهدة دولية تتطبق بشأنها كافة المبادئ الواردة في اتفاقية فينيا لقانون المعاهدات الدولية عام ١٩٦٩.
■ ما الإنجاز الذى حققته مصر؟
- ما حققته مصر في الفترة الأخيرة، إنجاز كبير لم تحققه منذ عدة سنوات في هذه الأزمة، بوجود مراقبين دوليين محايدين وأجمع الأطراف الثلاثة على قبولهم، بمراقبة مشاوراتهم الفنية ومفاوضاتهم السياسية. نجاح مصر في أن تجعل إثيوبيا والسودان، يقبلان رعاية البنك الدولى للإنشاء والتعمير، ومراقبته لمشاوراتهما ومفاوضاتهما الجارية، يعتبر إنجازا مهما، حيث سيحدث هذا التطور انفراجه في الانسداد الذى حدث مرتين اثنتين للمفاوضات.
■ ما رؤيتك للمفاوضات والمشاورات الجارية الآن؟
في رأيى أنه في خلال المهلة الزمنية التى حددت منتصف يناير، وفق البيان المشترك الذى صدر من واشنطن في شهر نوفمبر، أتوقع أن يتغير الموقف الإثيوبى المتعلق بالمسائل الفنية الخلافية، حول عدد سنوات الملء في فترات الندرة والوفرة، لمياه النيل الأزرق، بما يضمن الأمن المائى والحقوق المائية لمصر، بوصفها دول المصب، والسودان دولة المرور، أيضا الربط بين تشغيل سد «النهضة» في إثيوبيا وسد «الروصيرص» في السودان، و«السد العالى» في مصر، فالظروف وسياق المفاوضات والمشاورات بين الدول الثلاثة أصبحت مختلفة بعد مراقبة وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولى للإنشاء والتعمير مؤخرًا.
■ ماذا إذا أخفقت المفاوضات التى ترعاها أمريكا والبنك الدولي؟
هنا يكون البديل السريع والناجز، طبقا للبند العاشر من اتفاقية إعلان المبادئ لسد النهضة، هو إحالة الأمر إلى رؤساء الدول الثلاث، وستكون هذه الإحالة هى المرة الثانية بعد الانسداد الأول الذى حدث منذ عامين ونصف، أما اللجوء للتوفيق وهو إحدى الآليات المنصوص عليها في البند العاشر أيضا، فيعنى أن تقوم أطراف النزاع بتقديم التنازلات للجنة التوفيق المزمع إنشاؤها، وفى نهاية المطاف التوفيق يعد وسيلة غير إلزامية، لتسوية النزاعات بين الدول.
■ إذن ما دور البنك الدولى كجهة مختصة في تسوية هذه النزاعات؟
- دور كل من البنك الدولى للإنشاء والتعمير، ووزارة الخزانة الأمريكية هو الوساطة الدولية وهذه أيضا وسيلة إلزامية لتسوية النزاعات، ولكن مراقبة هيئتين معنيتين، للمشاورات والمفاوضات وبإجماع الدول الثلاث فالطرف الذى اعتاد على تعطيل التوصل لإبرام البروتوكولات الفنية، لن يستطيع أن يعاود الكرة ثانية، في رأيى أن كل الأزمة فيما يتعلق بسد النهضة هو غياب الوسيط الدولى القادر على وضع حلول للمهاترات الحالية من جانب أديس ابابا 
■ متى تكون الوساطة إلزامية؟
- الإلزامية ثلاثة أمور إما بالقضاء الدولى أو التحكيم الدولي، أو تعهد أطراف النزاع مسبقا بالإذعان لمقترح الوسيط، وهذه ليست موجودة في أزمة سد النهضة.
■ هل الفترة الزمنية الطويلة أمر معتاد في مثل هذه النزاعات؟
- المفاوضات بدأت منذ ٨ سنوات، في أبريل ٢٠١١، مرورا بتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ، والمرحلة الراهنة، هى الأصعب والأهم، باعتبار أن المشاورات والمفاوضات لا تنصب على مساءلة فنية واحدة، فضلا عن الاضطرابات الداخلية التى وقعت في كل من إثيوبيا والسودان، والتى عطلت أيضا وتيرة المفاوضات، لذلك في مثل هذه الحالات تلجأ الدول التى أبرمت اتفاقيات إطارية عامة مماثلة، إلى المساعدة الفنية من الهيئات المتخصصة كى تقوم بإسداء النصح والمشورة من أجل تسريع وتيرة المشاورات والمفاوضات، ولذلك يبدو لغير المتخصصين، أو المراقبين لاتفاقيات مماثلة لا يدركون حقيقة الظروف والسياقات، التى تحيط بسير المشاورات والمفاوضات الحاصلة بين الدول الثلاث.
■ يرى البعض أن السودان ليس وسيطا محايدا وبلا ردود أفعال قوية في هذه الأزمة رغم أنه سيتأثر من بناء السد؟
هذا غير صحيح بالمرة، السودان طرف في النزاع، ولديه تحفظات على السلوك الإثيوبي. 
■ ماذا تقصد؟ 
ـ الكلام واضح، السودان طرف أصيل في النزاع ولديها تحفظات كثيرة على النهج الإثيوبي، الذى أراه يراوغ ويصر على نزع فتيل آخر للأزمة كلما هدأت. 
■ ما توقعاتك؟ 
أثق في القيادة السياسية، وأرى أن النظام المصرى يدير الأزمة حاليا بهدوء مع ذكاء شديدين.