رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كنوز باقية| عبده الحامولي.. حكاية ألمظ وساكنة بك

كنوز باقية|
كنوز باقية|
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشكل المقتنيات الخاصة بالجماعة الفنية، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إرثا فنيا ضخما، نظرا لما يحفظه من تاريخ يمثل حركة وتطور الفنون المسرحية والموسيقية والغنائية بشكل كبير.
تعلق الفنان عبده الحامولى منذ نعومة أظافره بالغناء، فتغنى التواشيح والقدود وأغانى الصحبجية، وما شبه ذلك من الأغانى التركية، ثم أخذ نجمه يتلألأ ويتألق فى سماء الفن، حتى بلغ من الشهرة ما لا غاية بعده، حتى نال الخصوصية عند الخديو إسماعيل، استخدم مجموعة من المقامات الفنية التى لم تكن موجودة فى مصر فى تلك الحقبة وهى الحجاز كار، النهاوند، الكرد، والعجم، كما عرف عنه رقيه فى اختيار الكلمات.
تعاون مع كبار الشعراء من بينهم محمود سامى البارودي، إسماعيل صبرى باشا، الشيخ عبدالرحمن قراعة، عائشة التيمورية وغيرهم، طالب مجموعة من الشعراء والمثقفين بترجمة مجموعة متنوعة من الأغانى التركية إلى العربية، ويعد من بين الذين أسهموا فى فترة كانت القاهرة منارة أدبية وفنية وثقافية بكل معنى الكلمة فقد كانت تنضج آنذاك بكثير من الحركات الفكرية والاجتماعية والسياسية.
ارتبط اسم عبده الحامولى بالمطربة «ساكنه بك» أم كلثوم القرن التاسع عشر، وأول مطربة مصرية فى العصر الحديث فى أسرة محمد على باشا، وهى حنجرة من الجنة زينها سحر «بلال» ولن يجود مانح المواهب مثله وإن مضت السنون والأجيال، ذاع صيتها الفنى وأصبحت مطربة عصر عباس الأول فى ١٨٤٨، حيث بلغت العلا فى عهد سعيد باشا فى ١٨٥٤، وكان يهيم حبا بها، وكانت تقضى أقصى أوقاتها فى قصوره، وأصبحت العلاقة بينهم قوية، كان يتردد على منزلها الذى منحه لها وقد منحه له محمد على باشا، ولكى يستمع إلى أغانيها، حتى لقبها بـ «ساكنه بك»، وأعجب بغنائها الأتراك أيضا، استمرت فى تمتعها بالشهرة والمجد الفني، حتى ظهرت «سكينة» التى تغنت بفرقتها وهى تتمتع بصوت عزب ورنان وأطلق عليها الجميع اسم «ألمظ» لجمال صوتها، ذاع صيتها ووصلت شهرتها إلى قصور الحكام وأعجب بغنائها الكثير، حتى تزوجت من عبده الحامولى فى ١٨٦٣، وقدما ثنائيا ناجحا.
كان فريد عصره ومن أجمل الأصوات، ويعد أول من لحن القصيدة التقليدية وهى «أراك عصى الدمع» لأبى فراس الحمداني، وقد امتدح صوته كبار الأدباء والشعراء الذين سمعوه، قال عنه الأديب الشيخ عبدالعزيز البشري: «إنه واحد من كبار أساطين الغناء المصرى والعربى فى عصره»، لأنه مرهف الذوق فى السماع وتمييز الأصوات، قدم مجموعة من الأعمال الغنائية من أبرزها «الله يصون دولة حسنك»، «كأدنى الهوى»، «متع حياتك بالأحباب»، «أنت فريد فى الحسن»، «كنت فين والحب فين»، «أنا قلبى عليك»، دور «من قبل ما أهوى الجمال» كلمات أحمد عاشور، ألحان إبراهيم القباني، دور «يا قلب مالك والهوى»، دور «فى البعد يا ما» وغيرها من الأغاني. 
انضم إلى فرقة الشيخ أبوخليل القبانى المسرحية، وقدم موسما ناجحا فى الفرقة، وفى أواخر ١٨٨٤ تقدم بطلب هو والشيخ القبانى إلى ناظر الأشغال، وذلك بشأن التمثيل والغناء فى دار الأوبرا، وبالفعل تمت الموافقة على ذلك القرار فى يناير ١٨٨٥، وقدم مجموعة من الأعمال الغنائية الناجحة، وهذا ما شجعه أيضا بطلب آخر بتكفل الحكومة سعر الإضاءة أسوة بالأجانب، ورغم أن تراثه الغنائى ينتمى إلى القرن التاسع عشر إلا أن تأثيره كان قويا على كل مطربى العقدين الأولين فى القرن العشرين أمثال صالح عبدالحي، يوسف المنيلاوي، عبدالحى حلمي، سلامة حجازي.
طبعت فرقة الموسيقى العربية، الذى أنشأها عبدالحليم نويرة فى ١٩٦٧، بعد وفاة الحامولى بما يقرب نحو السبعين عاما ألحانه وأغانيه من جديد على أسطوانات حتى لاقت قبولا كبيرا من قبل الجماهير.