السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بلطجة ترامب وانتفاضة العرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن أفرط فى التفاؤل فأقول إن العرب أعدوا العدة لمواجهة القرارات الفردية للرئيس الأمريكي، وسوف يتجلى ذلك فى القمة العربية التى تنعقد اليوم (الأحد) بتونس، ولن أفرط فى اليأس فأقول إن العرب رضخوا لبلطجة ترامب، وتركوه يعيد تقسيم المنطقة، ليعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، سأكون فى المنطقة الوسطى، منطقة الأمل، لأنها أقرب نقطة إلى التفاؤل، وإذا كان المنطق يقول إن الواقع العربى لا أمل فى اجتياز مرارته..فالأمل لا علاقة له بالمنطق، والحياة بدونه أكثر مرارة.
ثمة مشاهد تجعلنى متمسكًا بالوقوف فى منطقة الأمل، قد يراها البعض عاجزة، وأراها تحريكا لمياه عربية راكدة، وقطرات صغيرة قد تصنع جدولًا، توالت تلك المشاهد طوال الأسبوع الماضي، بدأها قادة مصر والأردن والعراق؛ حيث جاءت مخرجات قمتهم متضمنة رفض التفريط فى الحقوق الفلسطينية، ودعم حصول الشعب الفلسطينى على جميع حقوقه وإقامة دولته، وتبع ذلك المشهد بيانات صدرت عن الدول الثلاث تتضمن رفضًا لقرار الرئيس الأمريكى بضم الجولان إلى السيادة الإسرائيلية.
أما المشهد الثانى؛ فكان فى المملكة الأردنية الهاشمية، وهو من جزءين، الأول.. كان فى البرلمان؛ حيث ثار رئيس البرلمان عاطف الطراونة فى وجه النائب محمد هديب، عندما أعلن الأخير أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الفلسطينية تحتضر، وأن تسعين فى المئة من صفقة القرن تمت، وما تبقى يتمثل فى المبالغ النقدية التى سيتم دفعها، وخاطب هديب الشعب الفلسطينى قائلًا: لن يكون أحدًا معكم، وللأقصى رب يحميه، وهو ما دفع الطراونة لإتهامه بالعنصرية، وأنه (هديب) مدسوس لبث الفتنة، وأن لغته مريضة، ويتنصل من نيابته، وطالب المجلس بتشكيل لجنة للتحقيق معه، وأكد الطراونة أن موقف الأردن من القضية الفلسطينية ثابت، ولن يتغير، وأن الوصاية على المقدسات ستظل هاشمية أردنية عربية، وعندما رفض هديب سحب كلمته.. ثار نواب البرلمان، واشتبك بعضهم بالأيدى مع هديب، ولم تهدأ القاعة إلا بطرده من الجلسة.
أما الجزء الثانى من المشهد الأردني.. فكان بطله الملك عبدالله، الذى تراجع عن زيارته لرومانيا الأسبوع الماضى، بعد موافقتها على قرار الرئيس الأمريكى الخاص بالقدس، وفى اجتماعه مع قادة الجيش، أكد الملك أن القدس ومستقبل فلسطين خط أحمر، وأنه كهاشمى لن يتراجع عن حقوق دولته والفلسطينيين الخاصة بالمقدسات، ورفض كل ما يتردد عن توطين الفلسطينيين فى غير أرضهم، وقال إن من يسعون لزرع الشك بيننا يريدون النيل منا.
أما المشهد الثالث.. فكان فى المملكة العربية السعودية؛ حيث مؤتمر رؤساء البرلمانات الخليجية الذى عقد بمدينة جدة الخميس الماضي، وقد توقفت أمام كلمة مرزوق على الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتى - وطالما استوقفتنى كلماته - فقد وجه التحية لدول مجلس التعاون الست، التى اتخذت موقفًا موحدًا برفضها لقرار الرئيس الأمريكى الخاص بالجولان، وأعرب عن أمله فى اتخاذ خطوات إيجابية بالتنسيق مع الأشقاء العرب، ولم ينف الغانم وجود مشاكل بين دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها فى طريقها إلى الحل، وأن بوادر إنهاء الأزمة صارت ملموسة، وقد أكدتها مشاركة دول مجلس التعاون الست فى المؤتمر.
المشهد الخامس كان فى مجلس الأمن، حيث استوقفتنى كلمة بشار الجعفرى مندوب سوريا، لتزيد من مساحة الأمل بداخلي؛ حيث لقن مندوبو أمريكا وإسرائيل وألمانيا وبريطانيا درسًا لن ينسوه، ثم عرج إلى الأمم المتحدة ليضعها فى مواجهة مع الرئيس الأمريكى، الذى ناله من الجعفرى ما لم ينله من رئيس كوريا الشمالية، ورغم الجرح الغائر فى الجسد السوري.. إلا أن الجعفرى هدد أمريكا وإسرائيل باستخدام القوة لإسترداد الجولان، فغدًا تتعافى سوريا، والبقاء على نفس الحال هو أمر محال.
هذه المشاهد العربية المتعلقة بقرارات الرئيس الأمريكى الخاصة بالقدس والجولان.. تحرك المياه الراكدة وتبث الأمل من جديد فى نفوس الشعوب العربية، خاصة عندما تترجم إلى مواقف فى القمة العربية اليوم، والتى نتمناها مختلفة عن سابقاتها، ولن تكون كذلك إلا إذا تخطت الشجب والتنديد لتصل إلى التهديد، وهناك آليات عربية كثيرة لتهديد ترامب والضغط عليه لوقف بلطجته.