السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خطورة الشائعات والتلاعب بأفكارنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ظل الأحداث والأخبار المتصارعة فى المنطقة العربية، والتى نتعامل معها بغفلة وبلادة نحسد عليها!! لفت انتباهى الثلاثاء الماضى خبر منقول عن «سكاى نيوز»، بعنوان «مصر بالمركز الأول عالميًا فى تداول الأخبار المفبركة على الإنترنت».. وقد جاء الخبر وفقًا لاستطلاع رأى دولى جرى بين 21 ديسمبر 2018 و10 فبراير 2019، ونقلته «فرانس برس»، وأعده «مركز ابتكار الحوكمة الدولية»، من خلال إجراء مقابلات شخصية أو عبر الإنترنت.. ويفيد أن 86% من مستخدمى الإنترنت قد وقعوا ضحية أخبار مضللة على الشبكة الإلكترونية، معظمها منتشر على صفحات موقع «فيسبوك»، إلى جانب اليوتيوب وتويتر والمدونات.. وبيّنت نتائج الاستطلاع أن المستخدمين فى مصر كانوا الأكثر سهولة فى التعرض للخداع، بينما المشاركون فى باكستان كانوا الأكثر تشككًا.. واللافت للنظر أيضا ما نشر فى نفس الخبر حول تحميل الولايات المتحدة حصة الأسد من المسئولية فى نشر الأخبار المضللة، تليها روسيا ثم الصين، وذلك وفق استطلاع «إيبسوس» السنوى الذى يشارك فيه 25 ألف مستخدم للإنترنت فى 25 بلدا.. وهو ما يشير لمدى خطورة الشائعات وتوظيفها السياسى لخدمة الدول والكيانات الكبرى، فى حين يتم استخدامنا والتلاعب بأفكارنا ومعلوماتنا لخدمة مصالحهم!!
وكشفت نتائج الاستطلاعات أيضًا عن توسّع الشعور بانعدام الثقة بشركات مواقع التواصل الاجتماعي، وتعاظم القلق بشأن الخصوصية والتحيّزات المعدّة سلفًا، والتى تعنى قيام شركات الإنترنت بإعطاء أفضلية لمنشور على حساب آخر.. ورغم وجود بعض التحفظات على استطلاعات الرأى بشكل عام، إلا أنها تعطينا مؤشرات حول الموضوعات التى تتناولها.. ولا شك أن المناخ فى مصر خصب لانتشار الشائعات، فى ظل تراجع الوعى المجتمعى، وغياب المعلومات، واهتزاز الثقة فى بعض المصادر الحكومية، وعدم مهنية الكثيرين ممن يعملون فى المجالات الإعلامية، وهو ما أدى لزيادة الشائعات وسرعة انتشارها، ولا ننس فضيحة الشائعة التى تداولتها الكثير من البرامج والصحف (القومية والخاصة) منذ شهور، عن أحد المرشحين لمنصب وزارى، ونسب إليه سيرة ذاتية «مفبركة»، واتضح أن الاسم المطروح لرجل متوفى منذ سنوات، أراد ابنه أن يختبر فكرة انتشار الشائعة، ليتفاجأ بأنها انتشرت على أوسع نطاق، وأصبح اسم والده يتردد فى كل وسائل الإعلام الرسمية والخاصة!!.. وهو ما يؤكد الطريقة الهزلية لاستقاء الناس لمعلوماتهم، بما فيهم بعض «قادة الرأى»!!.. والغريب أنه مع انتشار الشائعات بهذا الشكل، واهتمام الناس بتداولها، إلا أنه فى ظل الحالة العبثية التى تعيشها المنطقة العربية، ووصولنا للمراحل النهائية من تنفيذ مخططات إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وما يتردد حول صفقة القرن، إلا أن الشعوب العربية تعانى من تغييب كامل!!.. وأبرز دليل على ذلك هى الموضوعات الأكثر بحثا على مواقع الإنترنت المختلفة فى الدول العربية، والتى ترتكز حول المشاهير والمباريات والمسلسلات والأخبار التافهة!! وكأننا فى عالم آخر!! بل إن أحد مواقع الإنترنت، المتخصصة فى رصد محركات البحث فى المواقع الإباحية، نشرت تقريرًا عن أكثر 10 دول فى العالم، مشاهدة للأفلام الإباحية، وكان النصيب الأكبر بكل أسف للدول الإسلامية، ومن ضمنهم باكستان، مصر، المغرب، السعودية، تركيا، الفلبين!!.. فبينما تتفنن الشعوب العربية والإسلامية فى هدر الدقائق والساعات، أو يتنازعون على المباريات، تسرق أوطاننا من بين أيادينا!!.. ونرى العديد من البلدان العربية تنهار، وتتشرد الأسر ويقتل الرجال وتباع النساء سبايا، وتتفكك الأمة وتمحى دول من على الخريطة!!.. وقد قرأت منذ فترة عن واقعة حدثت فى نيودلهى عاﺻﻤﺔ الهند، ولكنها تكشف كيف يفكر الغرب، وكيف يسوقون الشعوب إلى حيث يريدون وهم مغيبون!!.. فبينما كان ﺳﻔﻴﺮ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻳﻤﺮ ﺑﺴﻴﺎﺭﺗﻪ ﻣﻊ ﻗﻨﺼﻞ ﻣﻤﻠﻜته، ﺭﺃﻯ ﺷﺎﺑًﺎ ﻫﻨﺪﻳًﺎ ﺟﺎﻣﻌﻴًﺎ ﻳﺮﻛﻞ ﺑﻘﺮﺓ برجله، ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺳﺎﺋﻘﻪ بأن ﻳﺘﻮﻗﻒ، ﻭاتجه السفير مسرعًا ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ «ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ»، ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ذلك ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺻﺎﺭﺧﺎ فى ﻭﺟﻬﻪ، ﻭﻳﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻃﻠﺒﺎ للصفح ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ، ﻭﺳﻂ ﺩﻫﺸﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ وﺫﻫﻮﻝ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ.. ثم اﻏﺘﺴﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﺒﻮﻝ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻭﻣﺴﺢ ﺑﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ إﻻ ﺃﻥ سجدوا ﺗﻘﺪﻳﺮﺍ للبقرة التى ﺳﺠﺪ لها ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ.. ثم بعد ذلك أحضرﻮﺍ اﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺭكل البقرة ﻟﻴﺴﺤﻘﻮﻩ أﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ اﻧﺘﻘﺎﻣﺎ ﻟﻘﺪسية ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ﻭﺭﻓﻌﺔ ﺟﻼﻟﻬﺎ، وعاد السفير الى سيارته بملابسه المبللة ﺑﺒﻮﻝ البقرة، وجلس ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻘﻨﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ كان مندهشًا وﺑﺎﺩﺭﻩ باﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻫﻞ بالفعل ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮ؟! فأجابه ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ: «بأن قيام ﺍﻟﺸﺎﺏ بركل البقرة يعد ﺻﺤﻮﺓ للعقول، ﻭﺭﻛله ﻟﻠﻌﻘﻴﺪﺓ الهشة، ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ أن تستمر، ﻭﻟﻮ ﺳﻤﺤﻨﺎ ﻟﻠﻬﻨﻮﺩ ﺑﺮﻛﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ، ﻟﺘﻘﺪﻣﺖ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺇﻟﻰ الأمام، ﺣﻴﻨئذ ﺳﻨﺨﺴﺮ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻓﻮﺍﺟﺒﻨﺎ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻫﻨﺎ، أﻥ ﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺑﺪﺍ، ﻷﻧﻨﺎ ندﺭﻙ أﻥ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ والتعصب الدينى والمذهبى ﻭﺳﻔﺎﻫﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ، ﻫﻲ ﺟﻴﻮﺷﻨﺎ التى نعتمد عليها فى ﺗﺴﺨﻴﺮ ﺍلمجتمعات».. هكذا يتعاملون معنا، ويدعمون تغييب عقولنا، ويتفننون فى إلهائنا، فيتلاعبون بمصائرنا، ويسرقون أوطاننا والشعوب العربية فى غفلتهم يعمهون!!