السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

فانوس البرتقال.. "في ليلتك يا بلابيصا حنو العصفور"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«وحوى يا وحوى» تلك الأغنية التى يتغنى بها الأطفال فى كل عام مع حلول شهر رمضان، حاملين فى أيديهم الفوانيس ويرجح بعض المؤرخين أن هذه الأغنية تعود للعصر الفرعونى والنص الأصلى للأغنية هو «قاح وى واح وى إحع» وترجمتها باللغة العربية «أشرقت أشرقت يا قمر»، وتكرار الكلمة فى اللغة المصرية القديمة يعنى التعجب.
ويقول هنا المهندس ماجد الراهب، رئيس جمعية المحافظة على التراث المصري، عن الارتباط الوثيق ما بين المسيحيين والمسلمين فى الكثير من العادات والتقاليد، المستمرة عبر العصور المختلفة، والتى لا يستطيع أى شخص إنكارها.
وفكرة «الفانوس» لدى الأقباط تعود لليلة عيد الغطاس التى تحل فى ١٩ يناير من كل عام، وهذا التوقيت ثابت ولا يتغير من عام لعام، مضيفًا نحن نعلم شدة البرد القارس فى هذا التوقيت من العام، وبالرجوع إلى ما ذكره المؤرخون، فإن الأقباط كانوا يحتفلون بعيد الغطاس على ضفاف نهر النيل، وكانوا يستعملون الفوانيس للإنارة، فى ليلة عيد الغطاس، وكان الكهنة والرهبان يأتون ويغطسون الصلبان فى المياه، ويقيمون الصلوات.
والاحتفال لم يكن يقتصر على كبار السن فقط، ولكن الأطفال كانوا يشاركون، ومن أهم ما سجله التاريخ تلك الأغانى التى كانوا يتلونها ومنها، تلك الأغنية الشهيرة التى تقول كلماتها: «ليلتك يا بلابيصا ليلة هنا وسرور.. وفى ليلتك يا بلابيصا حنو العصفور» وهي، أغنية قديمة للأطفال كانت تتغنى، وهم يحملون فى أيديهم «البلابيصا»، و«البلابيصا» عبارة عن قشر خارجى لثمرة «البرتقال» أو «اليوسفي» بداخلها شمعة مضيئة، ومحفور على القشرة صليب مفرغ، ويبدع شباب الكنائس ببورسعيد وفى الوجه البحرى عمومًا فى عمل «البلابيصا».
و«البلابيصا» تعد من المظاهر الاحتفالية التى ما زالت حتى الآن ومتصلة بعيد الغطاس المجيد، وأشار إلى أن الكلمة «البلابيصا» هيروغليفية الأصل وتعنى «الشموع»، والتى هى أساس الاحتفال فى محافظات الصعيد، خاصة الأقصر وقنا، وارتبط الاحتفال بموسم حصاد البرتقال، فكانت المنازل تتزين بفانوس «البلابيصا» يشع منها ضوء الشموع.
وعن طريقة عمل البلابيصا؛ يتم قطع رأس ثمرة البرتقال، ويفضل أن يكون حجمها كبيرا، ثم عمل تجويف داخلها دون أن تتأذى القشرة الخارجية، حتى لا تتبقى أى مواد سائلة بها. ويتم وضع شمعة داخلها وتعليقها بثلاث سلاسل تزين بحبات المكرونة أو الخيوط الملونة، مع حفر شكل الصليب على القشرة وإشعالها حتى تنطلق رائحة البرتقال الذكية. 
وتعود فكرة فانوس البرتقال إلى الشهور الباردة من العام، والتى اعتاد المصريون خلالها الخروج ليلا للاحتفال بعيد الغطاس، حاملين المشاعل لتضىء الشوارع التى لم تكن قد عرفت الكهرباء والبنزين، فلجأوا إلى هذه الفكرة للطبيعة لتساعدهم فى الإضاءة للوصول إلى الطريق المناسب، وكان البرتقال أبرز ثمار هذا التوقيت من العام.
ومن البلابيصا إلى «فانوس رمضان»، الذى ظهر منذ يوم ١٥ رمضان ٣٦٢ هـجرية ٩٧٢ ميلادية، حين وصل المُعزّ لدين الله إلى مشارف القاهرة ليتخذها عاصمة لدولته، وخرج أهلها لاستقباله عند صحراء الجيزة، استقبلوه بالمشاعل والفوانيس وهتافات الترحيب.
وكانت تلك العادة مستخدمة منذ القديم فى الاحتفالات بعيد الغطاس، حيث كان المصلون يحملون فى أيديهم الفوانيس المصنوعة من قشور البرتقال لتضىء لهم الطريق للذهاب إلى الاستحمام ليلة عيد الغطاس. وتعود تلك العادة حيث احتفل المسيحيون بتناول البرتقال فى هذ اليوم لما له من علاقة سحرية لها طابع خاص وذكرى جميلة، وينتظر الأطفال عمل «فانوس البرتقال» للذهاب به إلى الكنيسة ليلة الاحتفال بعيد الغطاس، وهو إحياء ذكرى معمودية السيد المسيح فى نهر الأردن على أيدى يوحنا المعمدان والتى كانت فى ليلة عيد الغطاس