الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السلوك الإيراني والتخبط المستمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعبت إيران على امتداد تلقيها صفعات متتالية ودخولها أزمات سياسية عميقة فى رسم سيناريوهات متعددة للتعاطى مع كل الاختناقات الخارجة عن توقعاتها، وحاولت فعل المستحيل من أجل ألا تختل بوصلة توقعاتها وتمضى لما هو مريح ومناسب لها، ومربك ومستفز لمن هو حولها، حتى باتت كل أوراق لعبها مكشوفة عارية، وأصبح من الممكن التعويل على الحلفاء الذين كانت تأخذهم على محمل التناقضات، وتلاشت كل آمالها نتيجة سوء سلوك الدبلوماسية الإيرانية وارتدائها عباءة ليست لها، بل وتجاوزت ذلك لتكون «عرابة» التخريب وصانعة التأزيم والخطر فى العالم، واستمر فضولها الطافح بكل أنواع الكراهية والتطرف، ونما التطفل على الشئون الداخلية البحتة لبلدان الجوار، بما لم يعد فى خانة التحمل والقبول والتمرير.
عمدت طهران فى تحركاتها الملتوية إلى صب الزيت على نار الطائفية وصراعاتها المقيتة، لأنها تثق جدًا فى هذه النار، وأنها من أجمل ما يمكن أن تعبث به وتراهن عليه، مشروع الطائفية أهم مشروع لفريق الملالى، فهو المشروع الذى جعلها شيئًا طافيًا على السطح، وقادها لواجهة الضوء المزيف والتوترات وصناعة مشهد إسلامى محتقن بحروب دينية من فوق وتحت الطاولة المتشنجة دائمًا.
الموقف السعودى تجاه هذا الانفلات الإيرانى المتدرج والمسلسل المزعج على فترات متفاوتة كان موقفًا حتميًا ولازمًا، استدعته سياسة طهران حين حاولت بصفاقة مطلقة استثمار أى حدث وصياغته بما يخدمها وتظنه ممهدًا لتحركاتها ونفوذها وشعبيتها العائدة للخلف بالطبع ما دامت أساليبها هابطة ودليل حالة سياسية بالغة السفه والغرور، هذا الموقف السعودى لم يكن ليحظى بالدعم فى المحيط الإقليمى إلا لأنه يمثل شريحة كبيرة من المتذمرين من سياسات طهران والمتفقين على رغبة واحدة وأكيدة وهى «نتف» الريش و«قص» الأجنحة التى لم تعرف جيدًا ما هى الأجواء الصالحة للفرد والتجول، وأن الاستفزاز لم يعد ولن يعود صالحًا لأى علاقات مشتركة.
ما تمارسه إيران من تضليل لشعبها قبل تضليلها للشعوب ليس إلا مرارات مؤجلة التذوق، وإن واصلت تصدر مسرح الفتن والتأجيج والتصعيد فستجر المنطقة لويلات هى فى غنى عنها، وحرائق لن يكون إطفاؤها بالكيفية والسهولة ذاتها التى تم بها الإشعال.
السعودية لا تزال حاضرة بنَفَس طويل، والسعودية لم تمضِ إلا فى ما يحمى كيانها وشعبها بعيدًا عن أى صيد فى الماء العكر، ورغما عن أعداء وجدوا فى الشجاعة السعودية فرصة ومحاولة لاستفزازها.
السعودية مجددًا لن تمضى فى مستنقع التصعيد والمواجهة الصلبة، فغاية ما يمكن أن تنتظره من طهران أن تتراجع عن كونها تمثل الخنجر السام فى خاصرة الأمة كداعمة للإرهاب وحاضنة له، ومصفقة للتطرف أين ما كان مرسومًا بريشتها المكسورة، وأن تعمل من قبل ومن بعد فى طلاق الخيانة وممارسة مبادئ حسن الجوار والاستمتاع بالبناء والتعايش والسلام نيابة عن استمتاعها باحتضان الميليشيات ومضاجعة التطرف والغوص فى وحل الطائفية.
قد تكون المؤشرات غير مطمئنة على صعيد السلوك الإيرانى، ولكن يكفى أنها باتت المنتهك الرئيسى للقانون الدولى والمتدخل المزعج فى كل الشئون.
نقلًا عن «الحياة» اللندنية