السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بعد مائة عام على ثورة 1919.. نساء لا يردن الكوتا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن إنكار دور المرأة المصرية فى المشاركة السياسية الفعالة. المرأة فى مصر قدمت رأيها وناضلت من أجل حقوقها ومن أجل استقلال وسلامة بلادها طوال تاريخها، وهى تقدم الابن والأخ والزوج من أجل محاربة الإرهاب فداءً للوطن بشجاعة وبطولة. كان للنساء المصريات مشاركة سياسية منظمة منذ ثورة ١٩١٩م إذ استشهد منهن ست شهيدات كريمات، وظهرت تلك المشاركة فى تجلٍ كريم حين أسست هدى شعراوى الاتحاد النسائى الذى طالب بحقوق النساء عام ١٩٢٣م، ليظهر فى العام نفسه قانون انتخاب يحرم المصريات من حق التصويت فيخرجن يوم افتتاح البرلمان معترضات، ثم ينصفهن دستور ١٩٥٦م بعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م الذى نص على المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، بما فيها حق المرأة فى التصويت والترشح للانتخابات.
استخدمت المرأة حقوقها فى العام التالى فوجدنا نسبة طيبة من المشاركة التصويتية ووجدنا المرأة فى البرلمان المصري، وعُينت د. حكمت أبوزيد أول وزيرة فى الحكومة المصرية. 
تابعت المرأة المصرية بعد ذلك نشاطها الإيجابى الفعال فى كل الانتخابات البرلمانية والاستفتاءات بتواجد ملحوظ مشرف فنجد على سبيل المثال شاركت المرأة فى الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٠٥ م بنسبة ٣٣٪ وفى الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٢م مثلت مشاركة المرأة ٥٠٪ ثم فى الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٤م التى مثلت أول انتخابات رئاسية بعد ثورة ٣٠ يونيو- التى شاركت فيها المرأة مشاركة كبرى- بلغت مشاركة المرأة نسبة ٧٠٪ من إجمالى المشاركة فى تلك الانتخابات، وفى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضربت المرأة المصرية مثلًا رائعًا فى المشاركة الواعية الكثيفة للتصويت الانتخابى فى مظهر حضارى أقبلت فيه المصريات فى خارج مصر على صناديق التصويت بشكل مشرف.
يكتمل مرور مائة عام على ثورة ١٩١٩م فى ١٦ مارس تحديدًا، ونجد أصواتًا تنادى بتحديد «كوتا» للمرأة فى الأجهزة الرسمية التى تمثل وجودها فى الحياة بكل أشكالها، وهو أمر يتنافى، لدى الكثيرين، مع ما ناضلت له المرأة، إذ لا يمكن تصور امرأة تطالب بحقوقها من أجل الوصول الآمن لمنصب من المناصب دون منافسة مع نظرائها من الرجال قبل النساء، إذ ناضلت النساء طويلًا من أجل المساواة مع الرجل فى الحقوق التمثيلية، وطالبت بأن تحصل على حق الترشح والوصول للمناصب التى تستحقها، فإذا غابت المنافسة الشريفة مع كل العناصر الموجودة غاب جزء من استحقاق الوصول، وتحولت ساحة المنافسة إلى مجرد تنافس صغير بين مجموعة من النساء قد لا يبذلن جهدًا كبيرًا إذا لم يكن جميعًا قويات فى منافستهن، وهو أمر لم ترده النساء عام ١٩١٩م، ولم يطالب به قاسم أمين حين رسم صورته للمرأة الجديدة. 
يردنا النظر لمعنى كلمة «كوتا» إلى أصلها اللاتينى ووجودها الحالى فى اللغة الإنجليزية «Quota» يشير لنصيب كل تاجر وناقل بضائع من السلع المعروضة فى السوق، إذ بدأ المصطلح تجاريًا صرفًا، ثم انتقل للحياة السياسية معبرًا عن «الحصة النسبية» لكل فرد فى التمثيل السياسى أيًا كان محله، وللـ «كوتا» أو الـ «كوتة» فى اللغة العربية معنى يمكن إرجاعها له أيضًا، إذ إنها تشير فى العربية إلى «حشائش الأرض»، ومن هنا يعنى المثل المصرى «طفح الكوتة» أُطعم حشائش الأرض مقهورًا ومجبرًا، وقد تسرى من ذلك على توزيع تلك الحشائش بشكل أو بآخر بين المصريين، وفى كل الأحوال تشير الكلمة لقطعة من المصالح أيًا كان محلها يتم توزيعها.
فى كل الأحوال لا يمكن تحدى احتياجات المجتمع التى أصبحت تريد رؤية امرأة فى كل مكان، ولا متطلبات المجتمع الدولى التى صارت مصابة بحالة من الارتياب الدائم عند التعامل مع مجموعات خالية من النساء، خوفًا من أن يكون غيابهن قسريًا، أو أن تصبح تلك المجموعات غير ممثلة للمجتمع نتيجة لغياب أحد عناصره عنها، ومن هنا تعالت بعض الأصوات بأن هذه المجموعات يجب أن تظل مشكلة بطريقة «كوتا» لحين انتشار وتفعيل ثقافة مجتمعية تحقق لكافة الفئات تواجدًا قائمًا على القدرة على استخدام الحقوق والوصول للتمثيل الحقيقى عن طريق هذا الاستخدام، وهو أمر تعمل عليه كل الدول الآن كل حسب استراتيجية خاصة به تتلاءم مع طبيعة تقاليده ومراحل تطوره فى المجالات المختلفة.