الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"المخدرات والجماعات الإرهابية".. تركيبة الموت في أفريقيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التنظيمات الإرهابية تلجأ إلى الكوكايين والحشيش لتمويل عملياتها
غرب القارة البوابة الرسمية للتهريب
مليار دولار قيمة الاتجار بالبشر سنويًا.. والجماعات تستولى على 70% منها
«بن لادن» أباح بيع الأفيون للأجانب فى أفغانستان.. و10 ملايين دولار أرباح «بوكو حرام» سنويًا
بلمختار أول الإرهابيين المشاركين فى التهريب وبدأ بالسجائر
مستر «مارلبورو» اسمه الرسمى لدى أجهزة الاستخبارات الدولية والإقليمية


تحولت أفريقيا خلال السنوات الماضية إلى مركز أساسى لعديد من التنظيمات الإرهابية التى دومًا ما تبحث عن البيئة المناسبة لتنفيذ نشاطاتها، خاصة مع تنامى خطر ظاهرة الإرهاب عالميًا. ومثلت الظروف المحيطة بالقارة دافعًا رئيسيًا لتلك التنظيمات؛ حيث ساعد غياب الأمن وضعف القيادة السياسية فى دول القارة السمراء على جعلها مقصدًا لتلك التنظيمات سعيا لبسط نفوذها، وهو ما ساعدها أيضًا على تحقيق نجاحات ملحوظة مستغلة ثرواتها المختلفة وكانت عمليات الإتجار المخدرات وتجارة البشر من أهم الاستراتيجيات المستخدمة فى التمويل؛ حيث تعتمد نسبة كبيرة من الجماعات الإرهابية المسلحة ماليًا ولوجستيًا على التدفقات الناتجة عن الاقتصاد غير المشروع كالإتجار بالمخدرات، وهو ما جعل من القارة السمراء سوقًا كبيرة للإتجار فى الكوكايين والهيروين والمخدرات الاصطناعية.


حيث تحولت منطقة غرب أفريقيا إلى إحدى أهم مناطق عبور الكوكايين والهيروين والمخدرات الاصطناعية، وكذلك منطقة لإنتاج الحشيش ما يعرضها لكثير من التهديدات ذات عواقب أمنية واقتصادية واجتماعية سلبية، وهو ما يضغط على سير العملية السياسية ويقوض ثقة الشعب فى القيادة الحاكمة والقانون، ويزيد من حدة الضعف الهيكلى فى المنطقة ويعد عائقًا أمام تحقيق التنمية فى أفريقيا.
فى إطار سعى الجماعات الإرهابية إلى النطاق الجغرافى الذى يحقق أقصى فائدة، نالت أفريقيا الجزء الأكبر من وجود الجماعات الإرهابية، حيث نشأ بها ٦٤ منظمة وجماعة إرهابية، وينتشر معظمها من أقصى الساحل الأفريقى غربًا إلى أقصى الساحل الأفريقى شرقًا.
وعلى ذلك برزت التحديات الإرهابية بشكل خاص فى منطقة غرب أفريقيا، وساهم فى تنامى هذه الظاهرة العديد من العوامل، منها الفقر الشديد التى تتميز به وسوء عملية استغلال الموارد، فمثلًا تحتوى غرب أفريقيا على ٣٢٪ من إجمالى احتياطى الغاز الطبيعى هناك، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة الحروب والانقلابات وعمليات التطهير العرقى وهشاشة القيادة السياسية، وانعدام الأمن والاستقرار، وزيادة نشاط الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بالإضافة إلى تلك العوامل إلا أن يكللها انتشار الأفكار المتطرفة الإسلامية (جماعة بوكو حرام) والمسيحية (جيش الرب للمقاومة فى شمال غرب أوغندا)، على حد سواء، ما جعل من اليسير لأى منظمة إجرامية أو إرهابية أن تفرض قانونها.
والمتتبع لتاريخ الإرهاب فى منطقة الساحل الأفريقى يجده نشأ أولًا فى الجزائر عام ١٩٩١ ثم انتقل إلى السودان ليعود مجددًا إلى جنوب الجزائر ومنطقة الساحل، التى أصبحت اليوم من أكبر البؤر للجهاديين فى أفريقيا، وشهدت بلدان غرب أفريقيا مثل النيجر ونيجيريا ومالى وموريتانيا تصعيدًا من جانب الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وجماعة التوحيد والجهاد؛ حيث قامت بتنفيذ العديد من الهجمات بنجاح خاصة تلك العابرة للحدود أو الهجوم على الأهداف الدولية، وأيضًا تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى الذى يعمل على نطاق واسع فى منطقة الصحراء والساحل، وأنشطة حركة الدعوة والجهاد فى غرب أفريقيا (MUJAO)، وأنصار الدين المتمركزين فى شمال مالى، بالإضافة إلى ما تقوم به حركتا بوكو حرام و«أنصارو» فى شمال نيجيريا، هذا فضلًا عن خلايا إرهابية نائمة وشبكات أخرى. وتعتبر منطقة غرب أفريقيا المعبر الرئيسى لتهريب الكوكايين من أمريكا الجنوبية الذى يمر عبر غرب أفريقيا إلى أوروبا، وتشكل غينيا النقطة الرئيسية لإعادة الشحن؛ حيث استخدمتها عصابات المخدرات فى أمريكا الجنوبية كمحور لسنوات عديدة لتهريب كميات هائلة من الكوكايين إلى أوروبا، ويمتد ما يسمى «الطريق الجنوبي» من أفغانستان وباكستان عبر إيران، خلال المحيط الهندى إلى شرق أفريقيا فى طريقه إلى أسواق المستهلكين فى أوروبا وأمريكا الشمالية، وتبحر بعض الشحنات جنوبًا مثل موزمبيق وجنوب أفريقيا فى طريقها إلى مراكز العبور فى شرق أفريقيا. ويستفيد الجماعات الإرهابية من هذا الطريق الدائر فيما يتعلق بالبنية التحتية المادية والاتصالات فى جنوب أفريقيا، وكذلك شبكات الاتجار بالمخدرات من تجنب اكتشافها. وهذا يتيح لهم الوصول إلى أنظمة التوزيع عبر شرق أفريقيا. ولذلك اعتمد نشاط الجماعات الإرهابية فى المنطقة على الإتجار بالمخدرات - كمصدر أساسى للتمويل - حيث النطاق الجغرافى الواسع بما يشمله من كثافة بشرية والسلع والمال. كما تشكل المخدرات القاعدة المالية للمجموعات المسلحة، وأصبح شمال مالى حلقة الوصل لأنشطة التهريب سواء للمخدرات أو المسلحين لدول الشمال الأفريقى وتهريب المخدرات وتزويد السفن بالنفط المسروق والقرصنة والاتجار بالأسلحة.
أبرز الجماعات
ترتكز أهم الجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل الأفريقى والمقدر عددها بـ٥ جماعات إرهابية بالغة العنف، ولديها صلات بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، ويأتى فى مقدمتهم:


جماعة بوكو حرام
نشأت جماعة «بوكو حرام» عام ٢٠٠٢ فى مدينة «مايدوجوري» فى نيجيريا. وهى من أكثر التنظيمات تطرفا معتمدة على النفوذ القبلى، كانت تسمى فى البداية «جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد»، وكانت تعلن أن انتشار التعليم الغربى ضرر يجب ردعه وتمثلت نشاطاتها فى داخل نيجيريا وخارجها؛ حيث خلقت مدى جغرافيًا كبيرًا يساعدها على الانتشار، وتمكنت من توفير السلاح اللازم لتنفيذ عملياتها، وتعتبر قبائل الهوسا المتمركزة شمالًا على الحدود مع النيجر المعقل الرئيسى لبوكو حرام، وتمثل خطرًا كبيرًا على أفريقيا خاصة بعد إعلان مبايعتها لداعش. وتُقَدِّر وزارة الخزانة الأمريكيّة إيرادات جماعة «بوكو حرام» بعشرة ملايين دولار سنويًّا وفق التقرير السنوى لوزارة الخارجيَّة الأمريكيَّة حول الإرهاب عام ٢٠١٦، وتأتى معظم هذه الإيرادات من أعمال خطف أجانب أو مواطنين محليين أثرياء، واحتجازهم حتى يتم دفع الفديَّة المطلوبة، ثمّ إطلاق سراحهم بعد ذلك، ومن أبرز هذه العمليّات قيام «بوكو حرام» باختطاف رجل أعمال نيجيرى، وإطلاق سراحه بعد دفع فديَّة مقدارها مليون دولار، وفى عمليَّة أخرى اختُطِفَت أسرة فرنسيَّة من شمال الكاميرون، ولم يتم إطلاق سراح أفراد الأسرة المُكَوّنة من سبعة أفراد، إلا بعد دفع الفديَّة المطلوبة، ومقدارها ثلاثة ملايين دولار فى فبراير ٢٠١٣، وتعمل شبكات «بوكو حرام» فى الكثير من الأنشطة الإجراميّة فى أفريقيا، وعلى رأسها عمليّات تهريب المُخَدِّرات، وأهمها الكوكايين.
شباب المجاهدين فى الصومال
ظهرت فى أوائل عام ٢٠٠٤، بعد أن انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية، الذى هُزم أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة، ومن حيث التوجه الأيدولوجى فهى تدين لتنظيم القاعدة حيث تشن حرب عصابات وتستهدف مؤسسات الدولة، يترواح عدد أعضائها بين ٣٠٠٠ و٧٠٠٠ عضو، يتلقون تدريبات فى إريتريا يكتسبون خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات. وكان مختار بلمختار الملقب بـبلعور أول من شارك من الإرهابيين فى التهريب بداية من السجائر حتى بات يعرف فى الصحراء بـ«مستر مارلبورو» وتطور عمله بالاتفاق مع زعماء التهريب ورعاية أجهزة استخبارات دولية وإقليمية لتهريب المخدرات اعتمادا على فتوى بن لادن بـ«جواز بيع السم للكافرين» حتى أصبحت المخدرات منذ ٢٠١١ تمول صناعة الإرهاب والحرب الأهلية والجريمة المنظمة فى ليبيا وموريتانيا وسيراليون وغينيا كوناكرى وليبيريا وساحل العاج ومالى والنيجر وتشاد ودارفور، خصوصًا أن هذه الدول إما فاشلة مثل ليبيا أو تشتهر بانعدام الأمن وهشاشة جيوش بلدان جنوب الصحراء.


القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى
يعد التنظيم امتدادًا للجماعة السَّلفيَّة للدّعوة والقتال (GSPC) التى انشقت عن الجماعة الإسلاميَّة المُسَلَّحة (GIA) فى عام ١٩٩٧، ثم أعلنت الجماعة فى ٢٠٠٦ انتماءها رسميًا لتنظيم القاعدة وفى يناير ٢٠٠٧ أصبحت تدعى بـ«تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي» ومنذ ذلك صارت المصدر الأول للدعم اللوجستى لغيرها من الجهاديين والجماعات الإرهابية النائمة التى تعمل فى غرب أفريقيا، وحافظ التنظيم فى الوقت ذاته على علاقاته مع الجماعات الإجرامية المنظمة.
وأوضحت أن هدفها المقصود هو نشر الجهاد فى غرب أفريقيا وتشمل نشاطات القاعدة بالمغرب الإسلامى والخلايا النائمة التابعة لها فى غرب أفريقيا اختطاف وقتل السياح الغربيين والجنود وكذلك الهجمات على أهداف حكومية وحواجز أمنية وبعثات دبلوماسية أجنبية وتعتمد فى تمويلها على خطف الرهائن بالإضافة إلى تجارة المخدرات.
وبرز الاهتمام بتمويل الإرهاب، عن طريق عائدات تهريب المُخَدِّرات كمعضلة رئيسيَّة منذ أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، بعد تحوّل أفغانستان خلال عقد التسعينيّات، ووقوعها تحت حكم حركة طالبان، إلى مركز عالمى لإنتاج نبات الأفيون المُخَدِّر، ووجد تنظيم القاعدة بقيادة «أسامة بن لادن» حينها فى أفغانستان ملاذًا آمنًا للتخطيط لأعمال إرهابيَّة، وتحويل أفغانستان إلى دولة راعيَّة للمُخَدِّرات والإرهاب، لذلك أضحت فروع التَّنظيم فى مناطق متفرقة تنتهج نفس الهدف. وفى أفريقيا أصبح التداخل بين الجريمة المُنَظَّمَة والإرهاب قويًّا، لدرجة دفعت بعض المحللين إلى القول بتحوّل تنظيم القاعدة من مُمَارسة الإجرام؛ بهدف تمويل الإرهاب، إلى اتخاذ الإرهاب غطاءً لمُمارسة الجريمة؛ من أجل جنى المال؛ لذلك يجد تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلاميّ، فى شبكات المُخَدِّرات وباروناتها، حليفًا حيويًّا لتوفير التمويل اللازم، لا سيَّما فى ظل سياسة تجفيف منابع تمويل الإرهاب؛ إذ أصبح الاتّجار بالمُخَدِّرات مصدرًا رئيسيًّا للمال.
حركة أنصار الدين
نشأت على يد «إياد غالي» وهو من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الايفوغاس الطوارقية التى قادت التمرد المسلح ضد القوات المالية فى بداية تسعينات القرن الماضى، وأعلنت التمرد على الحكومة المركزية فى باماكو مدعوما بقبائل الطوارق، وأطلق على جماعته «أنصار الدين» ورفع راية القاعدة السوداء مطالبًا بتطبيق الشريعة الإسلامية وإعلان الحرب على الحكومة المالية والجيش الفرنسى الذى تدخل لوقف التمرد ضد الحكومة.



حركة الجهاد والتوحيد فى غرب أفريقيا
ظهرت الحركة إثر انشقاق قادتها على تنظيم القاعدة، وأسسوا كتائب خاصة بالمقاتلين من أبناء القبائل العربية فى أزواد بمالى، أسوة بسرية «الأنصار»، فى تنظيم القاعدة التى تضم المقاتلين الطوارق، وأعلنت الحركة أول بيان لها فى أكتوبر ٢٠١١، وتوصف بأنها الجماعة الإرهابيَّة المُسَلَّحة الأكثر عنفا فى شمال مالى.
أنصار المسلمين فى السودان
أضاف صعود جماعة أنصار المسلمين فى بلاد السودان «أنصارو» لفترة قصيرة بعدًا آخر إلى مشهد الإرهاب الذى انتشر فى غرب أفريقيا. وتأسست فى ٢٠١٢ فى شمال نيجيريا.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
أعلنت أربع جماعات متطرفة تنشط فى منطقة الساحل الأفريقى فى مارس ٢٠١٧، اندماجها فى كيان تنظيمى واحد، أُطلق عليه اسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة إياد غالى، وهذه الكيانات الأربعة هي: المرابطون، وأنصار الدين، وكتائب ماسينا، وجماعة إمارة منطقة الصحراء، التى تضم ثلاث كتائب أساسية، هي: الملثمون، وطارق بن زياد، والفرقان، وقد التقى قادة الحركات الإرهابية المتحالفة معا على منصة واحدة، لإعلان تشكيل الجماعة الجديدة وذراعها الإعلامية التى أطلقت عليه مسمى «الزلاقة». وأعلنت مبايعتها لتنظيم القاعدة، وساعد فى ظهورها تراجع تنظيم داعش فى سوريا والعراق، ما جعل هذه الكيانات تُدرك التداعيات السلبية المحتملة لإمكانية تغلغل داعش داخل أفريقيا.
آليات واستراتيجيات الجماعات الإرهابية
بلغ نشاط الجماعات الإرهابية درجة كبيرة من التنوع والانتشار على المستوى الحركى والفكرى والتنظيمى، حيث استطاعت ضم أعداد كبيرة وتحولت إلى كيانات أشبه بالدول تتوفر بها القيادة والتنظيم والتمويل والشبكات الإعلامية مستخدمة فى ذلك عددًا من الاستراتيجيات كمحرك مثل، توظيف النفوذ القبلي: سعت الجماعات الإرهابية المتمركزة فى دول أفريقيا إلى استخدام العنصر القبلى لصالح أهدافها من أجل تحقيق مساحات للتحرك خاصة مع القبائل التى تسيطر على منافذ التهريب والموارد الطبيعية لتوفير مساحات للتحرك تساعد على انتشارها وأيضا مزيد من الدعم المالى.
الى جانب تعزيز العلاقات مع جماعات الجريمة المنظمة، حيث يمثل التعاون مع جماعات الجريمة المنظمة أبرز سمات الظاهرة الإرهابية فى أفريقيا؛ حيث سعت الجماعات الإرهابية فى أفريقيا إلى تكوين وتقوية علاقاتها مع جماعات الجريمة المنظمة مثل الجماعات النشطة فى جرائم الإتجار بالبشر، والمخدرات، وتهريب السلاح، لأجل تحقيق الضمان المالى اللازم لعملياتها مثل الطّوارق فى مالى، والروابط بين حركة «بوكو حرام» وقبائل «الهوسا».
بالإضافة إلى تسبب تدويل بعض الأزمات الأفريقية إلى سوء الأوضاع فى بعض الدول ما خلق بيئة خصبة لنمو الخلايا الإرهابية مثل فى ليبيا، بعد سقوط نظام القذافى وتدخل حلف الناتو تحولت إلى سوق لتجارة للسلاح وتنامت الخلايا الإرهابية العابرة للحدود، حيث امتد أثرها إلى تشاد والنيجر.
كما أضاف توفير إمدادات بشريّة، فى الآونة الأخيرة أصبحت أفريقيا مصدر رئيسى للقوة البشرية، حيث تزايد عدد المقاتلين إلى جانب داعش من دول أفريقيا، وبذلك شكلت أفريقيا وجهة أساسية للتنظيم للحصول على العدد اللازم من خلال عمليات الإتجار بالبشر.
وتأتى مصادر التمويل من المنابع رئيسية، منها الإتجار بالبشر أو الهجرة غير الشرعية التى قدرت عائداتها السنوية بمليار دولار أمريكى، تستولى تلك الجماعات على ٥٠-٧٠٪ منها.
وأيضًا تهريب المخدرات القادمة من دول أمريكا اللاتينية إلى أوروبا، حيث يمر ١٠٪ من الكوكايين المهرب إلى أوروبا عبر هذه المنطقة، وتدر متوسطً يقدر بمليار و٣٢٨ مليون دولار أمريكى سنويًا يذهب منها ١٤٪ إلى التنظيمات الإرهابية التى تسيطر على ممرات التهريب بالمنطقة. إلى جانب اختطاف رهائن غربيين والمطالبة بدفع فدية للإفراج عنهم، وقدرت عائدات اختطاف الرهائن بـ٥٠ مليون دولار فى السنة.


سبل المواجهة والتوصيات
فى محاولة لمواجهة التمركز الإرهابى فى أفريقيا كانت هناك بعض المبادرات الساعية لتقويض تلك التنظيمات مثل تدخل فرنسا فى مالى فى ٢٠١٢ للتصدى لحركة أنصار الدين، وتسعى فرنسا ودول غرب أفريقيا إلى إنشاء قوة إقليمية جديدة تعمل جنبًا إلى جنب. وفى نفس السياق؛ دعت الجزائر على لسان وزير الشؤون الخارجية «عبدالقادر مساهل» إلى ضرورة تزويد أفريقيا باستراتيجية متكاملة لمكافحة تمويل الإرهاب من خلال وتحديثًا لاقتصادات وتشجيع الشفافية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفسر سبب تدهور الأوضاع فى أفريقيا نتيجة التعاون بين الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وتنوعت المبادرات الرامية إلى مواجهة تحالف الجماعات الإرهابية، وكان أبرزها عام ٢٠١٤ مجموعة G٥ بشراكة خمس دول أفريقيا، هى (بوركينافاسو، وتشاد، ومالى، وموريتانيا، والنيجر) واتجهت المجموعة لتعزيز جهودها الأمنية من خلال تكوين قوات مجموعة G٥ فى الساحل لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والإتجار فى البشر.
وأسست الولايات المتحدة الأمريكية مبادرتين الأولى: مبادرة «الشراكة لمكافحة الإرهاب عبر الصحراء (TSCTP)، فى عام ٢٠٠٥، وتضم من الشركاء كلًّا من (الجزائر، وبوركينا فاسو، والكاميرون، وتشاد، ومالى، وموريتانيا، والمغرب، ونيجيريا، والنيجر، والسنغال، وتونس).
والمبادرة الثانية: «الشراكة لمكافحة الإرهاب فى إقليم شرق أفريقيا» (PREACT)، وأُسِّسَت فى عام ٢٠٠٩، بتمويل من الولايات المُتَّحِدَة أيضًا، وتضم (جيبوتى، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وبوروندى، وجزر القمر، ورواندا، وسيشيل، وجنوب السودان، والسودان).
وتواجه المبادرات الإقليمية الهادفة لمكافحة مصادر تمويل الإرهاب بعض المعضلات التى تتمثل فى افتقاد الإرادة السياسية لدى بعض قادة الدول الأفريقية، ونقص التمويل، كما أنها تتنافس مع مُبَادَرَات أخرى نابعة من السياق الأفريقي؛ ما يؤدى إلى تضارب الجهود، كما فى التنافس بين مبادرتى الساحل الأفريقى، ودول الميدان.
إن التحديات كثيرة، كما أن جهود المنظمات الدولية، والأمم المتحدة على وجه الخصوص، لها دور مهم فى معالجة مشكلة المخدرات. أولًا، هم مسئولون عن مراعاة البعد الكامل للمشكلة فى البحث عن حلول سياسية دائمة للصراعات. فإن مكافحة الاتجار بالمخدرات فى المنطقة هى أيضًا وسيلة لدعم تنفيذ اتفاق السلام. كما يُنظر إلى الحرب على الإرهاب على أنها فرصة لإنشاء «دول قوية». كما أن المساهمة المالية فى التنمية الاقتصادية وإنهاء معاناة السكان الأفارقة هى فى المقام الأول مسئولية بقية العالم. الاضطرابات الاجتماعية التى تشكل أرضًا خصبة للإرهاب، مثل النزاعات الحقيقية بين المجتمعات المسيحية والإسلامية فى العديد من البلدان الأفريقية، من نيجيريا إلى السودان تفتقد الكثير من الاهتمام.