السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

ابن رشد.. قمة النضوج الفلسفي العربي

ابن رشد
ابن رشد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتبر أبو الوليد ابن رشد قمة هرم النضوج الفلسفي في تاريخ الثقافة العربية والإسلامية، تصدى بشجاعة لمحاولات التكفير التي طالت الفلاسفة في عصره، وتعرض للهجوم والنفي، دخل في صراعات فكرية مع الإمام أبي حامد الغزالي، وكانت له مقابلة مشهورة مع المتصوف الأكبر محيي الدين ابن عربي أثنى فيها كل منهما على تحصيل المعرفة لدى الآخر.
ابن رشد، والذي تحل ذكرى ميلاده اليوم السبت، حيث ولد عام 520 ه /1126م في قرطبة بالأندلس، نشأ في أسرة وجيهة، درس الفقه على المذهب المالكي، وحفظ موطأ الإمام مالك، كما درس الأدب والشعر وعرف ديوان المتنبي، وطالع كتابات الفلاسفة أمثال ابن سينا والفارابي وعرف نظريات أفلاطون وأرسطو، قدمه الفيلسوف ابن طفيل لأبي يعقوب الموحدي، عين طبيبا ثم قاضيا، وكانت معرفته موسوعية شملت العديد من ألوان العلوم والثقافات. 
طلب منه الخليفة الموحدي أن يترجم ويفسر نظريات الفيلسوف القديم أرسطو، ولقد كتب في أربعة أقسام هامة لحركة الثقافة العربية والإسلامية: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، كتب أدبية ولغوية، واشتهر بشرح التراث الأرسطي، ومن شروحاته لأرسطو: تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة "الميتافيزياء"، شرح كتاب البرهان "الأورجنون"، تلخيص كتاب المقولات "قاطيفورياس"، شرح كتاب النفس، شرح كتاب القياس. وله مقالات كثيرة ومنها: مقالة في العقل. مقالة في القياس، مقالة في اتصال العقل المفارق بالإنسان. مقالة في حركة الفلك. مقالة في القياس الشرطي، وله كتب أشهرها: كتاب "مناهج الأدلة"، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية، كتاب "تهافت التهافت" الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه "تهافت الفلاسفة"، كتاب "الكليات"، كتاب "الحيوان"، كتاب "المسائل" في الحكمة، كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في الفقه، كتاب "جوامع كتب أرسطاطاليس" في الطبيعيات والإلهيات. كتاب "شرح أرجوزة ابن سينا" في الطب.‏
طرح في كتابه الشهير "فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال" قضية أصيلة عالجها منذ ظهورها الأول وهي قضية التعارض الناشيء بين الدين والفلسفة فنفى ذلك التعارض وأثبت توافق الشريعة مع صحيح الفكر الفلسفي المستقيم، مستعينا بقدرته الجدلية والفلسفية البرهانية الرائعة التي كان يتمتع بها.
كان جريئا في نشر أفكاره التنويرية التي كانت مثيرة للجدل في زمنه فتحدث عن الإجماع الفقهي وكيفه خرق الإجماع برأي الفيلسوف والمجتهد الواحد، وعارض فكر الغزالي في تكفير الفلاسفة حين أولوا بعض آيات القرآن التي تتعلق بالحديث عن قدم الزمان والمكان، كما حرص على نقل المعارف الفلسفية من الثقافات الأخرى للعربية مما أثار انزعاج التقليديين فوشوا به عند الخلفية بعد موجة اتهامات تعرض لها، فأبعده الخليفة أبو يوسف إلى مراكش، ثم عفى عنه، فلم يتمكن بعد تلك المحنة من مواصلة الحياة، وقد توفي عام 595 هـ/1198م.