السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فيلم السهرة| "الغول" يعرض بموافقة استثنائية من وزير الثقافة

مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان فيلم "الغول" أول بطولة تراجيدية يقدمها الزعيم عادل إمام، الذى اقترن اسمه سنوات طويلة سابقة بالأدوار الكوميدية فقط، لكنه وقتها فاجأ الجميع بفيلم جاد يُناقش قضية اجتماعية سياسية طازجة في حينها، حيث يتحدث عن مجتمع الانفتاح وسلبياته، والذي قدّمه في مواجهة وحش الشاشة الراحل فريد شوقي، واعتبره كثيرون نقطة تحول كبيرة في مسار الزعيم الفني.
تدور أحداث الفيلم، الذى كتب له السيناريو والحوار وحيد حامد -والذى شارك بعد ذلك مع عادل إمام في تقديم العديد من الأعمال الجادة والمهمة خلال التسعينيات- وأخرجه سمير سيف، حول قضية قتل عمد لأحد الموسيقيين وإصابة راقصة بحادث سيارة الجانى فيها ابن أحد كبار رجال الأعمال البارزين مع الانفتاح، والذى حاول بكل طرقه وأساليبه الملتوية إسقاط التهمة عن ابنه وحفظ القضية ضد مجهول، إلا أن صحفى تصادف أن يكون شاهدًا للحادث، أصر على أن تأخذ القضية مجراها الطبيعى أمام القضاء.
قرر الصحفي الوقوف ضد محاولات رجل الأعمال الكبير والتصدى له، لكنه لم يستطيع الصمود أمام هذا الغول وتياره الجارف بمفرده، فيصاب باليأس والإحباط والشعور بعدم جدوى الحياة بعد براءة القاتل، فيقرر تنفيذ حكم الإعدام في الغول نيابة عن المجتمع عبر قتله بالساطور.
لفت وحيد حامد، على لسان بطله عادل إمام، الذى لعب دور الصحفى، إلى أغرب قانون أرضى عرفته البشرية وهو قانون ساكسونيا، والذى وضعه حاكم المقاطعة الألمانية التى تحمل الاسم نفسه في القرن الخامس عشر الميلادى، والذى ينص على معاقبة المجرم من طبقة عامة الشعب، حيث يطبق عليه الحكم بقطع رقبته، بينما المجرم من طبقة النبلاء تقطع رقبة ظله، حيث يؤتى بالنبيل المجرم قبيل مغرب الشمس حين يستظل الظل، فيقف المجرم النبيل ممشوق القامة ترتسم على وجهه الابتسامة التى يسخر فيها من الجلاد الذى يجز بفأسه رقبة الظل؛ وقد كانت طبقة النبلاء تنظر لعامة الشعب باعتبارهم من الرعاع والأغبياء الذين يهللون بالعادلة والمساواة حينما يقطع السياف رقبة الظل للنبيل المجرم.
جاءت الكثير من الجمل الحوارية بالفيلم مُعبرة بصدق عن مساوئ المجتمع الجديد في ذلك الوقت، وتأثير ذلك على العلاقات الاجتماعية والأخلاقية، ورأى كثيرون وقتها أن مشهد قتل الغول كان جريئًا إلى حد كبير، فبعد أن ضُرب الغول على رأسه تراجع إلى الخلف متأثرًا بالضربة التى قضت عليه وصرخ «مش معقول.. مش معقول»، واعتبروه إسقاطًا على حادث المنصة الشهير واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. 
عند إتمام الفيلم وعرضه على الرقابة لإيجازه، رأت لجنة من الرقابة أنه "يُعادى نظام الحكم ومؤسساته القضائية، ويتهم صُناعه بعض أجهزة الدولة بالتواطؤ مع الرأسمالية ضد مصالح الشعب، ويشجع الثورة الدموية ضد أصحاب رؤوس الأموال"؛ كما أكدت اللجنة أن هذه المعانى "من شأنها التأثير بطريقة سيئة على عقول الشباب وتزعزع ثقتها في القضاء وغيره من أجهزة الدولة، كما تضمن المصنف بعض المشاهد والأحداث التى تبدو وكأنها نوع من المتاجرة ببعض الأحداث المحلية المتعاقبة والجارية على النحو الذى يصبغه بطابع سياسى على جانب كبير من الخطورة"، وبناء على هذا التقرير تم منع عرض الفيلم داخل مصر وخارجها؛ لكن في عرض خاص في قاعة النيل حضره عدد كبير من الكتاب والنقاد والسينمائيين، رأى الحضور أن الرقابة افترضت إسقاطات بعيدة عما جاء في الفيلم؛ لذا، لم يُعرض الفيلم إلا بعد موافقة استثنائية من وزير الثقافة آنذاك محمد عبدالحميد رضوان، وكان عرضه الأول في يونيو 1983.