الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مصر زمان.. كيف كان يستقبل المصريون الحجاج؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحكي المستشرق والإنثروبولوجي البريطاني "إدوارد وليم لاين" خلال كتابه "المصريين المحدثين وتقاليدهم" والذي رصد فيه حياة المصريين وعاداتهم وتقاليدهم خلال مطلع القرن التاسع عشر، وبالتحديد في الفترة بين " 1833 وحتى 1835". 
إدوار لاين" انتقل إلى مصر في منتصف العشرية الثانية من القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1825، حيث عكف على دراسة اللغة العربية، وطبائع الشعب المصري، فارتدي الزِّي التقليدي المصري، وتعلم اللغة العربية والدين الإسلامي، وأحكام الشريعة.
ومع تطور الزمن ووسائل الانتقال أصبح الحجاج يعودون إلى مصر بعد انتهاء أيام عيد الأضحى مباشرة، كما شهدت مراسم استقبال الحجاج اختلافًا كبيرًا بين الأمس واليوم، ففي القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين، كانت مواكب الحجاج تجوب الصحراء لتصل إلى مشارف القاهرة. 
وعن استقبال قوافل الحجاج يرصد لاين قائلًا: "تصل قافلة الحجاج المصريين العائدة من مكة إلى القاهرة في شهر "صفر"، "صفر هو ثاني شهور التقويم الهجري" ويُعرف هذا الشهر عامة "بنزلة الحج"، وقد يصل بعض الحجاج العائدين عن طريق البحر الأحمر، قبل القافلة نفسها، كما تصل قافلة الحجاج التجار بشكل متأخر عن طاقم الحجاج، ويسبق "شاويش الحج" القافلة بأربعة أو خمسة أيام بصحبة إعرابيين على ظهور الجمال القوافل ليعلن قرب وصول الحجاج، ونهار وصولهم إلى العاصمة وليحضر رسائلهم إلى أصدقائهم، ويجوب مع زميله الشوارع منادين: "بارك على الرسول" أو "بارك الرسول"، فيجيب كل مسلم يسمع نداءهم: "اللهم بارك عليه" ويتوجهون إلى القلعة مباشرة لنقل الخبر إلى الباشا أو ممثلة، ويقوم الشاويش بفرو رسائله رُزمًا باستثناء تلك الموجهة إلى الأغنياء ورفيعي المقام، ويسلم الشاويش شخصيًا الرُزم إلى أصحابها الأغنياء فيحصل على الهدايا منهم". 
ويتابع لاين: "ويخرج بعض الأشخاص في رحلة تستمر يومين أو ثلاثة أيام للقاء أصدقائهم الحجاج حاملين معهم الفاكهة الطازجة وغيرها من المأكولات والثياب إلى الحجاج، ولا يبتعد أبناء الطبقات الدنيا كثيرًا عن "بركة الحج" الواقعة على بعد حد عشر ميلًا من العاصمة وعن المكان الذي تمر فيه القافلة في الليلة الأخيرة قبل دخولها العاصمه؛ وقد يكتفى بعضهم بالتوجه إلى المحطة الأخيرة للقافلة، ويأخذون معهم عادة بعض الكماليات البسيطة من طعام أو بغل صغير وهو البديل الرائع لجمل الحاج المُجهد " بالإضافة إلى بعض الثياب النظيفة الجديدة". 
ويصطحب بعضهم فرقة موسيقية لتكريم أصدقائهم القادمين، حيث ينطلق الناس بطبولهم بيباتهم عند دنو قافلة الحجاج للترحيب بالعائدين من مناسك الحج ومواكبتهم إلى المدينة، وقد تتحول في بعض الأحيان الأفراح إلى أطراح وذلك بسبب الرحلة الشاقة، التي تكون عسيرة على بعض الحجاج العائدين الذين يقضون نحبهم في الصحراء حيث لا يستطيعون تأمين لوازم علاجهم الضرورية" 
كما يواكب المارون الحجاج العائدين بالدعاء التالي:" صلوا ليُغفر لي"، فيرد الحجاج متمتمين الدعاء القصير التالي "الله يسامحك" أو "الله يسامحه".
بالإضافة إلى ذهاب البعض في مسيرة يومين أو ثلاثة ليستقبلوا الحجاج بالثياب النظيفة والدواب، فيقوم المصريون بتزيين مداخل منازل العائد من الحج قبل نحو ثلاثة أيام من وصول الحاج، حيث يلونون الباب والجارة باللونين الأحمر والأبيض، وإن كانت الحجارة من الآجر فتزين بالطريقة عينها بخطوط أفقية عريشه من اللونين الأحمر والأبيض، كما يقومون بصبغ الأشجار والجمال باللون الأخضر أو الأسود أو الأحمر.
وكانت القاهرة تشهد في صباح اليوم التالي لوصول القسم الأكبر من الحجاج احتفالًا آخر، ويكمن هذا الاحتفال في عودة المحمل الذي يُحمل في موكب من "الحصوة" إلى القلعة ولا يكون الموكب مرتبًا دائمًا ترتيبًا واحدًا، والمحمل هو عبارة عن مربع خشبي ذات قمة هرمية الشكل وغطاء من القماش المقصب باللون الأسود نُقشت عليه كتابات كثيرة ومزين بتطريز ذهبي في بعض أجزائه فوق أرضية من الحرير الأخضر والأحمر مع هُداب حريري بدوره تدلت منه شرابات علقت إليها كرات فضية، ولا يكون الغطاء مصنوعًا دائمًا بهذا الشكل في زينته، ففي بعض الأحيان يكون الغطاء عليه منظرًا للكعبة مشغولًا بالذهب في الجزء العلوي، من واجهته الأمامية، وقد جُعل فوقها رمز السلطان، وهو لا يضم سوى مصحفين، أحدهما في درج، وثانيهما في كتاب صغير، وقد وضع المصحفان في غلاف فضي براق معلق خارجًا في أعلاه، كما أن الكرات الخمس ذات الهلال التي تزين المحمل مصنوعة من الفضة البراقة، ويوضع المحمل على ظهر جمل طويل يُعفى باقي حياته من أي عمل شاق.