الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حاولت قدر الإمكان منذ بداية شهر رمضان الكريم أن ابتعد فى كتابتى عن الموضوعات التى يراها القارئ ثقيلة الظل، فكتبت «رمضان جانا»، وباركت للجميع ودعوت للجميع واقترحت توجيه الزكاة إلى الصحة والتعليم ونظافة الشوارع، ولكن يموت المعلم ولا يتعلم، بعدها بأيام قليلة صدمتنا الرقابة الإدارية بخبر القبض على مافيا للفساد بوزارة التموين فأفسد الخبر صيام الناس وتهجدهم وخشوعهم، حيث هرش كل واحد قفاه، متسائلًا: آخرتها إيه مع الفاسدين؟
مصر ليست دولة فقيرة فى مواردها كما يحاول البعض أن يقنعنا منذ أربعين عامًا.. مصر تعانى من الفساد الممنهج وخفة القوانين والبلطجة البلدى الرخيصة، لذلك من المهم فى هذا الشهر الكريم أن نتضرع لله بدعواتنا أن يلهمنا ماكينة لمواجهة الفساد أشد وأقوى من الرقابة الإدارية التى لن تتمكن من الملاحقة فى طول البلاد وعرضها لضرب تلك الجرثومة التى تتوغل وتنتشر وكلها إصرار على نحت عظم هذا البلد.
وبمناسبة رمضان الكريم يقول لنا البعض إن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، ونحن نقول لهم بالبلدى الفصيح «مفيش دخان من غير نار» وحكاية المتهم البرىء هذه خاصة فى قضايا الفساد تحتاج سرعة إجراءات التقاضى حتى نتمكن من مواجهة مواطنينا لنقول لهم هذه هى بلادنا، وها هو القانون يأخذ مجراه على رقبة أى فاسد، فدولة القانون هى الهدف والمُرتجى من دولة 30 يونيو وبدون تكريس تلك الدولة المستهدفة قد يتراجع بعضنا قائلًا «يا ثورة ما تمت».
أعرف جيدًا أن شبكة الفساد التى تعتمد فى عملها على ضعف القوانين وثغراته سوف تواصل عملها بدأب ونشاط وأن تفكيك تلك الشبكة يحتاج معركة شاملة لا تقل أهمية عن المعركة التى تدور لاقتلاع الإرهاب، فالمعروف فنيًا هو أن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة.
بعض المتفائلين سعداء بضربات الرقابة الإدارية، بينما البعض الآخر يسأل عن مصير محافظ المنوفية الذى نزل من مكتبه بالكلابش، ويسأل عن قضية مجلس الدولة التى انتحر فيها أمين عام مجلس الدولة، نسأل عن تلك القضايا ومصيرها لنطمئن على مصير قضية فساد وزارة التموين، وفى القضية الأخيرة التى جاءت من وزارة التموين انتظرت أن يخرج علينا الوزير بتصريح من سطر واحد يقول فيه إن استقالته الآن موجودة على مكتب السيد رئيس الوزراء، وانتظرت أن يخرج علينا رئيس الحكومة ليؤكد لنا أن مواجهة الفساد يعتبر ركيزة أساسية لضمان نجاح خطط التنمية وأنه لا تراجع عن تلك المواجهة.
انتظرت ولم يقل أحدهما شيئًا، فصار الخوف مشروعًا، الخوف على القضايا الكبرى المنظورة الآن أمام القضاء وألاعيب محامى بير السلم، والخوف على منهجية المواجهة وتواصلها واستمرارها، فلا يوجد أخطر من الإحباط الذى قد يصيب المواطن إذا ما أحس بأن المال العام مشاع بيد حفنة من اللصوص، بينما يدفع هو كل فواتير الإصلاح الاقتصادى وانعكاس ذلك على معيشته.