السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محصلناش الراقصات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلنا شاهدنا فيلم «خلى بالك من زوزو» بطولة الراحلة سعاد حسني، عندما كانت صباحا طالبة فى كلية الآداب ومساء «عالمة» أو راقصة فى شارع محمد علي.
فى أحد المشاهد يصل ريجيسير أو وكيل فنانين للاتفاق معها ووالدتها تحية كاريوكا على إحياء فرح، تنهض كاريوكا لتنقر على باب ابنتها لتخرج لمقابلة الريجيسير وقبض العربون.. وقالت جملة غريبة «شدى الروب يا زوزو»، أى أن الراقصة التى يشاهدها الناس عارية فى الكباريه ينبغى أن تكون محتشمة فى منزلها.
خصوصية عجيبة، فما يراه الناس من جسدها هو عملها، أما منزلها فهى تتصرف فيه كأيّ بنت شريفة تحترم الأصول ولا تظهر متبرجة أمام أيّ غريب.
مناسبة هذا الكلام هو انعدام الخصوصية فى حياتنا بسبب الفيسبوك والتويتر والأنستغرام والواتس أب.. هذه التكنولوجيا استفدنا منها فى جانبها السيئ فقط، حيث فقدنا خصوصيتنا، أصبحنا مكشوفين أمام الآخرين، فالآن يمكن أن نتعرف على عائلة بأكملها بشبابها وفتياتها وصورهم وأفلامهم، وحتى وجباتهم دون أن يعلموا أن كلا منهم مكشوف للدنيا كلها.
الفيس والأنستغرام والواتس أب تحولت فى حقيقة الأمر إلى تحرش إلكتروني، فالآن من الممكن أن تجد جميع أفراد الأسرة يجلسون معا، أقصد فى نفس المكان، ولكنهم كالغرباء لا يعرفون بعضا، وإذا نظرت إلى وجوههم تغرق من الضحك، وشر البلية ما يضحك، منهم من يبتسم ومنهم من هو مستاء ومنهم من هو مذهول، ومنهم من لا توجد على وجهه أيّ علامة لأيّ شيء على الإطلاق.. ولماذا؟ لأن كلا منهم يمسك بجهاز التليفون الخاص به، ويرى ويسمع ما لا يراه أو يسمعه الآخرون من حوله!
لقد أصبحنا نعيش فى فقاعة صابون هشة، صحيح أن هناك بعض العقلاء يتجنبون مساوئ الفيسبوك وخلافه ويتفرجون فقط، لكنهم قلة ضئيلة، أما المصيبة الكبرى فذلك المسمى الواتس أب، وهو رسائل مجانية لا تقتصر مصائبها فى الرسالة وتوقيتها ومتى قرئت، ولكن فى عدد المشتركين والمجموعات، وهم تقريبا كل من تحتفظ برقمه، فتجد نفسك فى النهاية قد استقبلت عددا لا بأس به من رسائل أحيانا ما تكون خارجة بالكلمة أو بالصورة.
والمصيبة أنك تستقبلها صوتا وصورة، وهو ما جعل كثيرا من أصدقائى يلغون الصوت فى تليفوناتهم.. المصيبة أن كثيرا من الأصدقاء لهم أسماء مستعارة فلا تعرف عدوا من صديق، وكثيرا ما تتلقى المكالمة وأنت جالس «على راحتك» فى المنزل، فتفاجأ بمن يقول لك «أنت كاتب اسمك على البوكسر!».
يا نهار أسود ومهبب، لقد ضاعت أخلاقنا وانتهكت خصوصيتنا وأصبحت الراقصات أفضل منا!