السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بداية عصر التنوير وتعليم الفتيات.. مطبعة ومدرستان للطلاب المسلمين والأقباط

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رُسم الراهب داود، مطرانا عاما فى يوم ١٧ أبريل ١٨٥٣، على أساس أنه إذا أثبت كفاءة تتم ترقيته إلى منصب الأب البطريرك، وتمت بالفعل سيامته بطريركا باسم «كيرلس الرابع»، وكان ذلك فى يوم الأحد ٤ يونيو ١٨٥٤ لتبدأ الكنيسة القبطية عصرا جديدا من النهضة والإصلاح. وكان من باكورة قراراته الإصلاحية ضرورة إنشاء مدرسة لتعليم الأولاد، فاشترى عدة منازل قديمة وهدمها، ثم أقام مكانها مدرسة شهيرة ذاع صيتها فى جميع أنحاء البلاد، وفتحها للطلبة أجمعين مسلمين وأقباطا، وكانت هذه المدرسة تعلم اللغات العربية والقبطية والتركية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية، بالإضافة إلى علوم الحساب والجغرافيا، كما طالب بتوزيع الكتب والأدوات المدرسية مجانا.
أول مدرسة لتعليم الفتيات
وجنبًا إلى جنب مع اهتمامه بتعليم البنين، اهتم أيضًا البابا كيرلس بتعليم الفتيات، إذ رأى البابا آنذاك أن المرأة المصرية محرومة مما يرقى شعورها وينهض بحالها، فأراد أن يُحسن حالها ويرفع شأنها ويرتقى بها كلية. فأنشأ مدرسة فى حى الأزبكية لتعليم البنات، فكانت بذلك أول مدرسة أنشئت لتعليم البنات فى مصر، ثم أنشأ مدرستين فى حارة السقايين، واحدة للبنين وأخرى للبنات، كما ألحق بهما كنيسة على اسم الملاك غبريال فى حارة السقايين، وكان يحرص على زيارة المدرستين بنفسه مرة كل أسبوعين على الأقل، كما أنشأ أيضا مدرسة فى المنصورة، ولكنها أغلقت بعد وفاته. ولقد تخرج من مدرسة الأقباط هذه العديد من الرموز الوطنية الكبرى منها «بطرس غالي» و«يوسف وهبى» و«عبد الخالق ثروت» و«حسين رشدى باشا» رئيس وفد مصر إلى المؤتمر البرلمانى الدولى المنعقد فى باريس فى أغسطس ١٩٢٧، ضمن خريجيها مئات من الأقباط الذين سيكونون النخبة القبطية، من أمثال الأديب ميخائيل عبد السيد، المؤرخ يعقوب نخلة روفيلة، ومعلم القبطية عريان مفتاح، وقلينى فهمى باشا.
شراء مطبعة
فكر البابا كيرلس الرابع فى شراء مطبعة حتى يتيسر للأقباط طباعة الكتب الكنسية بدلًا من الكتب المخطوطة، فأوفد أربعة من شباب الأقباط إلى المطبعة الأميرية ببولاق ليتعلموا فن صف الحروف، كما كلف الخواجة رفلة عبيد بشراء المطبعة وأدوات الطباعة من أوروبا، فأرسل البطريرك رسالة إلى وكيل البطريركية بالقاهرة يطلب منه استقبال المطبعة بموكب حافل يليق بالمكانة العلمية التى سترتقى بها المطبعة بالأمة القبطية، وبالفعل ارتدى الكهنة ملابس الخدمة، وأنشد التلاميذ أناشيد الفرح. كما اهتم البابا كيرلس الرابع بأهمية الكتب والمكتبة، فأمر بتنظيم المكتبة بالدار البطريركية، جمع فيها جميع كنوز ومخطوطات الأديرة والكنائس القديمة.
كما حرص على عودة الكتابة بالتاريخ القبطى الذى كان قد أبطل استعماله إلا فى الزراعة، ولكن فى أيام البطريرك الـ١١٠ أعيد استعماله مرة أخرى اعتبارا من يوم ٧ يوليو ١٨٥٥، وبقى التاريخ القبطى مستخدمًا حتى ١ سبتمبر ١٨٧٥م، حيث أبدل بالتاريخ الميلادى الغربى المستعمل حاليا إلى جانب التاريخ القبطى والتاريخ الهجري.
نهضة اللغة القبطية
أما عن نهضته باللغة القبطية؛ فقد آمن البابا كيرلس الرابع بأهمية اللغة القبطية، باعتبارها الحلقة الرابعة فى سلسة تطور اللغة المصرية (الهيروغليفية- الهيراتيكية- الديموطيقية- القبطية) فكتب منشورا يحث فيه الأقباط على التبرع لبناء معهد علمى لتعليم اللغة القبطية، وذكر فى هذا المنشور الجهود التى بذلها العلماء الأجانب وعقد مقارنة بين اهتمام الأجانب وإتقانهم لها وبين عدم قدرة الأقباط على فهمها، كما كان البابا كيرلس يزيد من مرتبات الكهنة الذين يتقنون الصلاة باللغة القبطية، ولقد ظهرت مشكلة كبرى فى عهده، إذ تعددت اللهجات التى يصلى بها الكهنة، ما أدى إلى حدوث نوع من البلبلة بين الشعب، فكلف البابا كيرلس الرابع المعلم عريان أفندى جرجس مفتاح مدرس اللغة القبطية بتدارك هذا الأمر، فاستعان بمدرس اللغة اليونانية بمدرسة العبيدية فى ضبط النطق بالرجوع إلى أصولها اليونانية، ثم بدأ بعد ذلك فى تدريس اللغة القبطية بمدرسة الأقباط على نمط اللغات الأوروبية الحديثة.
اللغات الأجنبية
اهتم البابا كيرلس الرابع بتعليم تلاميذ مدارسه اللغتين الإنجليزية والإيطالية، ويفسر المؤرخ جرجس فيلوثاؤس عوض، وهو أول من أطلق لقب «أبو الإصلاح» على البابا كيرلس الرابع اهتمام البابا كيرلس بذلك، بأن اللغة الإنجليزية كانت لغة البعثات الأمريكية والتى كانت تهتم بتعليم الإنجليزية، فهو أراد بتعليمها أن تكون مدارسه جامعة، أما اللغة الإيطالية فلأنها كانت لغة التجارة فى ذلك العهد. بالإضافة إلى اهتمامه بتعليم اللغتين القبطية والعربية. فقد كتب البابا كيرلس الرابع عندما كان مطرانًا منشورًا يحث فيه الأقباط على التبرع لبناء معهد علمي، موضحًا أهمية المشروع بأن ذكرهم بحالة الضعف التى وصلت إليها اللغة القبطية، وعقد مقارنة بين اهتمام الأجانب بها وإتقانهم لها.