السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا لا تثقون في قدرة المرأة العربية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك تطور ملحوظ لدور المرأة فى الوطن العربى، وخاصة فى المجتمع الخليجى شديد التحفظ، فمع كل زيارة للمملكة العربية السعودية، أجد عددًا أكبر من الفتيات يعملن بكفاءة واقتدار وفى كل الميادين. ومع التعديلات الدستورية الأخيرة فى مصر، وتحديد نسبة ٢٥٪ من مقاعد البرلمان للمرأة، تكون المرأة العربية قد حققت نجاحًا غير مسبوق فى المشاركة فى بناء المجتمع.
ومع وصف بعض المستشرقين فى الغرب مثل برنارد لويس للمجتمعات العربية بأنها مجتمعات مشلولة، لأنها تعطل دور المرأة فى خدمة المجتمع، تذكرت نفسى منذ أكثر من ٢٠ سنة، عندما ذهبت إلى إنجلترا فى سنة ١٩٩٧، وكانت عندى مشكلة فى تعاملاتى مع المرأة بصفة عامة، بالرغم من أن تخصصى هو أمراض النساء والتوليد!
فمن ناحيتهم، كان هناك تخوف وتوجس من طبيب شاب عربى مسلم، وكانت الصورة النمطية أن العرب لا يحترمون المرأة، وكان عندى أنا أيضًا تخوف من أن المرأة الإنجليزية متحررة وجريئة أكثر من اللازم.
وكان نتيجة هذا التباين فى وجهات النظر، أن تجنبت الخروج والاندماج معهم، وتجنبوا هم أيضًا التحدث معى فى غير مقتضيات العمل، إلى أن لاحظ أستاذ مصرى أننى لا أشارك مع الزملاء فى أى نشاط خارج إطار العمل، وأن علاقاتى محدودة جدًا، وأصر على دعوتى للخروج معهم فى عطلة نهاية الأسبوع. ولقد حاولت بكل الطرق أن أعتذر لكنه أصر على اصطحابى معهم إلى سهرة فى حديقة واسعة خارج المدينة.
وكانت المفاجأة أن التعامل خارج العمل مختلف تمامًا عن التعامل داخله. كانت الزميلات فى منتهى الاحترام والبساطة والجمال، ولأول مرة تسألنى زميلة إذا كنت أفضل شرابًا معينًا لكى تحضره لى، وأجبت بأننى لا أشرب الكحوليات، وقالت ولا أنا، وذهبت وأحضرت لنا عصير برتقال. وظل الحال كذلك إلى أن انتهت دراستى، احترام كامل للحريات وعدم التدخل فى الأمور الشخصية.
ومن خلال الاندماج فى الحياة اليومية، اكتشفت أن المرأة الإنجليزية مثلها مثل الرجل تمامًا، فهى تقوم بنفس الأعمال وتتقلد جميع الوظائف، وأن لها إرادة وشخصية وحرية كاملة، وأنها شريك كامل فى كل مجالات الحياة، وأنها بحق نصف المجتمع.
ومع مرور الأيام، ذاب الجليد، وأصبحت لى ولزوجتى ولأولادى صداقات مع الكثير من الأسر الإنجليزية، ودارت بيننا نقاشات مطولة عن المرأة والدين والحياة، وكان السؤال الأصعب من جانبهم؛ لماذا لا تثقون فى قدرة المرأة العربية؟
أعتقد الآن أن وضع المرأة العربية أفضل بكثير عما كان عليه من ٢٠ سنة ماضية.